أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عن المرحلة الانتقالية في سوريا .. حسام أبو الوفا



لم يُتِح المناخ السياسي العربي على مدى قرون طويلة في أن يمكن الفرد العربي من اختيار حاكمه ، فالتجارب على هذا النمط محدودة للغاية فمنذ الواقعة التاريخية المعروفة بين الإمام علي –رضي الله عنه- ومعاوية بن أبي سفيان فيما سمي بـ"معركة صفين" بقيت أهمية الفرد في إدارة الدولة تنحسر شيئاً فشيئاً ، مع انحسار مبادئ الشورى والانتخاب التي أسس لها الإسلام ووضع ركائزها الرسول –صلى الله عليه وسلم- ، فكان أن وصلنا إلى ديكتاتوريات لا تخشى الله ، ولا تعرف قيمة الإنسان ، ولا ترى في الوجود سواها.
أثر انحسار دور الفرد في الحياة السياسية:
و لا يؤثر فقدان الفرد لدوره الطبيعي في اختيار حاكمه ورئيسه على شعوره بنفسه وحسب ، بل كذلك على مسار الدولة ونظرة الرئيس للأفراد المرؤوسين ، فالحاكم الذي جاء على مدفع الدبابة لا يرحل إلا تحت جنازير الدبابة. و في حال استسلام الناس له سيعتبر أن هذه البلاد مزرعته وأن الشعب عبيده يعملون في هذه المزرعة ومن يزغ عن أمره منهم يذقهم من العذاب الأليم.
حياة الفرد السوري:
لا ريب في أن سياسة النظام السوري القائمة على التجويع ، والتجهيل ، والإفقار والإذلال الممارس من النظام على الشعب بشكل منهجي ، كان أبرز وأهم عوامل قيام الثورة الشعبية في سوريا ، و أن عملية تعاقب الأجيال وتخاطب الحضارات واللتان تؤديان إلى تغيير المفاهيم حول الحياة ومعانيها لدى الناس ، أشعلت نيران الغضب على النظام قبل قيام أي ثورة وهذا ما كان ملحوظا بالنسبة لي قبل بضع سنين ، إذ بدا على الناس التململ من سياسات النظام الجائرة ، وعمليات النهب المستمرة من قبل الشركات الخاصة المملوكة لعائلة مخلوف ، ومن الدوائر الحكومية القائمة على الفساد والرشوة واللا إدارة واللا تخطيط.


المرحلة الانتقالية:
ها قد بدأت المعارك في حلب ، وقد استحوذ الجيش الحر على ريفها وعلى ما يقارب الستين بالمئة منها ، ومع هذه الانتصارات بدأت المحافل الدولية تتداول مشروع الحكومة السورية الانتقالية ، ولنا هنا وقفة:
• جاء مناف طلاس كمندوب عن الثورة السورية ليمثل الثوار والبديل الشرعي لبشار الأسد. علماً بأن الشعب السوري لم يقدمه على أنه كذلك ، ولا المعارضة السورية ، إنما بعض الذين بيدون تأييد الثورة ويبطنون حقدا عليها ونوايا افشالها.
• وعلى صعيد آخر أطلق السيد هيثم المالح مبادرة لتشكيل الحكومة السورية الانتقالية ، فبادره الجميع بالانتقاد والتوبيخ والاتهام بالالتفاف على الثورة! مع العلم أن المبادرة قد جاءت تلبية لدعوة اطلقها السيد عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني الانتقالي ، عندما صرح بأن : "الوقت قد حان لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا".
ولا يختلف إثنان على التاريخ النضالي للسيد هيثم المالح وعلى وطنيته ، وكذلك لا يختلف عاقلان على أن مناف طلاس إنما هو امتداد لنظام قمعي أسود لا يرى سوى نفسه ، وقد قاسى منه الشعب الأمرّين. فكيف نرحب بمناف ونهجر هيثم؟ أم سنرضى بنصف ثورة؟
يبقى الرهان هنا على وعي الشعب السوري وطول نَفَسه ، وبقاءه على أهبة الاستعداد حارساَ لثورته مدافعاَ عن كرامته.

(121)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي