أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حكاية سورية أو حكاية كل زمان و مكان... مازن كم الماز

أحرق المجرم بلدي، قتل أهلي، كل كلام العزاء لا معنى له .. أما من يملك القدرة على مواصلة الثرثرة وسط هذه المجزرة، من يملك أن يردد عبارات العزاء و يبشر بنصر قادم بينما لم تلوث ملابسه بدماء الضحايا فهو بلا شك كائن ناقص الإنسانية، في أفضل الأحوال .. دائما يعود ذات السؤال بنفس السذاجة و الغباء، هل تستحق السلطة كل هذا الموت، كل هذا اللحم و الدم، كل هذا البكاء، و في كل مرة يأتي الجواب بنعم، نعم مكتوبة و مدموغة بدماء آلاف الفقراء و آلامهم ..

 من أجل هذا الكرسي، من أجل الدولة، من أجل استعباد الآخرين، اخترع السادة و مارسوا كل أنواع الجرائم و الأكاذيب منذ فجر التاريخ .. عشرة آلاف سنة و الفقراء يموتون و يجوعون و يذبحون من أجل مجد السادة .. اخترعت كل أنواع الأكاذيب : آلهة، أصنام، أديان، إلحاد، إيديولوجيات، أصنام، أمناء عامين، مرشد أعلى، مراقب عام، قائد فذ، حزب حاكم، شريعة، شرعية الخ الخ، كذب السادة مليون كذبة و ارتبكوا ملايين الجرائم فقط من أجل السلطة، من أجل استعبادنا، ليحولوا العالم، أو ليحافظوا عليه، سجنا كبيرا، حتى الكون نفسه، صوروه على أنه أبو زعبل أو أبو غريب كبير، فرن غاز كبير، يتسع لنا جميعا .. هكذا يصور السادة الوضع: إما العبودية و إما الهولوكوست، الدنيوي و الأبدي .. الحقيقة أن هذه الدولة ستقضي علينا يوما ما، يوما ما لن يكون أمامنا إلا خيار واحد : إما أن نقضي عليها أو تقضي علينا جميعا، فزوالها يعني بالنسبة للسادة نهاية العالم، و جميع السادة يعتقدون بأن من حقهم إرسالنا جميعا إلى الجحيم، لا يختلف في هذا الأسد "العلماني" عن مرسي "الإخواني"، و لا ستالين عن جورج دبليو بوش .. يسقط الجميع، يسقط الجميع دون أي استثناء، إلا طفل ما زال يرفض أن يموت، و أكثر ما يغضبني من نفسي و يشعرني بتفاهة وجودي هو أن أتاجر أنا أيضا بدمه كما يفعل الآخرون .. للثورة وجه آخر متوحش، سرطاني، قاتل، لا إنساني : هو التسول و التجارة بدماء البشر، هذان مرضان قاتلان بلا شك لإنسانية أي منا، و من يصبح اعتياده و ممارسته لهما شيئا مزمنا يحكم عليه بلا شك بالانحطاط لدرجة تقارب درجة المجرم نفسه، بشار الأسد، هكذا يولد الطغاة، هكذا ينجب الطغاة طغاة جدد .. يزعجني و يؤلمني أن لا أجد في يدي دفاعا عن إنسانيتي، عن حريتي، و حرية كل منا، سوى بعض الشتائم و زجاجة مولوتوف، و حلم بأن أنتزع، أو أن ينتزع إنسان ما في مكان ما و زمان ما، حريته من هذا العالم الفاجر .. أيها السادة، يا كل السادة، كما تستبيحون كل شيء لتبقوني عبدا، فإن كل شيء مباح عندي لكي أنتزع حريتي، فاحذروني أنا الأناركي، كفروا و اقتلوا و اسحلوا، فلن أعترف بكم أبدا كسادة بل فقط كسجانين و لن أعترف بهذا العالم الذي لا يعترف بإنسانيتي و حريتي إلا كسجن سأبقى أناضل و أحلم دائما بأن أحطم قضبانه مرة واحدة و إلى الأبد.


(101)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي