سوريا أرض الجهاد بين سُنية أصولية وشيعية "حزب الله"

تحوّلت سوريا، وتحديداً مدينة حلب، خلال الأسابيع الأخيرة إلى ساحة للجهاد تحت حجج متعددة، بين "حزب الله" حامل العقيدة الشيعية وبين الجهات الأصولية السنّية التي تتخذ من الفكر الجهادي عنواناً لها. وقد يصحّ القول إنّ سوريا، وخصوصاً المناطق الساحلية، ستشهد صراعاً أكثر دموية في المرحلة المقبلة بين هاتين الجهتين المتناحرتين فكرياً وسياسياً وحتى عقائدياً، الأمر الذي سيكون له ارتدادات مذهبية في أكثر من بلد عربي، ومنها لبنان.
الصراع في سوريا لم يعد شأناً داخلياً محضاً، إذ إن الأدوار هناك تطورت وتوزعت على محاور قتالية عدة، خصوصاً داخل القرى والبلدات ذات الأغلبية السنّية، التي وَجَدت في توافد المجاهدين إلى أرضها أملاً لها في وصولها إلى الحرية، وربما إلى دولة إسلامية بقيادة شخصية سنّية بعد اكثر من أربعين عاماً للحكم العلوي. لكن في الجهة المقابلة، يقف "حزب الله" وداعمه الإيراني بقوة خلف النظام العلوي منعاً لسقوطه، إلى حين إيجاد تسوية تحفظ لإيران مكانتها ومكاسبها في المنطقة.
المواطن السوري المتمثل بأكثرية سنّية بقي منفصلاً عن العسكر في بلاده لعهود طويلة بعد إلهائه في تحصيل لقمة عيشه، إن من خلال توفير الأراضي الزراعية له ليتقاسم مع الدولة محصولها أو حتى من خلال توفير فرص عمل له داخل أجهزة الدولة بشكل إداري مستقل عن العمل العسكري، في وقت نَعمت فيه المناطق العلوية بازدهار تجاري لم تعرفه بقية المناطق، إن لناحية التهريب على الحدود اللبنانية - السورية أو حتى لجهة تجارة الأسلحة التي كانت جوازاً رسمياً يسهّل للعلوي الاحتفاظ بأي قطعة سلاح يريدها داخل منزله من دون أن تتجرأ السلطات على محاسبته أو حتى مساءلته.
ومن هنا تقول مصادر في الثورة السورية إنّ "أكثر من ثلثَي السُنّة في سوريا لا يجيدون استعمال السلاح بشكل فعّال، ولم يكونوا في الأصل يتوقعون أن تصل الأمور بينهم وبين النظام إلى هذا المستوى من التقاتل بالسلاح، وبالتالي كان لا بد من وصول طلائع بعض المجاهدين لنصرة من أراد رفع الظلم عنه وعن أبناء طائفته في سوريا ولتزويدهم بخبراتهم القتالية ووضع استراتيجيات عسكرية بغية تحقيق نتائج على الأرض".
وتشير المصادر إلى أنّه "مع وصول هذا الدعم أصبحت الخسائر في صفوف الثوار أقل بقليل ممّا كانت عليه قبيل وصول الدعم البشري وحتى العسكري".
وتؤكد أنّ "المعركة اليوم في سوريا أخذت بعداً طائفياً بين السنّة والعلويين المدعومين من شيعة "حزب الله"، وهذا الأمر لن يكون في مصلحة شيعة لبنان خصوصاً إذا انتصرت الثورة السورية. وقد يتخطى الأمر الحدود لينتقل إلى المناطق اللبنانية بين سنّي مؤيّد للثورة، وشيعي مؤيّد للنظام"، كاشفة أنّ "عدداً من اللبنانيين أتوا من لبنان ومن الخارج للوقوف إلى جانب أبناء مِلّتهم بعد التدخل الفاضح لـ"حزب الله" في المعارك التي أزهقت آلاف الأرواح".
وتكشف المصادر أن "الطلب على السلاح في سوريا، ازداد في الأيام القليلة الماضية بشكل ملحوظ بين الثوار، وخصوصاً بين المواطنين بعد اعترافات "حزب الله" بمقتل عدد من عناصره بحجة الدفاع عن مناطق شيعية، وهذا الأمر كان له أثر بالغ في نفوس المتحمّسين لطائفتهم من جيل الشباب"، وتؤكد أن "السلطات التركية تحتجز حتى الساعة عند الحدود أكثر من ألفي شاب بعضهم أتى من بلاد عربية وغربية لمناصرة أهل السنّة وبعضهم الآخر من داخل مخيمات اللاجئين كانوا يعدون أنفسهم للتسلل إلى داخل الأراضي السورية. والجهات التركية تستعمل هؤلاء ورقة للتفاوض مع النظام السوري الداعم لحزب العمال الكردستاني".
وعن تهديد "الجيش السوري الحر" باستهداف "حزب الله" في لبنان، توضح المصادر الآتي: "الحزب هو الذي جعل من نفسه هدفاً مشروعاً للثوار بعد وقوفه الفاضح إلى جانب النظام السوري في وجه الطائفة السنّية، ومجرد رفض السيد حسن نصرالله الاعتذار بالأمس، يكون قد أعطى لحزبه حجة للتمادي في قتل الشعب السوري لأنه متأكد أنّ رفضه هذا قد يكون على حساب حياة عدد من المخطوفين اللبنانيين في سوريا، إن لم يكن جميعهم.
وتختم المصادر مؤكدة "أننا لم نقرّر حتى الساعة طريقة الرد على خطاب نصرالله، فكلامه سياسي لا يمتّ إلى واقع أرض المعركة في سوريا بصلة، على رغم أننا انتظرنا منه الاعتذار من الدم الذي يُسفك على يد حزبه المتحالف مع نظام بشار الأسد".
علي الحسيني - الجمهورية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية