عَيَّنَ عبد الرؤوف الكسم إدارة جديدة للمشروع بعد استقالتي الإجبارية قامت بفَصل جميع أصحاب المناصب القيادية الفنية من العمل وعيّنت مهندسين من جماعة الحكومة لا يفقهون شيئا عن المشروع وأعماله! – أحدهم كان مهندسا لصّا مشهورا من جماعة النظام - فأخذ المشروع بالتباطؤ تدريجيا حتى توقف نهائيا خلال شهرين من استقالتي!
عمل عبد الرؤوف الكسم – وما هو إلا حمار هندسيا ( كان لا يعرف كم تكلفة المتر المربع من أبنية السكن، فسألني عن ذلك بغرض معرفته!! وفاسد مُخرّب إداريا - على أن يُعيد العمل في المشروع بمحاولته تكليف جهات رسمية وخاصة، لإدارة المشروع، فعجز عجزا مطلقا:
حاول تكليف مؤسسة الإسكان العسكري بإكمال المشروع، فرفض مديرها العام!
قام بتكليف مؤسسة الإنشاءات العسكرية ففشلت كلية، وتوقف التكليف بعد بضعة أشهر!
عرض الكسم إدارة المشروع على بعض كبار المهندسين – اذكر منهم المهندس عبد النافع شاهين الذين كان معاونا لوزير المواصلات فاعتذر، قائلا بنزاهة بوجوب عودة الإدارة التي أسست المشروع لإكماله!
ولم تعد الحكومة لاستكمال بناء المشروع حتى عام 1990 – بعد أن أُبعد الكسم عن رآسة الحكومة - وحيث تضاعفت تكاليف مساكنه عدة مرات، بسبب استمرار دفع كثير من الرواتب لبعض العاملين وغيرهم!! إضافة لارتفاع أسعار مواد البناء التي تحتكرها الدولة باطراد!
طبعا بقيتُ في بلدي وطني، وقمت مع زملاء لي في الشهر الحادي عشر لعام 1980 بإحداث تعاونية هندسية، للدراسات وتنفيذ المشاريع في سورية والبلاد العربية، وحيث كان هدفنا استثمار خبراتنا في مشاريع للمملكة العربية السعودية خاصة، والتي كانت معظم مشاريعها آنئذٍ تأخذها شركات كورية جنوبية:
تم نُشر تأسيس التعاونية الهندسية في الجريدة الرسمية أصولا! في مطلع عام 1981
بعد حوالي الشهرين من نشر التأسيس في الجريدة الرسمية، قام عبد الرؤوف الكسم رئيس الحكومة المذكور بتوجيه إحدى الوزارت المختصة لإصدار قرار "بإلغاء التعاونية الهندسية"
راجعت أثنين من كبار المحامين، كلاهما كان وزيرا للعدل ونقيبا لنقابة المحامين السورية على أيام البعث! فأجاب كليها بأن قرار " عبد الرؤوف الكسم" غير دستوري ولا قانوني" مُشبهين الشخصية الإعتبارية مثل الشخصية الطبيعية، حيث بعد أن يولد الطفل، فلا يُمكن إرجاعه لبطن أمه، ولكن يُمكن محاكمته في حال ارتكابه – بعد أن يكبر ويعمل – على أي خطأ قانوني! وتعهد كلا المحاميان بإقامة الدعوى على رئيس الحكومة في مجلس الدولة – وهي المحكمة الدستورية الوحيدة التي تنظر في خلافات الدولة مع المواطنين! وأن ننتظر حكما إيجابيا لصالحنا بالتأكيد من الجلسة الأولى!!
حضرنا الجلسة الأولى، فتقدم ممثل الحكومة بطلب التأجيل لغرض دراسة الموضوع، فقام رئيس محكمة مجلس الدولة "العجلاني" (نسيت أسمه الأول!) بالموافقة على طلب التأجيل شهرا واحداً!
في الجلسة الثانية، أصدر رئيس المحكمة قراره "بعدم اختصاص محكمة مجلس الدولة بنظر الموضوع"، فصدرت عن المحامين – عشرات منهم كانوا حاضرين الجلسة – صيحات التعجب والإستغراب، وتقدم محامينا، من القاضي يسألانه عن قراره ومدى قانونيته، فأجاب بالحرف الواحد:
{ لقد اتصل بي رئيس الحكومة عبد الرؤوف الكسم البارحة الساعة العاشرة ليلا إلى بيتي قائلا: إذا حكمت "لسعد الله جبري!!"، فستُنقل إلى الحسكة في اليوم التالي!}
وأضاف القاضي العجلاني: {تعلمون أني تجاوزت الستين من العمر، وأنا لا أقدر على السفر والإقامة وحيدا في الحسكة، فكان لا بد لي من التهرب من الموضوع بالقرار الذي أصدرته!}
قمت ساعتها باتخاذ قراري بالعمل على مغادرة وطني، وعدم العودة إلى سورية إلى حين سقوط النظام الأسدي الفاسد الخائن الذي لايلتزم عدالة ولا دستورا ولا قضاءٍ ولا قانوناً! نظام حافظ الأسد!
ولا زلت على عهدي أنتظر سقوط النظام الأسدي الخائن! للعودة إلى وطني الذي حُرمت منه 32 سنة متتالية حتى الآن! ويُخامرني الآن حقا شعور عجيب، بأني سأعود قريبا جدا بعد انتصار ثورة الشعب!
غادرت إلى السعودية حيث عملت مديرا لمشروع كبير براتب يزيد عن راتبي في مشروع دمر بإثني عشر ضعفا!
هكذا كان نظام حافظ الأسد الخائن في معالجته لجميع أمور إدارة البلاد، ومصالح الشعب، والبناء والقضاء والإقتصاد ومعيشة الشعب ... فضلا عن علاقاته المؤكدة مع إسرائيل وتسليمه الجولان ومرتفعات جبل الشيخ لها! وحفاظه فقط على عهده مع إسرائيل بالذات حصرا، ذلك أن الأسدين ما هما إلاّ عملاء إسرائيل الأوائل في العالم العربي!
والأنكى من ذلك أن "النونو" بشار الأسد كان أكثر سوءا وحماقة وغباء وخيانة وقصر نظر من أبيه حافظ الأسد، وحيث تمادى على عهد النونو "بشار":
• تفاقم الفساد ونهب مُعظم – إن لم يكن جميع - خزينة الدولة سنويا من خلال عقود فساد فظيعة!
• إفقار الشعب، وخلق البطالة، وسوء الإدارة!
• تعيين أذناب وأرباع الرجال في الحكومة والسلطة – بغرض إنتاج أفشل القرارات!
• تخريب البلاد، وحاضر ومستقبل شعبها تلبية لتوجيهات إسرائيل و تحقيق أهدافها في سورية!
• القيام بطباعة مليارات جديدة من الليرات سنويا دون غطاءٍ ذهبي قانوني، وذلك لدفع الرواتب والنفقات الثابتة، وذلك بعد نهب بشار الأسد وأقربائه خزينة الدولة من خلال عقود الفساد الشهيرة، ومن هنا كانت موجات الغلاء المتلاحقة نتيجة لجريمة كلّ تخفيض لسعر العملة: 1) كانت كل طباعة جديدة تُؤدي لتخفيض في سعر العملة السورية بنسبة المطبوع للموجود في حينه، وبالتالي غلاء متصاعدا في اسعار كل شيء إطلاقاً بأعلى من نسبة التخفيض! 2) كما تعني سرقة حقيقية بنسبة التخفيض من أموال ومدخرات كل مواطن إطلاقاً، 3) تخفيضا لراتب كل ذي راتب سواء كان في القطاع العام أو الخاص!!!
ثم تمادى المجنون بشار الأسد أخيرا إلى الرد على المظاهرات الدستورية للشعب بإطلاق الرصاص وقذائف الدبابات والمدفعية والهاون والطيران على الشعب، فهدّم مدنا سورية وأحياء كاملة وتجاوز قتلاه حتى الآن الثلاثين الفا! وتجاوز عدد المعتقلين وتعذيبهم وتقتيلهم مئات الألوف، فكان حكم العائلة الأسدية حكم خيانة وطنية وقومية كاملة، يُعاني منها الشعب السوري حاليا أشد المعاناة.
ويا للأسف فالخائن بشار الأسد يستعمل ذات الجيش الوطني وأسلحته التي اشتراها جميع الشعب خلال الخمسين سنة الماضية من خزينة الدولة التي هي خزينة الشعب، ومن أموال ورسوم وضرائب دفعها ويدفعها كلّ مواطن من الشعب ذاته، والتي أسموها: "المجهود الحربي"! فبسلاحنا يقتلنا المجرم الخائن بشار الأسد، بعد أن أوصلته إسرائيل وعملائها إلى المنصب الذي يُتيح له خدمتها وتأمين مصالحها في تخريب سورية ومصالح شعبها وتقتيله!
وما ذكرت كل ذلك إلا لأضرب مثلا للشعب السوري – إضافة لما يعرفه ويُعانيه - أن النظام الأسدي ما هو فعلا إلا نظام خائن فاسد، مخرّب للبلاد ومعيشة شعبها! بل هو خائن مع إسرائيل بالذات منذ سلّم الخائن حافظ الأسد – وزير الدفاع 1967- الجولان إلى إسرائيل عدوة سوريا وشعبها بدون أي قتال على الإطلاق في حزيران من العام المذكور! وهذه وفقا لأحكام دساتير وقوانين العالم أجمع، أفظع درجات الخيانة العظمى!!
ونصل من ذلك إلى ان كل كلبٍ يقبل منصبا وزاريا أو إداريا أو عسكريا تحت حكم الخائن بشار الأسد، فإنما هو خائن للوطن والشعب، مثله مثل بشار الأسد وأبيه من قبله، فيستحق بذلك تنفيذ حكم الإعدام السريع به، من قبل الجيش الحرّ، بل ومن كل شاب يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على إعدام أي رمزٍ من رموز النظام، وحتى تطهير البلاد منهم جميعا، وتحقيق انتصار ثورة الشعب، لتعود إلى سورية قوتها وعروبتها وحكم الدستور والقانون، وإلى الشعب انتخاب ممثليه للحكم ومعالجة أزماته المتفاقمة في فساد السلطة، ونتائج إدارتها في خلق ومفاقمة البطالة والغلاء المتزايد، وانخفاض مستوى معيشة الحياة لأكثرية الشعب السوري يوميا. فضلا عن الخيانات الوطنية في الإمتناع عن تحرير الجولان، واستمرار التواطئ مع إسرائيل عدوة سورية الأولى!
إن المسألة ليست مسألة قتل واغتيال، إنما هي مسألة تحرير الوطن والشعب، من أقذر وأخون نظامٍ تحكم بسورية في تاريخها، وحالٍ أصبح استمراره كل يوم كناية عن مصائب فظيعة تضرب وتهدد الوطن وكل مواطن من الشعب في الحاضر والمستقبل! إنها مسألة إنقاذ سوريا وشعبها من الوضع الحالي الذي لم يعد محتملا من أيٍّ كان!
إن التحرير هو بيد الشعب العربي السوري، وليس بيد أي قوى دولية وخارجية، وسيكون ذلك قريبا جدا إنشاء الله!
وما ذلك ببعيد، وما ذلك على الله بعسير، وإن غدا لناظره لقريب!
الجزء الثاني: شيء عن عبد الرؤوف الكسم خاصة، والنظام الأسدي الخائن عامّة
المهندس سعد الله جبري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية