عندما تُـذبح النِعاج فإنها في لحظات نزعها الأخيرة، تبدأ بالرقص آلماً ودمائها تسيل بغزارة متطايرة هنا وهناك لتصل إلى المحيطين بها وتلطخ ثيابهم ببعض بقع الدماء.
والنظام السوري اليوم شأنه شأن تلك النعجة المذبوحة وإن طال انتهاء نزعها، فإن كل ما يقوم به النظام من تخبط وقصف عشوائي هنا وهناك، وإطلاق للشائعات والنيل من الأشخاص الثقات في الثورة، يدل على حيوانيته المشابهة للنعاج المذبوحة.
فكانت آخر نتاجاته في حملات التشويه والتشهير، هي النيل من سمعة الإعلامي السوري موسى العُمر، الذي كان يعمل مذيعاً وصحفياً في قناة الحوار من بريطانيا.
بدأت الحكاية عندما نشر أحد المواقع التي تدعي أنها"تغرد خارج السرب"، وثيقة غير مختومة ولا مؤرخة وصفها بالـ"مسربة" من داخل "المخابرات السورية" تفيد بأن العُمر جُنّد لصالح المخابرات السورية بالتجسس على المعارضة السورية في لندن.
الأمر الذي أدى إلى إحداث ضجة في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي بين مدافع عن العُمر ومهاجم له.
مما دفع بالأخير أي العُمر بتوضيح الأمر في حسابه الخاص الفيسبوك فكتب: "من عنده ثلاث أخوة أشقاء في الجيش الحر لا يكون عميلاً، من اعتقلت أمه ومعها أختيه الطفلتين في مطار حلب وتوجهوا بهم بالسلاسل إلى المخابرات الجوية لا يكون عميلاً، ومن هُدم بيته بأمر من رأس النظام لا يكون عميلاً، من ساهم في انشقاقات رجالات الدولة مؤخراً لا يكون عميلاً، من صدح بالحق وآثر البقاء لعام ونصف ينقل آهات المعذبين والمظلومين ودخل قلوب السوريين لا يكون عميلاً، من يرضى بـ٤٠٠ دولار شهرياً وراتبه ٢٠ ضعف هذا المبلغ لا يكون عميلاً، من تقول عنه المخابرات السورية إنه عميل لا يكون عميلاً ... ربي إني مغلوبٌ فانتصر".

وأضاف العمر مخاطباً جمهوره: "كونوا بجانبي ولا تساهموا في ذبحي، فهذا ما يريده النظام وبعض العاطلين من مرتزقة من الثورة".
وأفاد العُمر عن اتصال جاءه من الناشط والسياسي عبيدة فارس الذي ورد اسمه هو أيضاً في نفس الوثيقة يعرب فيها عن تضامنه معه ضد ما وصفها "بالحملة المليئة بالأكاذيب".
كلام العُمر هذا أدى إلى تعديل كفة الميزان وعودتها إلى نصابها الطبيعي، ووضع إشارات استفهام كبيرة أمام ما نشره الموقع من وثائق لا تحمل صفة الرسمية مست العُمر دون تأكيد مصداقيتها ومرجعيتها من القائمين على الموقع، إلا ببضع أوراق يمكن أن يصوغها أي أحد عبر برنامج الـ Word، خصوصاً وأنها غير مذيلة بختم المخابرات العامة السورية الشهير.
وعلى سبيل التجربة قررت ككاتب وصحفي أن أُنشىء "وثيقة" و"أسربها" إلى رئاسة تحرير جريدة زمان الوصل أُدين بها نفسي بأنني أيضاً مجند لصالح المخابرات السورية في التجسس على المعارضة الخارجية، كدليل على سهولة تلفيق أي معلومة بصف بضعة حروف، ونشرها في فضاء يهوى سكانه الإشاعات والطعن بالناس، دون التحري على صِدق ما ورد، وغير مكترثين بقول الله عز وجل: (إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
وقال ناشطون بأن هذه ليست الأولى التي يتعرض فيها العُمر لمثل هذا النوع من "الشائعات" عبر ذات الموقع.
وأضافوا أن الموقع نشر خبراً مشابهاً لم يلقى رواجاً نسبه لأحد الأشخاص المغردين على تويتر يدعى "بوسليم" اتهم فيها العُمر بالعمالة للمخابرات الإماراتية، مما دفع بالقائمين على الموقع ببناء مادة خبرية كاملة وفقاً لـ "بوسليم".
وتساءل بعض الناشطين ما إذا كان القائمون على الموقع قد وقعوا ضحية وثيقة مصنوعة من داخل النظام وقام بتسريبها بنفسه لضرب واحد من الأصوات المؤثرة في الشارع السوري، أو من وجد في هذه الأحداث والفوضى القائمة فرصة للنيل من العُمر وتصفية حسابات قديمة، أم هناك أسبابٌ أخرى.
ويذكر أن الإعلامي موسى العُمر كان قد دخل الأراضي السورية في الآونة الأخيرة بحماية الجيش السوري الحر، وزار مسقط رأسه تفتناز ومنزل عائلته المدمر على أيادي جيش النظام.

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية