أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تعددة الهويات و"البرد" واحد... "زمان الوصل" تستعرض "أزمات" المال الإغاثي للاجئين في بالأردن

بارتفاع الأعداد المتزايدة للاجئين المقيمين في عموم المدن الأردنية ومخيماتها بدءاً من الأشهر ببؤسه "الزعتري" والسايبر سيتي والحدائق، تبرز أزمات متتالية وأسئلة يومية حول المال الإغاثي وقدرته على تحقيق حالة الاكتفاء بحدوده الدنيا للاجئ، فيما ترتفع بالتوازي مع غياب أية منهجية لهذا المال وتعدد هوياته وأشخاصه اتهامات تصل لحد التخوين وسرقة كثير منه لصالح أشخاص ومنظمات.

وتبدو قضية الخوض في هذا المال واحدة من الإشكاليات الأكثر حضوراً لتصل لأبرز المؤسسات السورية الناشئة بفعل الحاجة لتمثيل الشارع السوري وثورته في الخارج.

إغاثة الداخل انتحار
لكن المؤكد والمتفق عليه أن حجم الكارثة ومفاعيلها اليومية هي السبب الأوضح إذ تبدو خيارات المال متفرقة لدرجة التضاد، تبدأ من الحاجة لدعم مدن الداخل السوري والتي يصيبها عداد الموت بشكل لحظاتي وشامل وتغيب معه القدرة على تحقيق النجدة المطلوبة أمام منهجية معتمدة من النظام السوري بتطبيق كامل الخناق والحصار و إفقار المدن السورية والمواطن وتجزئة المجزأ وتقسيم الحي الواحد، وهو ما يضاعف الاتهامات حول المال الإغاثي أمام استصراخ ووجع لا ينتهي في الداخل السوري. كما شكّل غياب أي عمل مؤسساتي قادر على الإعلان عن نفسه أمام الهجمات الأمنية للنظام السوري محفزاً إضافياً لمثل ديمومة تهم سرقة أموال الإغاثة فاللجان المشكّلة سريعاً وبضغط من الحاجة سرعان ما تلتهمها السجون السورية، أو يغيبها الموت المتواصل بفعل الطلعات الحربية والقصف المدفعي، وبأفضل الأحوال اختيار اللجوء القسري في مدن أخرى أو عواصم عربية مجاورة.

الأردن....تعا و لا تجي
و لا تختلف صورة أزمة الداخل السوري عن معطيات الخارج سواء في المخيمات أو في خارجها، وتبدو الصورة أكثر قساوة مع استمرار أسئلة المانح عن المال الممنوح وطرق توزيعه واحتياجات اللاجئ التي تلتهم حجم المال القادم، سيما في بلد مستضيف كالأردن تبدو قائمة أسعاره ملتهبة وخلقت حراكاً من شارعه بفعل صعوبة التكيف مع الواقع الاقتصادي لديهم.

هنا تبدو قراءة المال الإغاثي أقرب للواقعية إذا سيرت بقراءة مزدوجة مقرونة باحتياجات اللاجئ وحاجته إلى المأكل والملبس والسكن وحتى ماء الشرب الذي يحتاج لموازنة شهرية إذ يصل سعر  كالون الماء  إلى ما يقارب دولار وربع في العاصمة عمان، فيما الاحتياجات الأخرى والتي تبدو بميزانية المانح ترفيهية فيما هي أساسية في قائمة اللاجئ السوري والذي ما تزال مفاعيل الثورة ويومياتها أبرز قضاياه.
هنا يمكن أن نتحدث عن الحاجة للتواصل مع الداخل عبر الاتصالات والمشاركة في أي نشاط سياسي سواء كان تجمعات أو مظاهرات وصولاً لحضور ندوات سياسية عبر تلفزة الثورة الحاضرة في العاصمة الأردنية عمان.

وإذا كان الهم المعيشي هو أحد أبواب هذه الأزمة وولوجها فإن غياب ــ أيضاًــ أية تنظيمات تواكب الأزمة وتدير تفاصيلها هو لبّ القضية، إذ لم توافق الحكومة الأردنية منذ بداية وصول أولى قوافل اللاجئين السوريين على منح أية موافقات رسمية بإحداث هيئات سورية تدير أياً من أنواع العمل العام، سواء الإغاثي منه أم السياسي وتكتفي بغض إحدى عيونها بما يشي أنها موافقة وغير موافقة بنفس السياق، وهو ما يعني أن أي مال يمكن أن يكون محل شبهة، وطريقة إيصاله لمستحقيه ستدخل في متاهات أو طرق ستضيع الكثير منه، إضافة إلى أن المؤسسات الأردنية القائمة منها وتحديداً الجمعيات الخيرية لم يسبق لها أن مارست تجربة بهذا الحجم الكارثي سواء لحجم الأعداد والأسر واحتياجاتها أم لجهة توسع عملها بما يحيط بأماكن الإيواء، وهو ما ساعد على انتشار شائعات خصبة حول احتيال بعض اللاجئين على الجمعيات وتسجيل الاسم في أكثر من جمعية وبيع بعض ما تمنحه في السوق السوداء لسد الثغرات الأخرى التي لا تغطيها الجمعيات.

رضينا باللجوء و لم يرضَ بنا
وللتدليل أكثر على حالة الخلل المؤسساتيه وليس الفرديه من اللاجئ فإن وصول الأسر الراغبة اليوم إلى هيئة المفوضية التابعة للأمم المتحدة للتسجيل والاستفادة من بعض خدماتها سواء الطبية أو التعليمية أو المالية يحتاج في الحد الأدنى لأكثر من /5/ أشهر للحصول على بطاقة لاجئ فيما تغلق الهيئات الدولية الأخرى أبوابها بوجه القادم سواء منها الصليب الأحمر أم الهلال الأحمر، إضافة لأبواب الهيئات الدبلوماسية المغلقة، والتي تقصد بهدف اللجوء الخارجي وهو ما يؤكد أن الإشكالية ليست في المال الإغاثي بقدر ما هي إشكالية المجتمع الدولي مع الثورة السورية بكل تفاصيلها.

وسبق أن أغلقت إحدى المشافي الأردنية أبوابها بوجه الجرحى السوريين جراء تأخر دفع الفواتير المالية من إحدى الدول المانحة، وهو ما يؤكد ذات الإشكالية وبنفس الوقت يكبّل المال الإغاثي الذي توجه حينها ليسد هذه الثغرة الموجعة وغير القابلة للتاخير.

رجل الأعمال الرمادي
بعض المال الإغاثي ما زال يأخذ صيغة الفردية ويعبر عن رغبته بعدم إبراز هويته لأسباب يعتبرها أمنية، تتعلق بباقي أسرته المتواجدين على الأراضي السورية، وهو ما ينطبق على غالبية رجال الأعمال السوريين فيما تتحدث الأبواق المحيطة بهم عن دعمهم السري لكتائب الجيش السوري الحر، وهو ما يثير استفزاز هوية بعض المتبرعين الأفراد خصوصاً في الدول الخليجية معتبرين أن رجالات الأعمال السوريين أوجب بالدعم منهم للاجئين.

إشكالية المال الإغاثي في جانبه الأول والأخير هي إشكالية المجتمع الدولي المتراخي حيناً والمتآمر أحياناً والراضي غالباً بالقتل الدموي الذي يمارسه نظام الأسد ،ومن يقبل بحضور كل صورهذه المجازر الدموية بحق الأطفال والبيوت والمدن السورية فإن المال الإغاثي وماهيته ووصوله هي قضية ترفيهية بالنسبة له لا تعنيه في كثيرها وإن أبرز اهتماماً في قليلها لتبدو الصورة الحاضرة هي تهم تبدأ ولا تعرف حدود نهايتها جراء رغبة المانحين إلهاء اللاجئين بهموم تبدأ بلقم الطعام ولا تنتهي بالحصول على البطانيات التي لا تدرأ برداً ولا زمهريراً.

محمد المقداد - عمان (الأردن) - زمان الوصل
(141)    هل أعجبتك المقالة (101)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي