في البداية تدثر "الأخوان المسلمين" بعباءة المجلس الوطني واختبأوا خلف بعض الوجوه العلمانية كي لا يثيروا حساسية الغرب ، وحساسية بعض الأوساط في الشعب السوري الخائفة من مشروع الإسلام السياسي ، وقد دفعوا بالمجلس الوطني إلى تبني مطلب التدخل الخارجي دون أن يكلفوا أنفسهم حتى صياغة هذا المطلب بعبارات دوبلوماسية ، ودفعوا بالشارع الثائر الذي يعاني من ويلات القمع والقتل والمستعد نفسياً لتأييد أي خطوة يرى فيها خلاصه من النظام ، دفعوا به ليرفع شعار " المجلس الوطني يمثلني " ثم ليتبنى شعار المطالبة بالتدخل العسكري الخارجي على إطلاقه ، وهكذا حولوا مع غيرهم من أعضاء المجلس الوطني ، مهمة هذا المجلس من السعي لصياغة رؤية سياسية واضحة تعبر عن مطالب الشارع الثائر بطريقة ناضجة موضوعية ، حولوا هذه المهمة وحصروها في السعي للحصول على التدخل الخارجي ، والحصول على الاعتراف الدولي والشرعية الحصرية ، دون أي مؤشر على وعيهم للسياسة الدولية وتعقيداتها وأن التدخل الخارجي لا يحصل بطلب من طيفور ولا يمتنع برفض من غليون ، بل يحصل ويمتنع وفقاً لمصالح وحسابات القوى العالمية . عندما لم يحصلوا على الشرعية الحصرية ، ولم يكسبوا التدخل الخارجي الموعود ، أراد الأخوان المسلمين التعويض عن خيبة أمل الجماهير بالمجلس الوطني من خلال فتح قنوات جانبية لا تمر عبر المجلس الوطني ذاته ، وعجز المجلس الوطني ومن خلاله الأخوان المسلمين عن تقديم خطاب سياسي يوضح صورة سورية التي نريد، سوريا الديمقراطية ، سوريا المواطنة وسيادة القانون ، خطاب يطمئن الشعب السوري بكل أطيافه وطوائفه وأعراقه ، الشعب السوري الذي يريد ديمقراطية حقيقية ، لا هي ديمقراطية بشار الأسد التي تضع نتائجها فروع الأمن ، ولا هي ديمقراطية الأخوان المسلمين التي لا تعترف من مقومات الديمقراطية إلا بالانتخابات التي توصلها للسلطة ، نريد ديمقراطية كل المواطنين متساوون بالمواطنة بغض النظر عن الدين ، ديمقراطية صراع البرامج السياسية وليس صراع العقائد الدينية ، ديمقراطية سيادة القانون العصري وليس قانون العصور الوسطى.
ما أن تحدثت كلنتون عن ضرورة توحيد المعارضة وغمزت من قناة المجلس الوطني حتى بدأ أعضاء هذا المجلس ورموزه وخصوصاً الأخوان المسلمين يتحدثون بمقولة أن من تزكيه أمريكا ينبذه الشعب السوري نا سين مطالبتهم لأمريكا بالتدخل ضد نظام بشار ، كما أنهم ردوا بطريقة ساذجة بل ومشبوهة على مطالبة كلنتون بضرورة تنقية المعارضة السورية من الاتجاهات الجهادية التكفيرية المتشددة ،بقولهم إن كان الروسي والايراني وحزب الله يتدخل فهل تستكثرون علينا أن يساعدنا بعض من أخواننا العرب والمسلمين ... هكذا؟!
كان على المجلس الوطني وكل قوى الانتفاضة أن تبادر لإعلان موقف صريح من القوى المتطرفة والطائفية ورفضها سياسياً وعملياً لأنها ستقود البلاد إلى الحرب الأهلية الطائفية بحق ، وبهذا تتقاطع مع أهداف النظام في حرف الإنتفاضة عن مسارها ، وتدفع الطوائف الأخرى للتمترس ضد الإنتفاضة حماية لنفسها وهو موقف محق ، كل ذلك لم يحدث بل راح الأخوان المسلمين يستغنون عن التقية ويصرون على استحواذهم على المجلس الوطني بحيث كان لهم ثلث الهيئة العامة الجديدة بعد الهيكلة المزعومة ، ولم تنتخب أية سيدة وفقاً لبيان الأخوان بضرورة أن تكون المرأة مسلمة وملتزمة حتى تتولى منصباً ، وأُسقط جورج صبرا لأنه جمع كل أسباب الاستبعاد فهو مسيحي وشيوعي ( والعياذ بالله ) ، ولا أفهم كيف له أن يوافق على تكرمهم بتعيينه في الهيئة العامة لاحقاً ومن ثم انتخابه رئيساً للمجلس وكيف له أن يرضى بأن يكون رئيساً لمجموعة لم تنتخبه?
أتمنى أن يأخذ المجلس الوطني ورئيسه الجديد وهو مناضل معروف ، أن يأخذوا موقفاً واضحاً وصريحاً من هتافات جبهة النصرة في جمعة الزحف إلى دمشق ، في " بنش – إدلب " والتي عرضتها الجزيرة مطولاً في تركيز لافت والتي تقول : ( هبو يا شباب بنش العدية ... نطهر شامنا من رجس العلوية . الشيعة بنا نذبح .. بنا نبيد العلوية ) نعم يجب أن يأخذوا موقفاً صريحاً صارماً رافضاً لهذا التوجه ولهذه القوى رفضاً لا يقل عن رفض ممارسات النظام بل يجب أن يكون أكثر شدة ورفضاً ، إن مثل هذه القوى يجب أن ترفض وتقاتل بالميدان لأنها هي الخطر القاتل على سوريا الشعب والوطن ، نعم يجب أخذ المواقف وليس دس الرأس في الرمال ، وعلى المجلس الوطني أن يكون وطنياً بحق وليس مجلساً للأخوان المسلمين وحسب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية