رضوان زيادة قليل عليك قيادة المعارضة السورية... صخر ادريس

لم أقرأ في حياتي حتى الآن مقالاً أثار العديد من التناقضات في داخلي كما فعلت كلمات رضوان زيادة "الثورية" والتي نشرها في إحدى الصحف المعروفة، فقد حملت مخطوطة زيادة الفنية عنواناً جدلياً وهو "رحلة العودة إلى سوريا"، شدني العنوان لأول وهلة، وظننت أنني سأقرأ إحدى النظريات الثورية التي طالما صدع رؤوسنا بها، وإذ بي أقرأ إحدى المعلقات الفخرية المعاصرة في مدح النفس والذات لدرجة تصل إلى الألوهية.
يبدأ صديقنا في مقاله بطريقة تمثيلية ينقصها موسيقى تصويرية رومانسية عن ما أطلق عليها معاناة، محاولاً فيها اجترار حزن أضحى خبزاً يومياً لكل سوري في الداخل والخارج، هذه المعاناة التي استمرت "خمسة أعوام بالضبط من الهجرة القسرية" حسب وصفه، متجاهلاً المعاناة الحقيقة التي قضاها السوريون لعشرات السنين في داخل أقبية السجون وخارجها، وأنه كان أوفر حظاً منهم في هجرته القسرية هذه التي استغرقت من السنين خمساً "بعين العدو".
ويستكمل قصته الحزينة في تسويق الملحمة النضالية والسيرة "الرضوانية" التي خاضها من خلال ما وصفه بـ "المأساة الكبرى" في منع اخته من السفر فقط، ناسياً أن يحمد ربه حيث لم يتم التنكيل بشقيقته كما حصل في "مآسي كبرى" حقيقة مع أخريات غيرها من أهالي المناضلين الحقيقيين.
وإلى هنا ابتلعت المشهد التمثيلي إلى أن توقفت مذهولاً وغير مصدق بأن ثقافة تمجيد الذات التي مورست على كل السوريين والمفروض أن أخانا بالله والوطن "رضوان" يعارضها، وهاهو يمارسها مستعرضاً علينا عندما خط بقلمه الحكيم قصة دس فيها أطنان السم مع حفنة عسل يصف فيها طفلاً صغيراً يستجدي "عمو رضوان" للسلام على والده المقعد، فما كان من المناضل "رضوان" الله عليه، إلا أن امتشق سيف التواضع ممتطياً صهوة الوطنية باتجاه الرجل المقعد، ويكمل في زيادة الطين بلة بأن زوجة الرجل وهي عجوز ولا نعرف إن كان هذا المقعد عجوزاً كزوجته أم لا؟ حيث لم يكتب لنا التفاصيل، بل اكتفى بوصفها أنها تفترش الرصيف لتخاطب زوجها و"تبشره" بتحقيق أمنيته في لقاء "رضوان" الله عليه، هذه الأمنية التي طالما سهر الليالي متضرعاً للعلي القدير كي تتحقق، ومنَ الله به عليها أخيراً، ولم ينته تسويق الذات هنا بل إن الرجل بدا سعيداً مغرماً لدرجة أنه قال لرضوان: أنا أحب كلامك المنطقي، في طريقة مموجة غير مباشرة، يملي علينا فيها أنه محبوب وكلامه منطقي.
بعد الانتهاء من القراءة "القسرية" للمقال، ورحلة جلد الذات التي مارستها على نفسي، تساءلت عن القيمة الفنية والمعنوية أو الاجتماعية أو حتى الوطنية التي أضافتها لنا كلماته، فلم أجد سوى تسويق شخصي غير لائق من شخصية المفروض أنها ترتقي على هذه السفاسف.
إنها ملحمة "جلجا رضوانية" جديرة بالقراءة والذكر والحفظ عن ظهر قلب، أنصح بالإبحار فيها، يستزيد فيها الإنسان علماً وثقافة وخبرة عن سيرة خمسة سنين من الغربة والمعاناة، رضوان زيادة أرجو إرسال صور أولادك وأسمائهم كي نهتف لهم من الآن لنفديهم بالروح والدم، فلا مانع لدينا إن كان ذلك يشفيك، فأنت تبقى مواطناً سورياً، وعلاجك واجب علينا.
سيدي لا ألومك، بل ألقي باللائمة على من نشر مقالك الأجوف، وهاهنا أقف وبكل فخر واعتزاز كي أقول لك: "أنت قليل عليك أن تقود المعارضة السورية، يجب عليك أن تقود المعارضة العالمية، ويقال في مكان آخر المعارضة في العالم".
الله يسامحك يا دكتور برهان فتحت علينا أبواب الزيارات إلى سوريا فصار الجميع يقلدك.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية