السوريون جميعا يلاحظون السيطرة الطائفية على الجيش وفروع الأمن،ولكن وحدهم المساكين اذين قدر لهم العيش في المناطق التي يتواجد فيها بعض الطائفيين ـ مثل حمص يعانون من التسلط والتمييز الذي امتد إلى كل المؤسسات والدوائر والشركات إلى حد الإهانة.
ولو نظرنا لدوائر المنطقة الوسطى مثلا سنجد نفس التمييز الطائفي (شركة الاسمنت،الحديد ، المطاحن، الصوامع ، الري ، الفوسفات ، السماد، الكهرباء،النقل الخام.. سادكوب، المصفاة ، المطاحن ، السكر والزيوت ...) حيث:
ـ عناصر مكتب الدوام عصابة من الطائفيين متكاتفين لتسهيل الهروب من العمل لإدارة مصالح خاصة من مدجنة أو مزارع أو تهريب ونحوه
ـ ومثلها عناصر إدارة المشتريات والمخازن لتسهيل السرقة
ـ من الضروري أن يكون عناصر هيئة الرقابة والتفتيش من الطائفيين لتغطية الفساد وتبريره
ـ،وكذلك جباة الرشوة بمسميات مختلفة كالتموين والبلدية ودوريات الصحة وما شابه ...الخ. ( بالإضافة لدوريات الأمن طبعا) ...
قد يضعون ضمن هذه العناصر عناصر نادرة من طوائف أخرى للتمويه ، ولكن بشرط أن تكون إما فاسدة للعظم أو مهمشة لا تعرف كوعها من بوعها ولا تدري ما حولها من اختلاسات ومؤمرات ،وهؤلاء هم كشهود الزور لتبرير الفساد المستشري
هذه التصرفات هي سبب التخلف الاقتصادي وغيره بعد أن كنا ننافس الاقتصاد الكوري والماليزي والإسباني
أما باقي الشعب فهو من الدرجة الثانية، يعمل المواطن بصمت ليسرق غيره تعبه، كان الأمر أولا بالتورية ثم أصبح علنا واضحا وبدون خجل
حتى الوظائف أصبح معظمها حكرا على الطائفيين ، تركوا أراضيهم ومزارعهم للنزهة بدون إنتاج ،واحتكروها إلا النادر فخصصوها لمن يرشيهم أو يتملقهم ، وبقي المواطنون الآخرون للبطالة لا أرض ولا وظيفة
ومع الأيام ومع زيادة سيطرة وقوة عصابة الأسد ازداد طمعهم وطغيانهم فطاردوا الباعة الجوالين وضيقوا على المحلات بفرض ضرائب كيدية أو مصادرة إن لم يدفعوا رشاوى باهظة لهم ..
أصبح الطائفي ولو كان فاشلا أو لصا هو المسؤول عن الشرف والأمانة ومسؤول عن العمل وإتقانه وو ...
وفي الحقيقة أن هذا الطائفي ـ الذي يصف من يعترضه بالخائن أو الفاشل أو الطائفي ـ هو طائفي للعظم ، لص للنخاع ، وهو الانتهازي وهو الذي يهرب من عمله، وهو الذي يسرق وهو الذي يرتشي وهو الذي يكرر الخطأ والإهمال، قد يوجد شخص غيره يحمل بعض هذه الصفات ولكنها إن اجتمعت فلا تحتمع إلا فيه ، ليس لأنه طائفي فحسب، بل لأنه ببساطة لن يحاسب ، هذا الطائفي أمن من العقاب فأساء الأدب وباع الضمير إن وجد أصلا أدب أو ضمير.
ومن الذي سيحاسبه،من كلفوه بالمحاسبة هو أحد اثنين
الأول وهو الشائع يكون طائفيا أكثر منه قد عينوه لخدمة هؤلاء، يغمض عينيه عن تزوير بالملايين ويستشرف على مسكين قد أضاع قلما أو كرسيا مهترئا فيغرمه بثمن جديد عوضا عنه
الثاني وهو نادر يكون شخصا سافلا من الدمى يعمل على بيع ضميره بإرضائهم ليل نهار للحفاظ على منصبه، فيتغاضى عنهم لينال حسن سلوك منهم بأنه غير طائفي .
كثيرا ما يعمدون لتعيين شخص من غيرهم يضعونه من الوصوليين الوقحين الأنانيين يتعجرف على أبناء جلدته وطائفته ويذيقهم من الإجحاف ما لم يروه من غيره ، فيذهب المواطن المسكين إلى آخر طائفي فيحل له مشكلته ولسان الطائفي يقول هذا ابن جلدتكم ألسنا أفضل منه لكم ، مع أنهم هم الذين انتقوه وعينوه لأمر كهذا، والأمر كله مخطط واضح.
قد يستلم إنسان كفء من غير الطائفيين مسؤولية جدير بها ، فلا يتجابون معه ، يخاطب الذين لهم علاقة بالعمل فيهملون خطابه ،يوجه من هم تحت تصرفه فيعصون أوامره، يطلب اللوازم من المشتريات فيتأخرون بالرد وتلبية الطلب ،.... يشتكي منهم مرة بعد مرة حتى يتظاهر المدير بالملل فينهره قائلا: ليس من ورائك إلا المشاكل ، وتبقى إدارته متأخرة بسبب عدم التنفيذ والتعاون وبذلك يفشلونه ويضطر للاستقالة.
وبذلك أصبح الطائفي هو الناجح الدائم أما الآخر فهو الفاشل دائما وإلى الأبد
وأصبحت ثقافة العصابة المتعارف عليها أنهم الأرقى وغيرهم هو الأدنى الخواف الخاضع الفاشل.
أي إنسان يعترض أو يفضح هذه الممارسات الطائفية فهو إرهابي طائفي اخونجي متمرد خائن...الخ . ويكون مصيره مجهولا في أقبية المخابرات.
لقد زرع النظام البائد بذور نهايته بهذه الممارسات
إنه ظلم وضغط رهيب فجر البركان، فكان من أهم روافد الثورة.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية