لطالما أثار تقسيم المدينة إلى شطرين، آمن وغير آمن، محاصر وغير محاصر، جدلاً في صفوف المدنيين، النازحين منهم وأهل الأحياء الأصليين، عدا عن النقاشات الحادة التي يشهدها هذا الموضوع في صفوف ناشطي وإعلاميي المدينة.
دائماً ما يروّج النظام أن الأحياء التي تستوعب النازحين واللاجئين هي أحياء آمنة لخلق شعور لدى الناس أن أيّ حراك ثوري سيدخلها في نطاق الأحياء اللاآمنة وبالتالي ستتعرض إلى القصف والدمار وربما تهجير جديد، وهذه المرة إلى خارج حمص.
وقد ساهم الترويج لنظرية الأحياء الآمنة بمساعدة النظام في فرض سيطرته على تلك الأحياء بشكل مطلق نظراً للهدوء الثوري الذي بات سمتها، فاستطاع تقسيمها إلى (كانتونات) محاطة بالحواجز من كل حدب وصوب، عدا عن الحواجز الطيّارة داخلها، والاقتحامات الدائمة والاعتقالات العشوائية وغير العشوائية التي تتم بشكل يومي.
التصعيد السلمي خطوة أولى
سقطت نظرية المناطق الآمنة نهائياً في عقول أهل حمص بعد التفجير الأخير في حي الحمرا الذي ارتقى من خلاله عدد كبير من الشهداء، كما سقطت المخاوف التي زرعها النظام لإخماد الحراك الثوري على الأرض، وظهر جلياً أن روح الثورة حيّة في قلوب الحمامصة، فمظاهرة الغضب التي أعقبت التفجير ومن ثم التشييع الكبير للشهداء وعدد آخر من المظاهرات الطيارة، إضافة إلى الإضراب العام الذي حقق نجاحاً لافتاً في الأحياء (الآمنة)، أظهر تحولاً جذرياً للواقع على الأرض.
لم يكن تفجير الحمرا هو العمل الاستفزازي الأول للنظام في هذه الأحياء، لكنه بالتأكيد المفصلي، فقد سبقه الكثير من الأعمال الاستفزازية منها ضربه لقذائف الهاون على حي الوعر ومحاصرة الوعر القديم لعدة أيام وغيره الكثير من الأعمال المعتادة عليه.
كل ذلك كان يقابل بضبط نفس كبير من قبل أهل حمص، لكن همجية التفجير الأخير قلبت المعادلة، فلم يعد لضبط النفس مكاناً في صدور الأهالي فكان التصعيد الثوري السلمي هو الخطوة الأولى .. وربما لن تكون الأخيرة.
عمر نجم الدين - حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية