فلسطينيّو سوريا يُقاتلون مع الثورة ويصنّفون جبريل شبّيحاً

إضافة إلى الكثير من الأوراق والأذرع التي كان النظام السوري حتى أمد قصير، يستعملها في لعبة ابتزاز مع المجتمع الدولي ودول الجوار خصوصاً العراق ولبنان، والتي خسرها مع اندلاع الثورة، جاء دور الورقة الفلسطينية.
وبات يمكن القول إنّ الورقة الفلسطينية خرجت نهائياً من يد النظام، مع التسليم بأنّ أشخاصاً يحملون الهوية الفلسطينية كأحمد جبريل، لا يزالون مع النظام لكنّ هؤلاء تحوّلوا حسب ما بات يسمّيهم فلسطينيّو سوريا "شبيحة فلسطينيين"، وعلى رأسهم جبريل.
ما كان يعرف بالتحالف الفلسطيني الذي ساهم النظام السوري في إنشائه أصبح سراباً. هذا التحالف أنشأه النظام استمراراً لسياسته التاريخية التي هدفت دائماً إلى إضعاف القرار الوطني الفلسطيني الممثل بحركة "فتح"، ويشهد تاريخ العلاقة الفلسطينية - السورية جولات من مواجهات سياسية وعسكرية وشخصية بين حافظ الأسد وياسر عرفات.
ويروي باتريك سيل في كتابه الذي يؤرخ فيه حياة الأسد أنّ الأخير كان يكره عرفات كرهاً شديداً، هو الترجمة طبعاً لصراع بين رجلين ناضل أحدهما ليرفع علم فلسطين مستقلّاً ولم يخفِ الآخر استراتيجيته القائلة إنّ فلسطين هي تاريخياً جنوب بلاد الشام (تماماً كما الترويج بأنّ لبنان جزء من سوريا).
مع اندلاع الثورة السورية، كان النظام قد اعتقد بأنّ قوى التحالف الفلسطيني ستكون إلى جانبه، هذا التحالف مؤلف من مجموعة من القوى لا يمكن احتساب قوتها الحقيقية إلّا من خلال دعم فروع الأمن السوري لها، باستثناء حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
أمّا بقية قوى التحالف وأبرزها الجبهة الشعبية القيادة العامة، الصاعقة، فتح الانتفاضة وجبهة النضال. فهي فصائل مخترقة كلياً من المخابرات السورية واضطرت إلى البقاء مع النظام لأنّها ممسوكة من الداخل، وهذا أيضاً لا ينطبق على فصيل جبريل الذي ينخرط بشكل كامل في دعم النظام السوري بمئات المقاتلين وتنفيذ مهمات توكل إليه داخل مخيم اليرموك وعلى أطرافه، من التضامن إلى الحجر الأسود فحي القدم والعروبة حيث يقيم حواجز ليلية لرصد حركة الفلسطينيين المتعاطفين بغالبيتهم الساحقة مع الثورة السورية دعماً وتسليحاً وقتالاً. وقد تعرّضت مراكز جبريل مرّات عدة للهجوم والحرق، أبرزها في الخالصة حيث اضطر إلى طلب نجدة مؤلّلة من الجيش السوري.
هذا الدعم، إضافة إلى ابتعاد الفصائل الأساسيّة عن النظام، سعّر من رغبة النظام في الانتقام، فكان القصف التأديبي لمخيم اليرموك الذي أدّى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. كما يؤدّي إلى المزيد من تجنيد الجبهة الشعبية بعض الفلسطينيين للعمل كشبّيحة فلسطينيين لضبط مخيّم اليرموك وكلّ التجمعات الفلسطينية ومنعها من تأييد الثورة.
مع "حماس"، أصبح كلام النظام السوري يتناولها من فوق السطوح: "هؤلاء الذين دعمناهم طويلاً عادوا إلى أصلهم إخواناً مسلمين، هم اليوم يرتمون في أحضان الأميركيين بعدما أمضَوا فترة هي الاستثناء في مشروع المقاومة".
تتعرّض قيادات "حماس" وعناصرها وكلّ مَن كانت له صلة بها للاعتقالات والتنكيل، الذي يصل إلى حد القتل، ولا يكتفي "شبيحة" جبريل بتنفيذ المهمة بل تقوم بها أيضاً أجهزة النظام وبشكل منظّم.
أمّا بالنسبة إلى الفصيل الإسلامي الفلسطيني الثاني أي الجهاد الإسلامي، فضغط النظام مورس عليه بشكل مضاعف بعد خروج قيادة "حماس" من سوريا. أمينه العام رمضان شلح تُفرض عليه الإقامة الجبرية غير المُعلنة وفرزت له حراسة مشدّدة، من ضمنها رجل أمن لصيق لا يتركه ولو للحظة، ولا يمكنه التحرك إلا بأذون مسبقة، خصوصاً إذا ما أراد الخروج من دمشق.
خرجت الورقة الفلسطينية من يد النظام ولم يعد سوى انتظار السقوط الذي سيكشف عن الكثير من الأدوار المخابراتية التي لعبتها بعض الفصائل الفلسطينية خدمة لمصالح هذا النظام سواء في سوريا أم في لبنان، وتحديداً في المخيّمات التي كانت حتى الأمس القريب بيئة أرادها، أو أريد لها، أن تكون مسرحاً لسرقة القرار الفلسطيني المستقل ولتشكيل صواعق لنشر الفوضى في لبنان.
اسعد بشارة - الجمهورية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية