أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إعلان دمشق حركة معارضة وطنية علنية سلمية... المهندس غسّان النجّار

لطالما كتبت مرارا وبإلحاح أؤكّد على ضرورة قبول الدولة والنظام  بالرأي والرأي الآخر وأن يحاور النظام المعارضة السلمية والعلنية  والتي تتخذ من دمشق مقرا لها ، ولقد وجّهت عدّة رسائل للسيد الرئيس مركّزا فيها على التغيير والإصلاح التدريجي في نظام الحكم ، لأنني لست من المؤمنين بالطفرة أو الانقلاب الفوري الّذي قد يجر البلاد إلى أمور ليست بالحسبان ولا تحمد عقباها .

إنني أعتبر أنّ قضية التحول الديمقراطي هي عملية تراكمية تبدأ من الصفر وتنتهي إلى ما يقارب الكمال ، لأن الكمال أمر مستحيل , والهدف المطلوب هو النظام البرلماني ألتعددي الديمقراطي التداولي  .

لقد انتقدني بعض الأخوة الأعزاء ممن ينتمون إلى التيار الّذي جمّد عضويته في نشاط إعلان دمشق -  علي خلفية برنامجي بالتغيير التدريجي وما سمّيته أحيانا بالإصلاح السياسي , قائلين " أنّهم قد قطعوا مع النظام وانتهوا من فكرة الإصلاح إلى فكرة التغيير بعد أن يئسوا من أن يصلح النظام ذاته " ، وأعتقد أنّ الموضوع هو خلاف لفظي ، فالإصلاح المنظّم المنهجي يعتبر بالنتيجة تغييرا سلميا تدرّجيا .

 إن عملية التغيير إما أن تكون إصلاحا  تراكميا ( (accumulated reform  أو أن تكون انقلابيا ثوريا                 ( Revolutionary) ، ونحن ندرك تماما من تجارب تاريخية أنّ العمليات الثورية الانقلابية كثيرا ما جرّت مآسي على العباد والبلاد .                                                                               

 لقد ذكرت في مقالاتي السابقة أنّ قوى إعلان دمشق ليسوا طلاّب سلطة أو حكم بل إن الشعب هو صاحب السيادة  وهو صاحب الحق يختار من يشاء في أي موقع من مواقع السلطة بطريقة ديمقراطية سلمية لا تشوبها شائبة من ضغط أو تزوير ، وسبق أن ناقشت بعض مبادئ إعلان دمشق مع بعض مسئولي الأجهزة الأمنية بكل صراحة وشفافية ، ولا أدري ما الّذي جعل النظام السوري يغيّر رأيه في التعامل مع حركة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي بعد أن قبل بهم بحكم الواقع ، لقد راقب النظام عن كثب تاريخ 16/10/2005 وهو ميلاد وثيقة تمّ توقيعها من قبل مختلف تيارات المجتمع السوري ومن خلال مؤتمر صحفي عقد في العاصمة السورية دمشق أمام أعين الناس وعلى رؤوس الأشهاد .

 لقد كانت وثيقة اعلان دمشق واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، ساطعة بزوغ القمر في ليلة صافية من أيّام الربيع ، لم يكن في الوثيقة ما يسيء إلى رموزه الموقعين عليها أو المؤمنين بها والمدافعين عنها .

فليست حركة الإعلان جمعية سرية تهدف إلى تغيير بنية المجتمع وهيكلية الدولة بطريقة قسرية أوالاستعانة بوسائل إرهابية ، لم يكن في نصوصها ما يشير إلى تمرّد أو عصيان مسلّح أو إقصاء لحزب البعث الحاكم بل ناشدت أعضاء الحزب كطرف مساعد عامل على التغيير ، لم يكن في الوثيقة ما يقلل من قيمة الوطن أو يخدش من كرامته وقدسيته فحركة الإعلان حركة وطنية بكل معنى الكلمة تؤمن بالشعب وللشعب ولاتستعين أو تستقوي بالخارج والأجنبي وأجندتها داخلية بحتة .

إن قوى إعلان دمشق لاتنحاز إلى فئة من الشعب دون أخرى ولاتعمل لحساب طائفة دون غيرها فالطوائف والاثنيات جميعهم يشكلون نسيج الشعب السوري ولحمته، لايخدش أحد من وطنية أي فصيل, وقد قارعوا جميعهم الاستعمار وساهموا في صنع الاستقلال من ابراهيم هنانو وجبل الزاوية إلى صالح العلي وجبال العلويين وسلطان باشا الأطرش وجبل العرب.

والّذين يشككون ويزرعون أوهاما وأشواكا عن طائفية مختلقة إنما يحصدون افكا وخيبة فواقع الحال يكذّبهم وانتخابات المجلس الوطني تدحض حججهم وافتراءاتهم ، إن مؤسسات هذا التحالف الوطني قد تحمّل مسئوليتها - نتيجة الاقتراع الحر النزيه - أفراد من قوى الإعلان من مختلف الطوائف والأعراق ، فهذه السيدة المثقفة الدكتورة فداء الحوراني رئيسة المجلس الوطني هي سليلة الوسط المسلم السنّي العربي الأصيل وذاك نائبها المسلم العلوي الوطني ذو العائلة العريقة الدكتور عبد العزيز الخيّر وقد قضى في سجون النظام عشرات السنين وذاك النائب الثاني شخصية كردية وطنية مشهورة  الملاّ عبد الحميد درويش من أعيان الجزيرة المعمورة  رئيس الحزب التقدمي الكردي ، كما تحمّلت شخصيّات درزية عربية مناضلة مسئوليات قيادية مثل الأستاذ جبر الشوفي وأخرى شخصيّة مسيحية عربية مفكّرة وشخصية مسيحية أشورية رائدة هما الأستاذان أكرم البني وبشير السعدي رئيس المنظمة الأشورية الديمقراطية ، كان من رموزها وقادتها ليبراليون علمانيون مستقلون وقادة وطنيون أكراد لايفرّطون بوحدة التراب وآخرون إسلاميون ديمقراطيون معتدلون وعلى رأسهم فضيلة الشيخ جودت سعيد صاحب المبدأ السلمي الشهير (ابن آدم الأول ) ، كان هناك قادة من الشخصيّات الحزبية القومية واليسارية وعلى رأسهم المناضل رياض الترك وحسن عبد العظيم وعبد المجيد منجونة ، وهناك شخصيّات مستقلة وطنية ونخبوية مفكّرة أمثال : جاد الكريم الجباعي  وعبد الرزّاق عيد    و ميشيل كيلو و ياسين الحاج صالح و علي العبد الله وفائز سارة وغيرهم كثير ، لم يكن في جعبة هؤلاء جميعا سوى همّ الوطن وحرية المواطنين وكرامتهم .

انّ الاجتماع التاريخي للمجلس الوطني لإعلان دمشق المنعقد في 1/12/2007 قد دخل التاريخ بمعرفة السلطة وعلمها إذ ما كان ليغيب عنها هذا الاجتماع الحاشد وفي منزل الأستاذ رياض سيف رئيس مكتب الأمانة حيث كان منزله مراقبا على مدار الساعة ، لم يكن من همّ لأعضاء المجلس الوطني المنعقد إثارة لتشويه سمعة الدولة أو إثارة لقضية طائفية فهم يشكلون كافة نسيج المجتمع ، ولم يكن في حسبانه تشكيل جمعية سرية تهدف إلى تقويض بنية المجتمع والدولة فهم يعملون في وضح النهار وموقعهم ( النداء ) على الانترنت معلوم  وبياناتهم كلّها علنية صريحة تعبّر عن مبادئهم السلمية في التغيير الوطني الديمقراطي السلمي التدريجي ، إن الحديث حول قيادة المجتمع والدولة واحتكار حزب البعث السلطة فيها هو أمر خلافي يحل بالحوار الجاد بين السلطة والمعارضة ، إذ أنّ المادة الثامنة من الدستور تقف عائقا أمام ممارسة كافة أبناء المجتمع حقّه في العمل السياسي وهي بالتالي تكرّس انقسام الأمة ، وينتج عنها الفراغ والقصور في تشكيل الأحزاب السياسية المستقلة كي تنتقل البلاد إلى نوع من التعددية تحل محل الشمولية ، كما أنّ هناك القانون 49/ 1980 والّذي يعاقب بالإعدام كل إنسان منتم لفكر معيّن وهو بطبيعة الحال يقف حجر عثرة أمام السلم الأهلي  ، كما أنّ قانون الطوارئ والأحكام العرفية المعلن منذ خمس وأربعين عاما هو سيف مسلّط بيد السلطة على رقاب الناس جميعا ، فلولا تطبيقات هذا القانون العرفي لما بقي هؤلاء المعتقلون من قادة إعلان دمشق ما يزيد عن شهر ونصف تحت رحمة جهاز أمن الدولة تعرّضوا خلالها إلى شتّى ألوان الهوان والعذاب  ثمّ نغلّف ذلك بسلطة القضاء العادي أمام قاضي التحقيق الثالث وقد ظهرت أمام الجميع الكدمات على وجوه البعض وآثار التعذيب وقد أبانوا عن اعترافات قسرية نسبت لهم .

إنني أدعو السلطة والنظام أن يسحب لائحة الاتّهام الباطلة بحق أحد عشر قياديا من رموز إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي كما أدعو الأجهزة المعنية للإفراج عن الفنّان التشكيلي طلال أبودان عضو المجلس الوطني لإعلان دمشق بعد أن تحطم مكتبه ومرسمه ولوحاته من قبل مجهول!! حسب ضبط الشرطة .

إن الهجمة التعسفية الّتي طالت رموز وقادة إعلان دمشق رافقتها حملة مسعورة لمئات  من الإسلاميين المعتدلين على خلفية دينية وقد عرف العديد منهم مثقفون من صيادلة ومهندسون وأطبّاء وجامعيون وتحاول السلطة تشويه سمعتهم بالحديث عن التطرف  أو الكلام عن مذاهب وطرق غريبة للنيل منهم ،كما أطالب النظام بالكف عن ملاحقة باقي قادة إعلان دمشق وأقول لزملائي المعتقلين ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ،مؤمنون بقضية أمّتنا وحريتها وسيادتها لا نقايض عليها ولا نستقيل منها ولا نساوم  بديلا عنها .

ما أريد إلا الإصلاح - ما استطعت - وما توفيقي إلا بالله عليه توكّلت واليه أنيب .

المهندس غسّان النجّار - عضو مكتب الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي 

 

 

           

(113)    هل أعجبتك المقالة (120)

فارس الخوري

2008-02-05

السلطة في سورياتغرد خارج سرب الحداثة من حيث حقوق الإنسان والديموقراطية تارة مفهوم الثقافةو...., ياسلطة بحت حناجر قيادات المعارضة بطلب الحوار فلم ار من خلال كلام النجار اي طلب تعجيزي, رجاء يانظام الوقت يمضي بلا عودة, فلنكن حضاريوون.


محب سوريا

2008-02-05

النجار يقول الحقيقة,طريق الألف ميل يبدأ بخطوة,الشعب يعاني منمشاكل سياسية-معيشية-اجتماعية,كفانا إضاعة للوقت,جزاك الله كل خير.


غلبان

2008-02-05

لاتتعب نفسك يا استاذ -محاولاتك ستنتهي بالفشل.


سوري

2008-02-05

يقاس مدى تقدم الدول بوجود معارضة حقيقية,لماذا حتى الآن لم تسمح الدولةبوجود معارضة مثل موريتانيا تلك الدولة التي ضربت المثل بذلك وعبد الرحمن سوار الذهب الذي سلم الحكم ولم يطلبه لشخصه.


متحمس سابق للاعلان

2008-02-05

شفنا الشباب من جوا وشفناهم من برا وياعيب الشوم عاللي شفناه , ديماغوجية, وكذب , ونفاق , وتقاتل على الغنائم قبل أن يكون هناك غنائم وتبادل اتهامات وتشكيك وكل اشكال الطائفية والعائلية والمناطقية هذا ماكان يحدث تحت الطاولة وعندما يضعون القنعة جانباولو تحقق ماكانوا يحلمون به لدمرت البلد وتفككت وهذه هي الحقيقة بلاش كذب كنا نحلم بمعارضة نظيفة صادقة وطنية سورية ففوجئنا بهكذا معارضة تضم تناقضات فكرية وايديولوجية وثقافية وحتى اخلاقية بعضهم مرضى نفسيين يعانون من عقد شتى ترجموها بدون قصد الى احقاد وخلافات اول ماظهرت بينهم فهل يمكن لامثال هؤلاء ان يتصدوا لقيادة مجتمع . احدهم قال لي بالحرف الواحد , اذا لم يتم التغيير علينا ان نشعلها حرب اهلية وهو يعرف نفسه بمجرد قراءته لهذا التعليق وهو يعتبر نفسه من قيادات الصف الاول هذا كوكتيل متنافر لايمكن ان يعكس صورة الشارع السوري المطلوب والحديث يطول ..


متحمس لاحق للرأي الآخر

2008-02-06

منذ اكثر من خمس واربعين عاما اي نصف قرن والشعب السوري تواق لوجود اراء متنوعة في كافة المجالات وحتى الآن لايسمح لها بذلكوالحجج قائمة اظن ان الشعب السوري بلغ سن الرشد وأذا لم يبلغ فتكونون انتم السبب ,دعوا غيركم يساعد هذا الشعب الغلبان .


التعليقات (6)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي