عرب يقتلون عربا... هي مقولة مناحيم بيغن لوصف مجزرة صبرا وشاتيلا... للتهرب من مسؤولية جيشه عن المذبحة...
الشيخ رائد صلاح نقل عن الحركة الأسيرة في فلسطين بأن السجانين الصهاينة يهددون الأسرى بارسالهم الى سوريا...
الخبر ليس بسيطا... فيه من الاشارات ما ذكرته في مقالة في العام الماضي " الثورة السورية والقضية الفلسطينية" من الشيء الخطير وإن كان معسكر " الممانعة والمقاومة" لم يفهم الاشارات التي يستلمها ويرسلها الاحتلال الصهيوني...
في فلسطين كان الاعتداء على المساجد والكنائس من قبل عتاة التطرف الاستيطاني يستدعي تدخلا ومحاولات تهدئة... وحين كن يُحتل منزلا وتُحرق ممتلكات فلسطينية كنا نقرأ صحفيا او صحفية مثل عميرة هاس وجدعون ليفي ينتقدان ويطالبان بوقف عبدة هؤلاء..
لكن دعونا ننظر لمستوى الاعتداءات المتصاعدة على الفلسطينيين... هؤلاء المستوطنون والمتطرفون اليهود في القدس ليسوا غير مطلعين على ما يجري في سوريا... بل هم الاكثر مراقبة وسرورا... ويلتقطون الاشارات بحرفية.. مثل التقاط الاشارات الصادرة عن التمزق الفلسطيني الداخلي بعد أكثر من ٦ أعوام على هذا الوضع...
فإلى جانب الاستفادة القصوى لصناع القرار الصهيوني من الحالة السورية التي يقوم بها هذا النظام الفاشي هناك بتدمير المجتمع والبنية التحتية والجيش السوري بشكل يخرج سوريا من المعادلة تماما لسنوات طويلة قادمة فقط للحفاظ على نظام عاجز حتى عن أن يضم الاسرائيلي إلى نظرية ً" المؤامرة الكونية" كلما صرح بوق من ابواق هذا الذي يدمر المدن بكل الأسلحة التي لم تستطع اسرائيل استخدامها بشكلها الفج كما في سوريا.. يذهب المستوطنون الى حدود اختبار القدرات السورية في الاعتداء على الفلسطينيين...
جرف الأراضي الزراعية وحرق الزيتون من نابلس شمالا الى الخليل جنوبا يقابله منذ بداية الثورة السورية ممارسات بشعة بيد نظام وجيش من المفترض أنه عربي... سياسة العقاب الجماعي...
الاعتداء حرقا وضربا على الفلسطينيين يقابله ايضا حرق جثث السوريين وذبحهم في السكاكين وتسجيل هذا العمل المشين باسم عربي لجيش وشبيحة الأسد وهو ما لا يقدر الصهاينة على ممارسته اليوم...
هؤلاء الذين يدعمون النظام في دمشق ممن يسمون " ممانعة" يغيب عن بالهم ما يفعله زعيم عصابة الشام بدك عاصمة سوريا وكل قرية ومدينة بالطائرات والمدفعية وحرق الممتلكات ونهبها والاعتداء على البشر وتهجيرهم واغتصاب لفتيات صغيرات ونساء امام ازواجهن بتوثيق للمنظمات الدولية ( التي اصبحت عميلة اليوم فقط لانهافضحت ممارسات الاسد) وهذا الغياب يؤصل لفظائع تتصاعد صهيونيا اليوم ليقال لمعتقلين واسرى: إن لم يعجبكم الحال سنرسلكم لشبيحة الأسد! ولا أظن بأن سجانا واحدا لا يدرك ما يعنيه الأمر في سوريا...
يقارن اليوم الصهاينة في أحاديثهم للفلسطينيين بين ممارساتهم العنصرية الاحتلالية وممارسات تجري في سوريا... والأمر ليس مجرد مقارنة بل محاولات لجعل هذا الاحتلال يبدو ملاكا في نظر المحتل مقارنة بما يسمى نظم سياسية وطنية عربية...
ان غياب هذه الامور عن بال المعسكر الذي اشرت اليه سابقا سيحمل من الكوارث الكثيرة في المستقبل المتوسط والبعيد.. فحتى التسميات المعتمدة في قاموس التخاطب السوري الرسمي بوسائله الاعلامية والمؤيدة له في لبنان وايران وحتى في الساحة الفلسطينية على قلتها ينذر بأننا دخلنا مرحلة شرعنة الخطاب الصهيوني بلسان ممانع قاده رأس زعيم العصابة منذ اليوم الأول في العام الماضي... وتدرج هذا الخطاب التبريري متجاوزا القدرات الصهيونية في احتكار القتل بذريعة " حق الدفاع عن النفس" فمن المخربين الى الارهابيين والاسلاميين وباقي مفردات قاموس المؤامرة ثمة تشابه بين الخطابين... مما يعني بأن تهجير الشعب الفلسطيني كما يجري في اعزاز السورية وكل المدن التي دكت وتدك باسلحة من المفترض انها لمواجهة جيوش ودول هي مسألة مباحة في القراءة الجديدة للصهاينة إن قالوا يوما لهذا المعسكر المسمى زورا أنه يحتكر فكرة المقاومة: لا تعطونا درسا في الأخلاق... فما صفقتم له في سوريا وانتم عربا فيما بينكم يحق لنا ايضا ان نواجهه بذات ادواتكم الخطابية والعملياتية...
من غير المفيد أن يقول أحدهم بأنه سيحرق اسرائيل بالصواريخ وهو يصفق لحرق سوريا... ويحول الدولة الوطنية الى دولة اعشيرة والقبيلة والعصابة... هذا الخطاب لا ثمن له وقد اثبتت مراحل كثيرة الامر الذي نتحدث عنه...
في الفترة الاخيرة زجت فصائل " تحرير" نفسها في الخطاب الضارب لكل مصداقية ممانعة ومقاومة عند النظام السوري بقبولها تسليح جماعاتها لتلعب دور حراسة لنظام العصابة واشعال المخيمات فوق اشعال القصف الذي تتعرض له بسلاح ذات النظام من درعا جنوبا الى النيرب شمالا... وأخيرا وبعد محاولات فاشلة لاستمالة ضباط " جيش تحرير" وقتلهم اغتيالا في العام الماضي وهذا العام وافتعال مجزرة بحق مجندين لتأليب الفلسطينيين والسوريين على بعضهم يقوم قائد هذا الجيش بمسرحية سخيفة تشبه مسرحيات جيش المهدي والحرسةالثوري الايراني بارسال بضعة عشرات من هؤلاء المجنديين الشباب الى احدى المناطق بحجة حماية محطة كهربائية ثم يقوم شبيحة وجيش الاسد باطلاق النار عليهم لزجهم بمواجهة مع الجيش السوري الحر.. تماما كقصة خطف المقداد التي بانت اهدافها كأهداف ميشيل سماحة..
ما يهمني هنا سواءا كان الإنسان يصدق أو يكذب الخطاب الدعائي السوري أن يجري التركيز على خطورة ما يقوم به نظام العصابة بحق القضايا العربية جميعا... لقد واجه الفلسطينيون في تاريخهم النضالي الكثير من محطات التخاذل العربي وحتى في اوج الخذلان في حصار بيروت لم يخرج الفلسطينيون ليشتموا عروبتهم بما بتنا نراه على محطات المنار وقنوات النظام السوري وعلى لسان حسن نصر الله... هذا الخطاب الانعزالي الضيق مع ممارسات وحشية فاشية بحق اخوتنا واهلنا السوريين لا يعنينا فقط من منظار اثره السلبي او الايجابي على فلسطين بل لأنه قضية انسانية متعلقة بالحرية والكرمة.. ومتعلقة بالظلم الكبير الذي يشعر به الشعب السوري والعصابة تكذب اكثر مما تتنفس في سرد مآسيه وتغييبها تغييبا كليا بحالة انكار مستمرة... وتحويل الشعب السوري كله الى متهم ضمنيا بوطنيته لمجرد انهوقف كاشفا لاكاذيب كثيرة عن هذا النظام الوظيفي والمتاجر بالعروبة وقضايا فلسطين ولبنان والعراق وغيرها..
إن النظام الذي ينهل من النبع الفكري الصهيوني ليبرر فاشيته لا يمكن بأية حال من الأحوال نظاما حليفا لقضايا التحرر في المنطقة والعالم... وقد يكون هؤلاء الذين انحدروا في مستوياتهم الفكرية الى مستوى دريد لحم المبرر لنشر جيش من المفترض انه جيش وطني ليفعل الافاعيل باسم " الاسد او نحرق البلد" يرتكبون خطأ جسيما بحق فلسطين وسوريا والعرب جميعا... العرب على الأقل الذين قتلوا في لبنان والعراق بأيد غير عربية وبأيد. تدعي العروبة أيضا... هذا الانحدار لمستوى ضم مجموعات طائفية في العراق الى ما يسمى محور المقاومة واعتبار احمد الجلبي جزءا من هذا المحور كما ضموا سابقا ايلي حبيقة ليعبر في الواقع عن افلاس سينعكس مستقبلا حتى على امكانية تصديق الناس لفكرة المقاومة التي يشيعها نظام قاتل في سوريا... فمن ينتبه؟!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية