أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شام شريف أم شام فارس ؟.... ثائر الناشف

هنيئاً للمثقفين العرب بتتويج الشام عاصمة للثقافة , لكن أي ثقافة ؟ هذا ما لا نعرفه , فتاريخ هذه العاصمة العجيب , لا يسمح بتحديد هوية الثقافة التي ستحملها , قيل بأنها ستكون عربية , وقبلها كانت عثمانية ورمية بيزنطية ,على الرغم من كون أهلها عرب أقحاح , جذورهم تمتد إلى اليمن ونجد والحجاز .
من حقنا أن نساءل كرعايا عرب , ولسنا مثقفين , كي لا يقال بأننا من ذوي الاتجار بها , وأننا لا نعرف ألف باء الثقافة , أو كي لا نسأل , من الذي نصّبنا مثقفين على هذه الشعوب العربية المغلوبة , كما تساءل أحد كتاب صحيفة الثورة السورية بطريقة تهكمية , حين صدور إعلان بيروت - دمشق , ربما اتهمنا مبتكرو نظرية المؤامرة , بأن أميركا هي التي نصبتنا , ولا يستبعد أن تدخل إسرائيل في التفاصيل , عندها سنكون خونة , بتهمة الترويج لثقافة الانبطاح الأميركية , والسلام على الطريقة الإسرائيلية .
إذاً , نحن بعيدون كل البعد عن هذه الفرقعة الثقافية , والسؤال الواجب طرحه , من ستمثل الشام في هذه المناسبة ؟ هل ستمثل الثقافة النابعة من أرض المجتمع العربي وهمومه , أم ستمثل ثقافة الأسياد الحاكمين بأمره تعالى ؟ ممن يعلقون نياشين الثقافة على صدور مثقفيهم الأطهار , مثلما كانت تفعل كنائس الغرب في العصور المظلمة , بتوزيع صكوك الغفران على من ترضى وتشاء .
عين العرب منصبة اليوم على أكلهم وشربهم , لبسهم وبذخهم , طربهم وجنسهم , هذه هي ثقافتهم التي سترفع الشام رايتها عالياً , ثقافة جنسهم وثقافة سكرهم .
ليت الشام ظلت شريفة في عين العرب , كما ظلت في عين الترك , ولو أنهم انقضوا على مثقفيها في أواخر عهدهم فيها , حينما استفاقت نزعتهم الطورانية من سباتها الطويل .
الشيء بالشيء يذكر , غير أن الشيء المريب البادي للعيان , أن لا بغداد ولا بيروت تكفيان لسد النقص الحاصل في الشهية الإيرانية المفتوحة على ما حولها . ففي بغداد تستحي من الظهور والتعبير عن رغبتها علانية في أخذ حصتها التاريخية من هذه العاصمة بحجة وجود أميركا, في بيروت .. مع الحل تارة وضده تارة أخرى , بحسب تقلبات المناخ الإقليمي , أما في الشام , وما أدرانا ماذا تعني جلق بالنسبة لشاهنشاه فارس , وشام بني أمية بالنسبة لآيات طهران وأئمتها المنتجبين .
هنيئا للشام التي لو ضام الزمان عليها , ستبقى الشام .

كاتب سوري - القاهرة
(115)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي