أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قضية الأكراد والجنسية

المقــــــــدمة

تصدر لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ، هذا التقرير الخاص بمناسبة مرور خمسة وأربعون عاما على الإحصاء الذي جرى في محافظة الحسكة وليوم واحد في 5/10/1962 تحت ذريعة معرفة السوريين من غير السوريين ،وجرد بسببه عشرات الآلاف من المواطنين الأكراد من جنسيتهم السورية ، وذلك بناء على المرسوم التشريعي رقم 93  في تاريخ 23/8/1962 الذي يسمح بإجراء إحصاء خاص بمنطقة الجزيرة، بناء على المرسوم التشريعي رقم 1 تاريخ 30/4/1962 وعلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 106 بتاريخ 22/8/1962 .وقد تم الإعداد لهذا التقرير الخاص منذ شهور، ولكن في ظروف حرجة ، حيث عملت كوادر اللجان على تأمين الوثائق والمستندات الثبوتية من ضحايا هذا الإحصاء وأرشفتها ،مع مطالبتهم لنا بعدم نشرها وذلك لأسباب أمنية ، كما تم اللقاء مع من وافق  على تسجيل شهادته ونشرها ، وتم أيضا تدوين المئات من أسماء اللذين وافقوا على تسجيل أسماءهم ، وفي نهاية التقرير جدول ببعض هذه الأسماء.

حيث رصدت اللجان المعاناة اليومية لبعض ضحايا الإحصاء ، وما تشكله هذه المعاناة والحرمان من انتهاك سافر لأبسط حقوق المواطن ، وإن هذا الإجراء التمييزي ونتائجه ، الذي اتخذته السلطات السورية المتعاقبة منذ عام 1962 وحتى لحظة كتابة هذا التقرير ، ضاربة عرض الحائط حقوق المواطن وحقوق الإنسان والتزامات سورية الدولية ذات الصلة المتعلقة بحقوق الإنسان ، وذلك رغم الوعود المتكررة من السلطات السورية بإعادة واحترام حقوقهم ، وكان أخرها خطاب الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية.

كما رصدت لديهم فقدان الأمل بالوعود المتكررة ، مع تأكيدهم بأنهم ينتمون لهذا الوطن ، وأنهم من أبنائه، ويعملون بكل جد من أجل تقدمه وازدهاره ، بما يضمن حياة مختلفة لأبناهم ، ومن أجل أن تنعم أجيالهم القادمة بحقوقهم، وتتفتح في مناخ الحرية وسيادة القانون والدولة الديمقراطية ، . 

خلفية الموضوع

 

يتميز المجتمع السوري تاريخيا بغنى التنوع والتعدد في انتماء أفراده بالمعنى القومي و الديني و المذهبي ، فهناك عدد من القوميات تشكل هذا المجتمع منها ( العربية ، الكردية ، السريانية ( كلدو- آشور ) إضافة للأرمنية والتركمانية ....) ، وإذا كان الاختلاف واقعاً موضوعياً فإن العبرة في مسألة الأقليات تكمن في "العنصر الذاتي"، أي في إدراك أفراد هذه الجماعات باختلافهم وتمايزهم، وإدراك الجماعات الأخرى القريبة منها لهذا الاختلاف والتمايز، و بمستوى الوعي الاجتماعي و بنمط العلاقات الاجتماعية الاقتصادية والثقافية والسياسية السائدة في مجتمعنا ، وبالتالي فأن هوية الدولة ونمط علاقة السلطة مع المجتمع هي المحدد الأساسي في إمكانية الانتقال من المجتمعات المغلقة إلى المجتمعات المفتوحة أي من التذرر الاجتماعي والاحتقانات الاجتماعية البينية ، إلى الاندماج الاجتماعي ، ومن الانشطار الوطني القائم بالقوة إلى الوحدة الوطنية التي يمكن أن تقام بالفعل ، ،ورغم الهامش المتباين للسماح لهذه المكونات في التعبير عن نفسها وتعلم لغاتها ، إلا أن هذه المكونات لا يعترف بها دستوريا ، إضافة لهيمنة الطابع الأيديولوجي السياسي  على المسألة المتعلقة بالجنسية،  وتعزيز الطابع الأيديولوجي القومي العربي  في المناهج التعليمية ، التي لا يتم ذكر هذه المكونات كمونات متميزة ولها وجودها التاريخي في المنطقة ، مما أسهم بتعزيز  مناخ من الثقافة الأيديولوجية القومية العربية قائمة على التمييز العنصري . وبهذا المعنى  تعيش هذه الكونات مركب التمييز والاضطهاد ، إلا أن المواطنين الأكراد يعانون من إجراءات تمييزية / اضطهادية إضافية ، مما ترك آثاره السلبية في العلاقة التاريخية التعايشية بين العرب والأكراد، حيث تقدر نسبة الأكراد بحسب أكثر من مصدر بين 9-11% من تعداد السكان مع العلم أنه ليس هناك إحصائيات دقيقة عن ذلك سوى ، باعتقادنا ، عند السلطة و لا تفرج عنها ؟ .

و يتعرض الأكراد لأشكال مختلفة و معقدة من الاضطهاد والتمييز مورس بحقهم ، و ربما تشكل حالة الأكراد المجردين من الجنسية و المكتومين ، من أكثر الحالات انتهاكا سافرا لحقوق الإنسان و للدستور السوري و للمواثيق و العهود و الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها سورية . حيث جرد آلاف من المواطنين  من جنسيتهم بموجب الإحصاء الاستثنائي عام 1962 في محافظة الحسكة ، والنسبة العظمى هم من المواطنين الأكراد، و بعد إعلان حالة الطوارئ، في 8 آذار (مارس) 1963، تابعت الحكومات الجديـدة سيـاسة التمييز هذه, وقد نشر حزب البعث دراسة أعدها مسؤول الأمن السـياسي في المنطقة  يخلص لاعتـبار الأكراد شعبا دون حضارة أو لغة أو أصل اثني وهو لا يملك سوى القوة الهدامة والعـنف اللذين يميزا سكان الجبال. و أما الخطة المقترحة ، فتهدف إلى استئصال الوجود الكردي من سورية في برنامج من 12 نقطة:

1- التهجير للداخل (عبر نقل السكان)، 2- التجهيل (حرمان الأكراد من التعليم والتأهيل العلمي)، 3- سد باب العمل (الحرمان من العمل والمساعدة)، 4- الإبعاد (تسليم المتمردين للبلدان المجاورة)، 5- فرق تسد (تحريض الأكراد ضد بعضهم)، 6- تطبيق الحزام العربي، 7- سياسة إسكانية للعرب، 8- عسكرة المنطقة، 9- إيجاد مزارع جماعية تابعة للدولة، 10- حرمان من لا يعرف العربية من حقوقه السياسية، 11- إرسال رجال دين عرب للمنطقة ونزع الصفة الدينية عن رجال الدين الأكراد أو نقلهم إلى داخل البلاد، 12- تنظيم حملة لمناهضة الأكراد في صفوف العرب.

ويعطي هذا التقرير صورة عن مدى خطورة الخطاب القومي في المنطقة وطابعه الاستئصالي الذي يطال المختلف بالمعنى القومي.

و في بلاغ وزير الداخلية عام 1963 تم منع أبناء محافظة الحسكة من نقل قيودهم المدنية إلى المحافظات الأخرى أما المواطنين الأكراد من أبناء المحافظة بنقل قيودهم .

في 1964، صدر المرسوم 1360 الذي اعتبر كامل محافظة الحسكة منطقة حدودية مع أن عمقها يبلغ حوالي 200 كيلو مترا. وقد أعلنت الحكومة عن مشروع "الحزام العربي" بعمق 15 كم وعلى طول 280 كم على الحدود التركية. الأمر الذي يعني في الواقع العملي تهجير السكان الأكراد من قراهم .

وتحت عنوان تحقيقات في التطبيق الاشتراكي، نشرت جريدة "المناضل" الداخلية لحزب البعث في العدد الحادي عشر عام 1966 تقريرا رفعه رئيس مكتب الفلاحين في الحزب يتعامل مع الوجود الكردي باعتباره مؤامرة تسعى لخلق إسرائيل ثانية في المنطقة. وفي 1967، ألغت كتب الجغرافيا المدرسية أية إشارة للأقلية الكردية في سورية، ومنذ ذاك التاريخ، يمارس موظفو الأحوال الشخصية ضغوطا على المواطنين لعدم إعطاء أبنائهم أسماء كردية.

وفي 11/11/1986 نشر محافظ الحسكة القرار رقم 1012/ص/25 الذي يمنع استخدام اللغة الكردية في أماكن العمل . في 3 ديسمبر ك1 1989 ، أصدر محافظ الحسكة محمد مصطفى ميرو (رئيس الوزراء الأسبق) القرار 1865/ص/25 ليؤكد هذا المنع ويضيف إليه الأغاني غير العربية في الأعراس والأعياد. في تعارض مع معطيات الدستور السوري نفسه وكافة الاتفاقيات والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان .

فمن الواضح اتخاذ السلطات السورية إجراءات ، تندرج في سياق التمييز العنصري بحق المواطنين الأكراد ، وبما أن قضية حقوق الإنسان قضية لا تقبل التجزيء ولا المفاضلة فإن أن انتقاص أي حق من الحقوق هو انتقاص من الحقوق كلها، بما فيها حق الحياة. وأن انتقاص حقوق أي جزء من المجتمع مهما كان قليل العدد هو انتقاص من حقوق المجتمع كله. وإن المجتمع القابل للنمو والتقدم هو المجتمع الحر. ولا يكون المجتمع حراً إلا حين يكون جميع أعضائه أحراراً. والحرية مشروطة دوماً بالقانون والمسؤولية

ومن هنا فإن التقرير يستهدف المواطنين الأكراد السوريين الذين تم تجريدهم بموجب الإحصاء الاستثنائي عام 1962، والذي بموجبه تم تجريد الآلاف من جنسيتهم السورية ، في إجراء استثنائي ، مما جعلهم عرضة ، وبشكل مستمر، لكل أشكال التمييز والاضطهاد ، والانتهاك السافر لحقوقهم الأساسية و للدستور السوري ولالتزامات سورية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ، ومع مرور 45 على هذا الإجراء تضاعف عددهم مما كرس مشاكل اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية ، حيث يقذف سنويا المئات من الأسر في مستقبل مجهول دون ضمانات ودون أمل لتتحول هذه القضية لبؤرة توتر لا يمكن أن نحدد نتائجها ، وذلك بسبب ما تعانيه هذه الأسر من حرمان من أبسط الحقوق  .-----

www.cdf-sy.org danial saoud c.d.f بونجور شام
(114)    هل أعجبتك المقالة (148)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي