لقد تغير الزمن منذ أن انتُخبت للمرة الأولى حاكمة لولاية فيرمونت عام 1984. وعندما تجولت في المكتب في أول صباح عقب الانتخابات أخذت استعرض صور الحكام بأسماء مثل إبينيزر وإيراستوس وإيزرا ووجدتهم وكأنهم يحدقون في وجهي ولسان حالهم يسألني : ماذا تفعلين هنا؟ وعندما زارت مليسا كامبل ذات التسعة اعوام مقر ولاية فيرمونت عام 2006 ووقع بصرها على صورتي صاحت مندهشة: أخيرا امرأة - لقد حان الوقت.
هل آن الأوان بالفعل أن تتولى امراة منصب الرئيس؟ هل نحن مستعدون؟ الإجابة هي أن بعض الأجزاء في الولايات المتحدة أكثر استعدادا من الاخرى وربما يتضح ذلك من خلال عدد النساء اللاتي تم انتخابهن لمنصب الحاكم في عدد من الولايات.
ولننسى التنبوءات التي خرجت بها نتائج استطلاعات الرأي لخطئها في فهم حقيقة الوضع في نيوهامبشاير. فهناك تباين في التاريخ السياسي وفي الثقافات بين ايوا ونيوهامبشاير فيما يتعلق بانتخاب المرأة وهو ما ظهر في التصويت الأخير. وهناك اختلافات مماثلة بين الولايات ربما تلعب دورا في التصويت القادم هذا الشهر وفي يوم الثلاثاء المشهود في فبراير.
وقد انتخبت نيوهامبشاير أنثى شهيرة لمنصب الحاكم ثلاث مرات كما ان الولاية تأتي في الترتيب الثاني بين الولايات الأميركية الأعلى تمثيلا بنسب من النساء في المجالس التشريعية - 35.8% (ولايتي هي الأولى بنسبة 37.8 %) فيما تأتي أيوا في مرتبة متوسطة بنسبة 22.7% إلا انها إحدى ولايتين لم يبسق لها أن انتخبت امراة على الإطلاق في الكونجرس أو لمنصب الحاكم (الولاية الأخرى هي مسيسبي) وعلى ما يبدو فإن تولي المرأة لمثل ذلك المنصب الرفيع لا يروق للناخبين في أيوا.
وقد شاركت المرأة بفاعلية كبيرة في انتخابات الديموقراطيين الأخيرة بنسبة كبيرة في أيوا ونيوهامبشاير وتطابقت نسب المشاركة في كلتا الولايتين ( 57% للمرأة و43% للرجل) بيد أن غالبية النساء في نيوهامبشاير أعطت اصواتهن للسيناتور هيلاري كلينتون أكثر مما صوتن لباراك أوباما (46% مقابل 29% ) فيما صوتن لصالح أوباما في أيوا بنسبة 35 الى 30 في المائة. فلماذا الاختلاف ؟
بعيدا عن انتخاب امرأة لمنصب الحاكم فقد اصبحت نيوهامبشاير اكثر اعتيادا على وجود المرأة في المناصب التشريعية الرفيعة فرئيسا مجلسي الشيوخ والنواب هناك امرأتان وقد بات صوتهما وصورتهما مألوفين على شاشات الاخبار المسائية. ولم يعد الامر مفزعا أن نرى المرأة في منصب السلطة فهي تتواجد بأعداد جوهرية ولم تعد تسريحات شعرهن واختيارهن للألوان او توجهاتهن العاطفية محط تركيز للأخبار لانهن انصرفن عن التركيز على مثل تلك الأمور.
وخلال بحثي في كتابي الذي أعده للنشر خلصت الى ان انتخاب المرأة امر مرتبط بالاعتياد عليه وكلما زادت مشاهدتك له كلما بات مألوفا لديك. فالولايات الاميركية التي تمثلها اثنتان من السيناتورات في واشنطن وهما كاليفورنيا وماين بهما أيضا العدد الاكبر من النساء في وفود الكونجرس وكذا نسبة مشاركة مرتفعة للمرأة في المجالس التشريعية المحلية. فالنساء اللاتي يتم انتخابهن يقدمن النموذج للأخريات كي تحذو حذوهن وتدخلن المنافسة بشعار : ولما لا.
وللنساء قدرة أكبر على التأثير على الناخبين والبرهنة على ان التنوع الذي تجلبه المرأة الى العملية السياسية له مردوده الايجابي من خلال تقديم أفكار وأولويات وأساليب قيادة جديدة.
وأعتقد أنني كنت طموحة عندما رشحت نفسي لانتخابات الحاكم كما ان اي امرأة تقوم بالمحاولة يجب ان تكون طموحة. وقد اكتشفت الناخبات في الساعات الاخيرة قبل الانتخابات في نيوهامبشاير حقيقة جوهرية وهي ان تنافس النساء على منصب الرئاسة يختلف لدى النساء عنه لدى الرجال. وبات الاختلاف جليا عندما تهدج صوت هيلاري وأظهرت عاطفة جياشة خلال لقائها مع مجموعة من النساء على العشاء. والسؤال : عندما تنتقل الحملات الانتخابية الى نيفادا وساوث كارولينا وما وراءهما هل ستستمر النساء في وقوفهن بأعداد كبيرة وراء هيلاري؟ الواضح ان المنافسة في ساوث كارولينا ستكون صعبة. فالولاية تأتي في مؤخرة ترتيب الولايات من حيث أعداد النساء العضوات في المجالس التشريعية ( 8.8%) بيد أن هناك نساء كثيرات قدمن نموذجا يمكن أن يتمثله الناخبون.
والواضح ان لا أجواء في نيفادا وفلوريدا أكثر ودا للمرأة. فنسبة التمثيل النسائي في المجلس التشريعي في فلوريدا 30.2% كما ان المرأة هناك تتولى منصب المدعي العام ومسؤول الخزانة. وفي فلوريدا تمثل النساء بنسبة 23.1% في المجلس التشريعي كما ان الولاية يمثلها خمس نساء في الكونجرس.
وكلما زادت نسبة تولي المرأة لقيادة المجالس التشريعية مثل رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي كلما تزايدت نسبة تولي المرأة للمقاعد الانتخابية في الولاية كما سيقل في الوقت نفسه طرح السؤال: هل الولايات المتحدة مستعدة لتولي المرأة الرئاسة؟
نيوهامبشاير أجابت بنعم. اما بالنسبة للأجزاء الأخرى من اميركا فربما تحمل لنا الانتخابات القادمة الإجابة.
حاكمة ولاية فيرمونت السابقة الديموقراطية وسفيرة الولايات المتحدة في سويسرا.
خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية