لم يعد اقتناء سيارة فارهة أو شراء شقة سكنية فخمة الحلم الأبرز الذي يراود السوريين هذه الأيام، ولكن احتل الحصول على أسطوانة غاز منزلي جديدة موقع الصدارة في طموحات العائلات السورية بسبب فقدانها من السوق من جهة، وغلاء سعرها من جهة أخرى.
يقف أبو أحمد، رب أسرة وموظف قطاع عام في منتصف الأربعينيات من العمر، في طابور طويل على أمل استبدال أسطوانة غاز فارغة بأخرى معبأة، و بعد انتظار قارب الساعتين يصل الرجل الأربعيني إلى مقدمة الدور إلا أن أمله يخيب عندما يكتشف نفاد الأسطوانات الجديدة ليضيع وقته وجهده سدى.
وقفز سعر أسطوانة الغاز المنزلي من 200 ليرة سورية تقريبا قبيل انطلاق الاحتجاجات ضد السلطات في آذار/ مارس العام الماضي إلى 250 ليرة ومن ثم إلى 400 قبل أن يصل مع اشتداد الأزمة إلى 1500 ليرة سورية مؤخرا (نحو 21.5 دولار أمريكي)، أي بما يزيد على سبعة أضعاف السعر السابق .
وترافقت هذه الزيادة الفادحة في السعر مع افتقاد المادة من السوق مما جعل الحصول على الغاز المنزلي أمراً غاية في الصعوبة.
وبدأت أسرة أبو أحمد بتغيير بعض عاداتها للتكيف مع المشكلة حيث يقول أبو أحمد لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ):"توقفنا عن إعداد الشاي مع وجبتي الإفطار والعشاء، وكذلك البيض المقلي أو المسلوق".
ويضيف:"كثيراً ما اعتمدت في وجبة الغداء على إحضار الطعام الجاهز من السوق بالأيام الأخيرة، أنا حالياً أفكر باستخدام (غلاية) ماء كهربائية لتحضير الشاي الذي لا أستطيع الاستغناء عنه أو ربما العودة إلى استخدام الغاز والحطب".
وأرجع وزير النفط السوري في حينها سفيان العلاو، الأزمة في مادتي الغاز والمازوت إلى عدة أسباب، أهمها "اقدام المواطنين علي تخزين كميات تفوق بكثير حاجتهم الفعلية، فضلا عن عمليات التهريب".
وأشار العلاو، في تصريح لصحيفة محلية أواخر العام الماضي، إلى أن "تأمين المواد لم يعد بالسهولة السابقة بسبب العقوبات (الأوروبية والأمريكية على سورية) التي شملت نقل المادتين، والتأمين على الشحنات، وفتح الاعتمادات في البنوك".
وقامت السلطات السورية، بحسب العلاو، بعدة خطوات لمواجهة هذه الأزمة مثل "زيادة الاستيراد وزيادة الكميات المنقولة باستخدام الصهاريج، وطلبنا من وحدات التعبئة أن تعمل ليلا نهارا حتى أيام العطل، وفعلنا مراكز التوزيع، ففي دمشق وحدها لدينا ثمانية مراكز تبيع 15 ألف أسطوانة يومياً".
ويضيف العلاو ، لقد تعاونا مع المؤسسة العامة الاستهلاكية لاستخدام سياراتها، وتعاقدنا مع المؤسسة العامة للخزن والتسويق لتوزيع الغاز وطلبنا مساعدة المؤسسة الاجتماعية العسكرية لتفعيل عملية التوزيع"، إلا أن الخطوات المذكورة آنفا لم تحل المشكلة أبداً.
في مطلع شهر حزيران/ يونيو 2012،قتل ثلاثة أشخاص بسبب مباشر من أزمة الغاز، إذ ذكرت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات أنّ "امرأتين سقطتا في حي التقدم والحجر الأسود (ضواحي العاصمة دمشق) نتيجة الازدحام والعراك على أسطوانات الغاز، إحداهما أرديت عن طريق الخطأ بإطلاق النار من أحد عناصر الشرطة المكلفين بالإشراف على عمليات التوزيع وتنظيم الدور، والأخرى قتلت بسقوط أسطوانة عليها، كما قتل رجل أثناء مشاجرة مع آخر على دور (في الحصول على اسطوانة)".
الأهمية التي ينطوي عليها الغاز المنزلي في حياة السوريين حدت بمجموعة شبابية إلى تنظيم فعالية تتضمن مسابقة لتعبئة ثلاث أسطوانات غاز يفوز بها المتسابق.
وقال منظم الفعالية مهند شبيب لـ (د. ب. أ) إن الفكرة هي "العمل بطريقة ترفيهية على تأمين مادة غير متوافرة لمواطن سوري، بعيداً عن التوتر الذي يعيشه المواطنون في هذه الظروف".
وكتب أحد الصحفيين السوريين ، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك محتفلا بتأمين أسطوانة غاز منزلي: "بعد انقطاع دام خمسة أيام، رزقنا الله، وبمساعدة أحد الأصدقاء بأسطوانة غاز منزلي- وزن عشرة كيلو جرام، وقد فرحنا كثيرا وشاركني الفرحة أخي وصديقي الذي قدم من درة الفرات (دير الزور ) ليحتفل معي، وشربنا الشاي في هذه المناسبة العظيمة".
DPA
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية