أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل فينو غراد عميل سوري؟... نضال نعيسة

لم ألتفت لكل ما جاء في تقرير فينو غراد حول حرب تموز 2006 ، ولم يعنني على الإطلاق، فقد كشفنا هذا الكشف قبل السيد فينو غراد بوقت طويل. وكل ما ورد فيه كنت قد كتبته مراراً، وتحدثت عنه منذ ذلك الحين، وجرى التأكيد، وتسليط الضوء عليه وتحليله استراتيجياً وعسكرياً وسياسياً من خلال برنامج حواري كنت أديره آنذاك، في قلب العاصمة البريطانية لندن مدينة السحر والضباب. وكنت أنا العبد الفقير لله، وبكل ما لدي من أدوات بسيطة ومتواضعة، وبيدي العاريتين إلا من التشقق والكدح والآلام، وما يمليه علي الضمير والحس السليم وواجب الرجال، قد أشرت أيضاً وفي أكثر من مقال وزاوية نشرتها إلى هذه الحقائق التي لم تعد تحتمل التأويل، و"المغمغة، والمداراة طالما أنه شهد شاهد من أهلها وهو القاضي إلياهو فينو غراد اليهودي الحامل للجنسية الإسرائيلية. فتقريره يفند كل تلك الآلة الإعلامية الإمبراطورية، وكتبتها البؤساء، والتي حاولت أن تصنع المجد لنفسها من الكارثة ودماء الشهداء، وأن تقلب الحدث، وتستهزئ بالنصر، وتحوله إلى خسارة، وتقدمه على أنه كارثة حلت بلبنان. فمن اعتاد على الذل والهوان تؤلمه الكرامة، ويصيبه الوجع والهلع والهذيان.

لقد كان انتصار حزب الله حقيقة، ولا يهم هنا إن كان بشرياً أم إلهياً، فآلة النفاق الجرارة يجب أن تصمت وتخرس بعد الآن، وتقرّ بما تبقى لديها من رجولة بالهزيمة والاندحار. فحزب الله هو القوة المقاومة الوحيدة في الشرق الأوسط التي مسحت الأرض مسحاً بالجيش الإسرائيلي وبجنوده وجنرالاته رغم أن رموز الرابع عشر من آذار حاولوا تطييب خواطر أولئك الجنود المهزومين وأصبحوا عندهم مجرد نوادل يقدمون الشاي للجيش المدحور والمذعور الفار من الميدان كجرذان حائرة أصابها الطاعون وداء السعار. والمهم أيضاً أن كرامة الجيش الذي لا يقهر قد قهرت وباعتراف رسمي وقضائي إسرائيلي هذه المرة. وأن أولئك المقاومين البواسل، وبصدورهم العارية، هزموا أعتى آلات الحرب في الشرق الأوسط، وأكثرها تزوداً وتسلحاً بأحدث الأسلحة الحربية. وأن الخيبة والفشل والهزيمة قد أضحت من سمات جيش ويزمان، وموفاز، ودايان، وبن إليعازار. ولم نكن نزاود، ولا نبيع الأوهام، ولا نسوق الكذب حين أعلنا، وعلى الملأ، ومن قلب عواصم غربية كنا نقيم فيها، أن حدثاً استراتيجياً عظيماً كان يرسمه حزب الله في تلك الأيام من خلال تصديه لآلة الحرب الهمجية الصهيونية الباغية، وحين كان يصفق كثيرون، ومن معهم من مارينز سوريا الثقافيين، لقصف الضاحية، وقتل والأبرياء والأطفال والنساء، وبمن فيهم المجزرة التي وقعت ضد عمال سوريين يعملون في إحدى مزارع العنب، كنا نؤمن بكل ثقة بأن فصول تلك الملحمة الجنوبية ستكتمل في يوم من الأيام وتظهر الحقائق على الأنام، وها هو طيب الذكر فينو غراد يكملها اليوم ويعلنها على الملأ بلا وجل أو مواربة وحياء. وإن كان المعني بهذا التقرير، ومن الناحية الإجرائية والقانونية، هو الجيش الإسرائيلي والمسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم أولمرت بشكل أساسي، فإنه، وبالتأكيد موجه إلى أولئك المارينز، ومعهم طوابيرهم وامبراطوريتهم الإعلامية ومن يقف خلفها، ممن كانوا يستهزؤون بملحمة أسطورية بطولية كان يسطرها أولئك الرجال البواسل مع فارق العتاد والسلاح. وكان ذاك المارينز البائس يحاول إضعاف جرعة المعنويات العالية التي كانت تتشكل مع كل صاروخ يدك المدن الإسرائيلية، ومع كل خسارة مؤلمة ومذلة يوقعها في صفوف الجنود الصهاينة الذين رفض كثيرون منهم الذهاب إلى أرض المعركة.

لقد جاءت الحقائق دامغة، ووضعت النقاط على الحروف وشرحت حقيقة ما جرى. وأن الاعتداء والإعداد للحرب كان جارياً على قدم وساق بوقت طويل، وما كان أسر الجنود من قبل حزب الله إلا تحصيل حاصل، وذريعة وهمية لا أكثر ولا أقل للجريمة والعدوان. ولقد بينا ذلك بالتفصيل في مقال نشرناه، مع غيره، في صيف 2006 وكان بعنوان "سقوط الذرائع الوهمية"، مستندين في ذلك على تقرير لصحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل، التي فندت وفضحت مزاعم الحرب وذرائعها الوهمية وأن رد الفعل الإسرائيلي كان مرتباً ومعداً سلفاً وأكبر بكثير من حجم الفعل. المقال موجود على أكثر من رابط على الشبكة العنكبوتية وهذا إحداها:

http://www.arabtimes.com/writer3/../A2006/July/76.html

وهذا رابط مقال صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل:
http://www.sfgate.com/cgi-bin/article.cgi?f=/c/a/2006/07/21/MNG2QK396D1.DTL&hw=kalman&sn=001&sc=1000

والآن ما هو سر هذا الصمت الرهيب لجماعة14 آذار وأدواتها الإعلامية وتابعيهم، والتزامها الصمت المطبق حيال "الإرهابي" فينو غراد الذي قام بدحض وتسفيه خطابهم وموقفهم المريب من الحرب، وأتى عليهم كالماء الباردة، وهم "لا حس ولا خبر". وأخشى ما نخشاه أن "يطلع" علينا مارينز سوريا، ما غيرهم، مع أولياء نعمتهم من جماعة الرابع عشر من آذار ليقولوا لنا بأن التقرير هو محض فبركة وأن فينو غراد هو مجرد عميل سوري، آخر، أو مدسوس من قبل حزب الله، في الجهاز القضائي الإسرائيلي. وكل شيء ممكن، و"ليش لأ".

أما العقبى، والفرحة الكبرى، فحين ستأتي ذات يوم ليس ببعيد "التقارير" القادمة، والتي يعرفونها تماماً، وبنوا عليها التصورات والأوهام والأحلام، ولبسوا لأجلها المموه وقبعات المارينز وامتطوا الدبابات، لتصعقهم، وتصدمهم كصدمة صاحبنا فينو غراد، ولينجلي عندها كل كذب وتشويه وافتراء.

وما ظلمناهم وكانوا أنفسهم يظلمون.


(114)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي