أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بشار الأسد المدعوم

لمن لا يعرف معنى كلمة مدعوم في سورية، فإنها تعني ذلك الشخص الذي يجوز له ما لا يجوز لغيره. الذي يستطيع أن يفعل ما يحلو له دون وازع من نفسه ولا عقاب من غيره، وبالطبع فكلمة مدعوم جاءت من الفعل دعم، والداعم هنا هو بشار الأسد وأتباعه.
الأمثلة حول المدعومين، في عهد حافظ وابنه،لا تنتهي، فقد كان لدينا في سورية وعلى مدى أربعين عاماً أو يزيد أكثر من مليون مدعوم يعبثون بأمن البلاد والعباد، يسرقون وينهبون، ويقتلون ثم تقف الحكومة الفاسدة خلفهم، فتحميهم وتشجعهم. كان ذلك في كل ميادين الحياة. فهناك مدعومون في الجندية والأمن والشرطة، حتى بين سائقي الحافلات، وبين الزبالين وأصدقكم القول أن هناك مدعومين في مشفى الأمراض العقلية.
وقعت الثورة وصدق العالم كله أن سورية تعيش تحت قمع المدعومين وظلمهم. وتوقع كثير من المضطهدين في سورية أن الأمم المتحدة وكذلك مجلس الأمن، سيقف مع الشعب السوري، وسينصره ضد أولئك الذين استباحوا سورية وخيراتها وشعبها. لكن المفاجأة كانت بأن العالم "المتمدن"، وقف مع المدعوم من جديد، وكما كان يحمي بشار الأسد مجرميه الذين يفتكون بسورية وقف هذا العالم مع الأسد يحميه ويساعده سراً وعلانية على تقتيل الشعب السوري وتدمير سورية بمن فيها. هنا بالضبط فهم معظمنا، لماذا يتجرأ بشار الأسد على شعبه وجيرانه، فهو مدعوم، تماماً كما كان شبيحته وشبيحة أبيه من قبل مدعومين لا تطالهم يد العدالة.
بدأ الشعب السوري يعرف أن بشاراً مدعوم، عندما بدأت الثورة السورية مباشرة، فقد سارع حلف الأطلسي للتصريح بأن حلفه لن يتدخل في سورية لأن الوضع في ليبيا مختلف عنه في سورية، وكانت رسالة طمأنة للأسد أن يفعل ما يشاء، ثم تبع ذلك تصريحات لهيلاري كلنتون وهيغ وغيرهم من قادة الدبلوماسية الغربية، التي صبت جميعها، في إطار عدم التدخل في سورية عسكرياً.
هكذا اطمأن الأسد المدعوم أن العالم وراءه وأن أحداً لن يؤذيه اللهم إلا في تصريحات إعلامية يعرف الساسة أنها تظهر عكس ما تبطن.
اعتدى رجال الأسد على صحفيين فرنسيين اثنين في سورية، وقتل الرجلين كليهما، وظن المحللون أن فرنسا لن تسكت عن دماء مواطنيها، فما كان من جوبيه وزير الخارجية السابق إلا أن جمع الصحفيين في باريس وبلغهم بتعازيه لأسر الفقيدين اللذين ماتا وهما يخدمان الحقيقة.
أوباما قال : إن الأسد رئيس غير شرعي أكثر من خمس مرات، وكلنتون قالت إن أيام الأسد أصبحت معدودة خمس مرات أو يزيد، لكن بشار الأسد لا يزال يقتل السوريين ويدمر بيوتهم بالبراميل، ولم يردعه أحد.
كيف يستطيع العالم أن يشاهد شعباً يذبح أطفاله بالسلاح الأبيض وتغتصب نساؤه ويحرق أحياؤه ويصمت كأن شيئاً لم يحدث، إلا إذا كان الأسد مدعوماً بالفعل من هذا العالم الذي يستمتع بقتل المسلمين في سورية.
يظهر الدعم الدولي للأسد جلياً في كل تصرف غربي بل وبكل تصريح، فمنذ أيام صرح وزير الخارجية الفرنسية أن بلاده لن تسمح بنقل الأسلحة للثوار في سورية، وكذلك قال هيغ ولحقت بالركب حكومات أوروبية عدة، ويشير الثوار في الداخل أن القوات البحرية الأمريكية أوقفت سفن الأسلحة المتجهة إلى الثوار بينما لا تفعل شيئاً حيال الأسلحة الروسية والإيرانية التي تصل إلى شبيحة الأسد فيقتلوا بها الشعب السوري.
في بداية الثورة أعلنت السعودية أنها ستدعم الثوار بالسلاح، ثم ما لبث أن خفت صوتها بعد زيارة هيلاري كلنتون العاجلة إلى الرياض. وزاد الطين بلة ما حدث في لبنان، ففرنسا وأمريكا اللتان تدعيان، أن لبنان أكثر من خط أحمر وأنه لن يسمح للأسد بدخوله أو التلاعب بأمنه، صمتتا على قضية ميشل سماحة، مع أنه كان يستهدف مسيحيي لبنان بالذات وكانت العملية تستهدف قتل بشارة الراعي. ولم يجتمع مجلس الأمن ولم يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية، مع العلم أن المسألة واضحة وأنها ستتصل بالمحققين إلى قصة الحريري نفسه.
اليوم يقتل العميد وسام الحسن في قلب بيروت، ومع أن هناك قرائن قوية تشير إلى تورط نظام الأسد في العملية إلا أن مجلس الأمن لم يجتمع أيضا ولم يطالب بلجنة التحقيق الشهيرة، بل لم يسند إلى اللجنة السابقة مهمة التحقيق في القضية الجديدة على أساس أنه قد تفك رموز الاغتيالات السابقة في لبنان. وتماماً كما يعتقد السوريون، فإن امتناع الغرب عن محاسبة الأسد على فعلته هذه، يعود لمعرفته يقيناً بأنه هو الفاعل، إن أي لجنة تحقيق ستكشف تورط الأسد فوراً بدم العميد الحسن وبدم الحريري من قبله، وهم لا يريدون ذلك بالطبع، وإذا سألت لماذا يريد العالم للأسد أن يستمر في تدمير سورية ولبنان أيضاً، فالجواب عندنا سهل مختصر: لأنه مدعوم.
عندما أرادت طالبان تدمير تمثال بوذا في أفغانستان، قامت الدنيا ولم تقعد، واستنفر العالم كله للدفاع عمّا سماه آثار البشرية. لكن هذا العالم صمت صمت القبور على تدمير أهم آثار الوجود الإنساني في دمشق وحلب وغيرها، فطائرات النظام السوري لا تقتل الجياع على أبواب المخابز فحسب بل تدمر القلاع الأثرية والمساجد التاريخية، لكن أحداً لا ينتصر لشعب سورية فضلاً عن أن ينتصر لآثارها. ولكل هذا فقد أيدنا تسمية الجمعة الأخيرة " أمريكا ألم يشبع حقدك من دمنا". فالغرب هو من يدعم بشار الأسد وهو الذي يسمح له أن يدمر البلاد وحضارتها وثقافتها إنه العداء القديم المتجدد للشعوب الإسلامية.

د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا
(111)    هل أعجبتك المقالة (120)

ابو الزين

2012-10-25

الله دائما مع المظلوم و المقهور و الخاين المجرم السافل نهايته الذل و الدعس.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي