ما معنى تكريد اسمي مدينتي رأس العين وعفرين السوريتين ؟

مصطلحات مثل 'كردستان سوريا' و'كردستان الغربية' و'غرب كردستان' تسيء إلى اللحمة التاريخية بين عرب الجزيرة وأكرادها.
منذ أحداث القامشلي الأخيرة، وأنا أتابع باهتمام أكثر من قبل الخطاب الكردي السوري وما يكتبه المثقفون الأكراد، وخصوصاً السوريين منهم، ولاحظت أن هؤلاء الكتاب قاموا بخداع المثقفين السوريين بسبب جهلهم لتاريخ شمال شرقي سوريا، وأقنع الأكراد عدداً لا بأس به من النخب السورية بأن الحكومات السورية قامت بتعريب أسماء بعض المدن، وهذا غير صحيح. ويلجأ بعض الأكراد للكذب على السوريين الذين لا يعرفون تاريخ منطقة الجزيرة، من خلال تزوير تاريخ بلدنا، وتكريد أسماء المدن المهمة في الجزيرة السورية، فمثلاً، يقوم معظم الأكراد بتكريد اسم مدينة رأس العين السورية، الذي ترجم من لغة سوريا القديمة السريانية الآرامية (ريش عينا) إلى الاسم الكردي الجديد للمدينة (سري كاني)، ويحاول أن يقنع الأكراد السوريين بحقائق غير صحيحة تحت عنوان التعريب، مع العلم أن اسم رأس العين السوري مذكور في كتب الرحالة العرب من أمثال ياقوت الحموي وغيره، ولمن يرغب في التأكد من قولنا هذا فليراجع كتب التاريخ وليتعرف على مدى التزوير الذي تمارسه بعض المواقع الكردية تجاه هويتنا وأسمائنا السورية، فالأكراد يحاولون كذلك تكريد اسم مدينة عفرين (بالقرب من حلب) التي هي تسمية سورية أصيلة، وتعني التراب بلغة سوريا القديمة، فيكردونها إلى التسمية الكردية (كرداغ)، ووجود الأكراد في عفرين يعود إلى القرنين الأخيرين، وجاؤوا من تركيا إلى منطقة حلب وريفها هرباً من الأتراك.
أقول رغم تضامني مع نيل الأكراد لحقوقهم الثقافية والإدارية والسياسية، ولكن علينا في الوقت ذاته التوقف عند بعض طروحاتهم المتطرفة التي تهدف إلى تكريد مناطق ومدن هي سورية رحبت بالأكراد المستقرين فيها إلى يومنا هذا. فالجزيرة السورية وبحسب معظم مواقع الأكراد الإنترنتية ومنشوراتهم الحزبية، تكردت إلى (كردستان سوريا)، مما يعني أنهم يعملون في الخفاء (إذا ما سمح لهم الوضع الدولي) على اغتصاب جزء مهم من الأرض السورية، كما فعلت قبلهما كل من تركيا وإسرائيل. والأكراد يقنعون شبيبتهم بأن منطقة شمالي سوريا هي أرض كردية منذ الأزل، وهذا أيضاً غير صحيح، لأن الأكراد شعب هاجر من إيران إلى تركيا أولاً، ثم جاء من تركيا إلى سوريا ثانياً. وهناك حقيقة مهمة نود تسليط الضوء عليها، وهي أن وجود الأكراد في مدن مثل دمشق وإدلب وحلب هو أقدم من وجودهم في الجزيرة، ومع هذا فهم لا يتجرؤون للمطالبة بضم دمشق إلى كردستانهم، لأن عامل الجغرافية لا يساعدهم، لحسن حظ الدمشقيين طبعاً.
ولكن علينا الإقرار بأن السلطات السورية في العقود الأربعة الماضية قامت بتعريب بعض أسماء القرى الكردية الحديثة التي بنيت إثر تزايد أعداد النازحين الأكراد من تركيا، مع التأكيد هنا أن السوريين لم يعربوا أي اسم للمدن الجزراوية التاريخية، التي هي بالأصل أسماء سورية وليست كردية مثل: الرقا، دير الزور، عامودا، رأس العين وديريك وغيرها، أما اسم مدينة القامشلي فهو اسم تركي وليس كردياً، والقامشلي بالأساس هي امتداد لمدينة نصيبين السورية المحتلة. إذاً، لا توجد ولا مدينة تاريخية في الجزيرة تحمل اسماً كردياً لأجل تعريبه عدا أسماء القرى التي تحدثنا عنها، أي التي أنشئت مع تزايد أعداد المهاجرين الأكراد من تركيا للمنطقة. ونحن بهذه المناسبة مع إعادة ترسيم أسماء كل القرى الكردية الحديثة أي إطلاق تسميات كردية على هذه القرى الجديدة، مراعاة لرغبة قاطنيها من الإخوة الأكراد، وهذا من حقهم ولا يضر السوريين في شيء.
نقول للمواقع السورية وخصوصاً تلك التي تضع نفسها في خانة المعارضة إن معارضة النظام الشمولي لا تعني بالضرورة نشر أو تشجيع بعض الأفكار المتطرفة لبعض الإخوة الأكراد السوريين مثل (كردستان سوريا) أو (غرب كردستان)، وبدل هذه الأفكار والمصطلحات العنصرية، يمكن نشر ما هو مفيد ويدعو إلى اللحمة الوطنية، فنحن قلنا ونقول إن الدفاع عن حقوق المواطنين الأكراد السوريين والدفاع عن خصوصيتهم اللغوية والثقافية والاجتماعية شيء، والإقرار بوجود أرض كردية تاريخية في سوريا شيء آخر، تماماً كأن نعترف بأن الجولان هي إسرائيلية (جولان إسرائيل) على غرار (كردستان سوريا)، ونقول للإخوة الأكراد إن عملية اعتراف الأكراد في سوريا بأنهم قدموا إليها من كردستان الحقيقية في إيران، ومن مناطق تركية مثلما هناك أرمن في سوريا قدموا من أرمنيستان (أرمينيا)! هذا الاعتراف لا يقلل من تأييدنا لحقوق الأكراد في سوريا بل يفيدهم جداً، ويطمئن السوريين بأن أكرادنا لا يطمعون باغتصاب بلدنا تحت شعار (الوجود التاريخي للكرد في سوريا) أو (حق تقرير المصير) أو (الفيدرالية والحكم الذاتي..).
نحن مع الديمقراطية وحقوق المواطنة للجميع، وندعو إلى الاعتراف الرسمي بعموم الفئات السورية مثل السريان والأرمن والأكراد، وضمان حقوقهم وخصوصيتهم في الدستور السوري في حال تغييره. والله إن قصدنا من كل ما نقول هو مصلحة بلدنا وليس تشويه سمعة إخوتنا الأكراد الذين نحبهم ونقدرهم ونقر بحقوقهم المعقولة البعيدة عن التطرف، لكي نتجاوز هذه المحنة العصيبة، ولنا وللأكراد وللجميع التوفيق.
مناف الجاسم - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية