أراقب أزمة الربيع العربي وضآلة النصر المحقق وشلل المجتمع الدولي وفقدان الحماس العام بسب منع الشعوب وحرمانها من حق تقرير مصيرها نحو مجتمع مدني يضمن الحرية .
اشاهد الأحداث الدامية المحزنة التي اصبحت بلادنا سوريا ساحة لها ....ذلك كي لا يكون النصر رخيصا فتكون الدعوات هزلا ،فا السوريون اليوم منتدبون لمهمة إنسانية تاريخية كبيرة ،لا يعود خيرها عليهم وحدهم بل على المنطقة كلها ،مهمة فيها ضمان للحرية وذخيرة من الافكار والعبر هي صفوة الربيع السوري .
وهنا لابد من وقفة أمام الثورة السورية لاستنباط الحقائق و اجتلاء السرائر ،وما وراءها من اسرار في عالم الحكمة وعالم الحياة .لعل هذا ما دفع احد فلسفة الهند يدعى بيدبا يقول :(الحكمة متى دخلها كلام النقلة افسدها و استجهل حكمتها ).فما الحكمة من طول الثورة السورية و بطئ النصر ...الجواب :
أن حكمة الرب في هذا هي العليا ،وأن لله الحجة البالغة ..والذي ندركه نحن البشر من تلك الحكمة ويظهر لعقولنا ومداركنا من تجاربنا ومعارفنا أن الله سبحانه لم يرد أن يكون حملة لواء الثورة وحماتها من الادعياء الكسالى المقصرين ،الذين يجلسون في استرخاء وطيب من العيش ثم ينزل عليهم نصره بلا عناء ،لمجرد انهم يقيمون بما وجب واستوجب حسب القانون المدني أو الدولي .
فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر وهي تدفع وتدافع عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدي دورها لتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها ....وتتهيأ بذلك لحمل الامانة الضخمة .
وهناك التربية الوجدانية والدربة العملية للثورة تلك التي تنشأ من القوة والضعف والتقدم والتقهقر والكر والفر ،وما يصحبها من مشاعر فرح وغم ،اطمئنان وقلق ،تجمع وفناء ،وتدبير الامور والتنسيق في ثنايا المعركة وكلها ضرورية للأمة فالنصر سببه .وله تكاليفه .وله شروطه .ويتوارى في ظله اشخاص ومطامع وشهوات وغايات .
قد يبطئ النصر لأن الباطل لم ينكشف زيفه للناس تماما .فلو كان النصر للثورة سهلا سريعا لين حينئذ قد يجد الباطل أنصارا من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله ،فتظل له جذور في نفوس الابرياء والذين نسميهم المحايدين .فيشاء القدر أن يبقى حتى يتكشف عاريا للناس ،ويذهب غير مأسوف عليه .وهذا ما كن نسمعه حول شخص الرئيس الاسد وفضائله وحكمته وقيادته الرشيدة من المدافعين عنه .
قد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة السورية آخر ما في طوقها من قوة وآخر ما تملكه من رصيد ،فلا تستبقى عزيزا ولا غاليا فتدرك أن القوة وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر .إنما يتنزل النصر من عند الله .وهذا ما كتب وقيل من شعارات في المظاهرات السلمية (عجل نصرك يا الله ) (مالنا غيرك يا الله ).
قد يبطئ النصر لأن البيئة المجتمعية لا تصلح بعد لاستقبال قيم الحق والخير والعدل ،فلو انتصرت الثورة بتلك القيم للقيت معارضة من البيئة المعادية لا يستقر معها قرار فيظل الصراع قائما ولا تتهيأ النفوس للاستقبال والاستبقاء .
قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الثورة بقية من خير ، من اجل هذا كله ومن اجل غيره مما يعلمه الله ،قد يبطئ النصر ،فتتضاعف التضحيات ،وتتضاعف الآلام ،ويتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية