مرّ عام ونصف عام على تحول قناة «أورينت» السورية الخاصة من قناة منوعة إلى إخبارية متخصصة في الشأن السوري الداخلــــي، قدمت خلالها تجــربة استثنائية على كل المستويات اذا اخذنا في الاعتبار الصعوبات والعقبات التي تعرضت لها، بداية من التشويش الفضائي، مروراً بالتهديد الذي تعــرض له طاقمها، وانتهاءً بتشويه سمعة صاحبها في الـــشارع الســـــوري. لكنّ القناة استطاعت بدأبهـــا في البحث عن الحقيقة ومهنيتها العالية التي تطورت مع الوقت، على تجاوز كل تلك الصعوبات، وتحولت كما أحد شعاراتها إلى «صوت الثورة».
ويبدو ان الخط البياني للقناة في ارتفاع مستمر، فبعد بثها اليومي لساعة واحدة فقط في بداية الأحداث في آذار (مارس) من العام الماضي، أصبحت تبث على مدار الساعة، وتقدم عدداً كبيراً من النشرات والبرامج الإخبارية المتخصصة، والتي تستضيف نخبة من المحللين والاختصاصيين في الشأن السوري.
وما ميّز نشرات أخبار «أورينت» منذ انطلاقتها، الوجود في المكان عينه، اذ حرصت على توظيف عدد من المراسلين في الداخل السوري، رغم منع النظام للقنوات الفضائية من الوجود على الأراضي السورية، وانفردت بالتقارير الميدانية من كل أنحاء سورية. ولم تترك قرية أو مدينة أو حتى ضاحية إلا ومرّت فيها طواقمها، لتنقل الحدث، من دون ان تستثني تظاهرة أو اعتصاماً في الداخل والخارج.
هذا التميّز على مستوى نشرة الأخبار رافقه تميز من نوع آخر في نوعية البرامج التي ارتقت في شكل تدريجــي إلى مستوى احترافي واضح المعالــــم في الإعداد والتقديم والتصوير وحتى الإخراج. وسرعان ما تحولت القناة الإخبارية الوليدة من قناة هواة تحاول إيجاد مكان لها على الخريطة الإخبارية الفضائية، إلى قناة محتــــرفة لها مكانتها في الداخل والخارج السوري وبين القنوات الإخبارية.
برنامج «إعلام الثورة» كان له صدى كبير أخيراً، اذ قدّم الوسائل البديلة التي استخدمها الشعب السوري لفضح التضليل الإعلامي الرسمي الذي انتهجته الفضائية السورية وقناة «الدنيا». والأمر ذاته ينطبق على برنامج «صناعة الكذب» الذي اهتم في شكل رئيسي بتحليل وتفصيل ما يبثه إعلام النظام عبر اختصاصيين في البرمجة العصبية اللغوية، ومحللين سياسيين متمرسين.
أما برنامج «المضحك المبكي»، فعلـــى رغم بدائيـــــة أدواته، قدم مجموعة من المشاهد التمثيلية الخاصة بالثورة السورية، لاقت إعجاب المراقبين، وتناقلهــــا المواطن الســـوري عبــــر الإنترنت والخليوي، في حين كان برنامج «الطريق إلى دمشق» فسحة مهمة للقراءة السياسية للوضع السوري من كل الجوانب، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وحتى فنياً.
وعلى رغم انحياز القناة في فترة من الفتــــرات إلى المجلس الوطني السوري على حساب أطراف المعارضة الأخرى، لكنها عدلت من نهجها أخيراً وأفسحت المجال لأطراف اخرى للتعبير عن وجهة نظرها ورأيها في الحدث السوري.
هـــذه البرامـــج وبرامج أخرى، إضافة إلى نشرات الأخبار المميزة، ترافقــــت مع أفلام وثائقيــــة مستمــــرة عــــن سوريــــة، رافقت الحدث حيثما حـــلّ، من بـاب عمرو في حمص إلى اللجاة في درعا، مروراً بدوما في دمشق.
«من سمع ليس كمن رأى» هو الشعار الذي اتخذته القناة في خطها الإخباري، ويرى مراقبون أنه حُقق في شكل كبير على أيدي العاملين في القناة في الأشهر الأخيرة، فالإصرار والمثابرة رغم كل المشاكل التي واجهت «أورينت» كانا واضحين في عملها، وأديا في شكل كبير إلى تحقيق شعارها، مؤكدة لمتابعيها في كل أنحاء العالم أن من سمع ليس كمن رأى، وان ما يحدث في سورية يحتاج إلى عين ترى لا فقط الى أذن تسمع.
الحياة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية