مركز تشاد للأبحاث والدراسات الإستراتيجية
يعد قرار إدارة الرئيس بوش إنشاء قيادة عسكرية أمريكية خاصة بالقارة الإفريقية بحلول سبتمبر عام 2008 تحت اسم "أفريكوم"، أوضح دلالة على التوجه الاستراتيجي الأمريكي نحو القارة السمراء, وكذلك إهتمام الرئيس الفرنسي للقارة من خلال إستراتيجية مزدوجة " تنافس- تكامل " عند نشر قوة أوروبية في تشاد وأفريقيا الأوسطى بجوار قوات الهجين في دارفور على جانبي الحدود بين تشاد والسودان ويمكن توضيح الإستراتيجية المزدوجة " التنافسية التكاملية " .
إستراتيجية التنافس .
إن ملامح السياسة الخارجية الفرنسية أبرز السمات التي أتسمت بها هو روح التنافس مع الولايات المتحدة, وهذا ما يظهر من إصرار الحكومة فرنسا على نشر قوات أوربية " يوفور- تشاد- أفريقيا الوسطى " فكلما تقدم أي خطوة في إنتشار قوات الهجين " يوناميد " سارعت الحكومة الفرنسية في مطالبة أعضاء التكتل الأوربي في المساهمة لتلك القوة, ولقد تقرر نشر هذه العملية قبل خسمة أشهر طبقا للقرار 1778 الصادر عن مجلس الامن الدولي في سبتمبر (ايلول) 2007 والتي كلف حماية موظفي الامم المتحدة وكذلك المدنيين المعرضين إلى الخطرمن اللآجئين والعاملين في المجال الانساني, والمنسجم مع القرار الأممي 1769 الصادر بتاريخ 31 يوليو الماضي ، والقاضي بنشر قوات مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي قوامها 26000 عنصر بدارفور, وأولى الخطوات الفرنسية الدخول في أزمة دارفور من خلال إستضافته في الفترة الماضية مسؤولين كبار من أكثر من 12 دولة في إجتماع باريس الذي يهدف إلى تحفيز الجهود الدولية لإعادة الإستقرار إلى إقليم دارفور والذي حث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فيها أعضاء الوفود المشاركة في إجتماع بشأن الأزمة الانسانية في دارفور قائلا إن "الصمت يقتل". وقال صراحة أمام المسؤولين المجتمعين آنذاك في قصر الاليزيه الرئاسي "كبشروكسياسيين علينا أن نحل الأزمة في دارفور." وكذلك على الصعيد السياسي إن تجديد إقامة عبدالواحد محمد نور والإهتمام الذي يلقاه بالرغم من المحاولات التي بذلتها الحكومة الفرنسية من إخراج نفسه من الموقف المخرح إثر تجديد إقامة وذلك من اللجوء بأسلوب التهديد والطرد, إن الإهتمام الفرنسي بقضية دارفور وإصراره بنشر قوة أوروبية معظمها من قوة فرنسية يعكس مدى تفهم الحكومة الفرنسية للتوجه الإستراتيجي الأمريكي نحو القارة السمراء وتحديدا في قضية دارفور المجاورة لتشاد .
إستراتيجية التكامل .
ويظهر ذلك بوضوح من الإستياء الواضح من بعض القادة والدبلوماسين الأوروبيين وذلك عندما تم نشر قوات الهجين في مطلع هذا العام ومضى عليها شهر ولم يكتمل العدد الكلي المقدر له والبالغ 26000 فرد وكذلك نقص الكبير في المعدات والطائرات والهلكوبترات القتالية ذات المواصفات الخاصة وعلاوة على ذلك تبادل الإتهامات بين الامم المتحدة والسودان في تحميل كل طرف الطرف الآخر بالتقصير وإعاقة نشر تلك القوات. وكذلك في الفترة السابقة تشير الإهتمام الكبيرمن قبل الإدارة الأمريكية بقضية دارفور حتى أن سويس إنفو عندما ألتقت بالدكتور ديفيد سموك، نائب مدير مركز الوساطة وحل الصراعات، التابع للمعهد الأمريكي للسلام في واشنطن، والذي قدم تفسيراً واضحا بإهتمام الإدارة الأمريكية بدارفور فقال وإن معظم المراقبين يشيرون الى ذلك حتى الحكومة السودانية نفسها تقول أن الدول الغربية لديهم أجندة خاصة بهم وليس هدفهم الحقيقي مساعدة اللآجئين, ويمكن الإشارة الى بعض النقاط التي توضح بعض ملامح ذلك , هو أن الولايات المتحدة غير مرحب بفكرة أن تكون طبيعة معظم قوات الهجين من القارة الأفريقية,حيث أنه تم إصدار قراربهذا الشأن بعد موافقة الجهات الثلاثة في أثيوبيا مؤخرا بين الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والسودان, وإن إستراتيجية البقاء لمدة أطول يحتاج جنود بذات طبيعة خاصة لكي تتحقق لجهات أهداف أخرى من نشر تلك القوات إن كانت لديهم أهداف أخرى !, وكذلك موقف الولايات المتحدة أصبح يلفه غموض كبير بخلاف ما كان في السابق من حماس وإهتمام متزايد لقضية دارفور والقوات المراد نشرها, وأستدل هنا بذلك عندما أشار السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، جون بولتن، في أواخر شهر حزيران/يونيو الماضي، إلى أن الموعد الذي تهدف الأمم المتحدة تسلم عمليات السلام في دارفور فيه هو كانون الثاني/يناير 2007، حيث قال "كلما كان تولي الأمم المتحدة المهمة في دارفور أسرع، كلما كان ذلك أفضل." كل هذه الأسباب ساد اليأس في بعض نفوس بعض القادة الأوروبيين وهذا ما يؤكد صفة التكاملية بين القوتين, لأن بعض فادة الإتحاد الأوروبي أرادوا التقدم السريع في النشر وتوفير الدعم المادي وكذلك توفير المعدات والعتاد لقوات الهجين ولكن بالرغم من ذلك فقد تحمس التكتل الأوروبي في نشر قوة يوفور, حيث ان قوة يورفور يعاني من نفس ما تعانيه قوات الهجين الا ان الجانب الفرنسي بذل جهدا كبيراً من أجل سد نقص المعدات اللازمة في عملية يورفور وأستدل ذلك الإهتمام عندما أكد المفوض الأوروبي المكلف بشؤون التنمية والمساعدات الإنسانية لوي ميشال، أن أوروبا لن تتخلى عن واجبها في مساعدة اللآجئين السودانيين في تشاد، ووصف نشر القوة الأوروبية في شرق تشاد بـالعامل الأساسي لإعادة الأمن للمنطقة, ومن الملاحظ أيضا أن بريطانيا وألمانيا بعدين عن مهمة نشر قوة يوفور. فالسؤال الذي يطرح نفسه هل القوات يوفور يتحول من صفة التكامل إلى صفة البديل في الإستراتيجية الغربية في قوات الهجين, ولكن كيف يتم ذلك لو تحقق نشرها ؟!.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية