أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التظاهر روح الثورة... عواد حمدان*

مظاهرة بدمشق - عدسة شاب دمشقي


يخشى النظام من أي حراك مدني سواء قبل الثورة أو بعد اندلاعها بأشهر، وليس جره البلاد للصراع المسلح إلا دليل خوف من قيام الملايين في الساحات ضده.

إن مشهد عودة المظاهرات السلمية التي لم تتوقف حتى في عز المواجهات المسلحة، أعاد للثورة السورية المُباركة شيئاً من بريقها المفقود، وأحيا خمولاً أصاب الناشطين والمؤيدين لثورة الكرامة السورية.

وسواء رضي من قام بهذه الثورة ضد النظام الغاشم أو لم يرض، فإن الأشهر الأخيرة من الصراع بين النظام والشعب شهد خليطاً من موجات اليأس وبعض الملل من الحال والوضعية التي آلت إليها البلاد برمتها بمؤيديها ومعارضيها.

لكن اليوم مع عودة جزء من الناس إلى الشارع، عادت الروح والحياة إلى كثير من مفاصل الثورة، وكما نعلم أن نظام بشار الأسد الذي أصر على القمع وأنزل في مواجهة من نادوا للحرية و الكرامة آليات عسكرية فإنه لن يتوانى عن ضرب كل من يقول له لا.
هذا النظام، وحلفاؤه من إيران وحزب الله وروسيا والصين ومجتمع دولي ساقط بجلوسه في المنصة الرئيسية لمباراة سقوط سوريا، أصبح ضالعاً بشتى أنواع القتل والإرهاب المُمنهج، وهذا ليس ذكاءً منه فهو يملك القوى،وعلى العكس فمن يملك القوى علمياً يخفّ اعتماده على قدراته العقلية، إذن فبشار الأسد والمخابرات السورية والجيش النظامي ليسوا أذكياء كما يعتقد بعض المعارضين الأغرار، فأي ذكاء يحتاج رمي البراميل على المدن.؟؟

النظام يقاتل بغريزة البقاء، وجزء من المعارضة تساعده في ذلك دون أن تدري، غير أن أفظع ما ينتظر الشعب السوري هو المجهول. فالجندي الذي يحمل دمه على كفه في الجيش الحر ويقاتل بشرف الحرية لا يعرف تماماً متى سيسقط النظام؟ وكم سيكلفنا ذلك من الضحايا؟ ولا حتى المعارضة السياسية تعرف متى تعود الحياة الآمنة إلى الشعب السوري لأن الثورة السورية تشعبت وأصبح لها امتدادات وتفرعات داخلية وخارجية معقدة.

وكثير من جنود الجيش النظامي خاصة من يؤدي الخدمة الإلزامية منهم، يمنون النفس بوقف القتال فهم محاصرون بين الإنشقاق غير الآمن أو احتمال القتل من الخلف في حال لم ينفذوا تعاليم رؤسائهم في الجيش النظامي، و من خلفهم الشبيحة المكلفون بتصفية الجنود المنشقين.

بخلاف هذه اللعبة الكبيرة والحفر التي صُنعت، كان جزءًا لا يستهان به من الشباب السوري يتفاعل مع الحراك المدني، بالأخص مطلع عام 2012 عندما كنا نرى شباناً وشابات يتحدون سكون دمشق ويتظاهرون باللافتات المؤيدة لوقف القتل.

مع اصطناع التفجيرات، في العاصمة ومع دخول حلب إلى قلب ساحة المعركة انتقل الخوف من النظام إلى الأغلبية الصامتة التي أغلب الظن لا زالت أغلبية من الناحية الرقمية في الشعب السوري.

فمن كان مستعداً قبل أشهر من الدمشقيين مثلاً للنزول إلى الشارع والهتاف بلا سلاح ضد الطاغية يخاف اليوم من التفجير لا من الاعتقال، والتفجير الذي يحمل إشارات النظام وبصماته وفي أحسن الظنون تسهيلاته هو شكل من أشكال البراميل التي يلقيها جندي لم يتذكر وجه أمه حين صعد إلى الطائرة.

لذلك، ولمجهولٍ ينتظر بلادنا، فإنني أنادي بعودة المظاهرات إلى الشارع فهي واحدة من عمليات تسريع سقوط الطغاة.

الساحة والبارودة هما جناحا أي ثورة لإسقاط حاكم ظالم وقاتل، ولعل أكثر الثوّار قداسةً في العصر الحديث كان يحمل بارودة على كتف وجريحاً يداويه على الكتف الآخر، لذا فهذه ليست دعوة لرمي السلاح والاكتفاء بالتظاهر، لأنه و لو أن النظام السوري فقط سمح باعتصام حمص نيسان 2011 لكنا الآن ننتخب رئيساً جديداً ونختلف على أحقيته في الصحف والصالونات السياسية، لكن مع نظام بطشي قمعي... فقدَ أدنى حس بالإنسانية لم يعد هناك بدٌ من حمل سلاح مقاوم بيد، وبيد أخرى التظاهر السلمي.

*من أسرة "زمان الوصل"

(110)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي