أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

القضية الكوردية ليست في الانتماء الجغرافي و الكوردي لن يقايض حلب بأجمل مدن العالم


الأخوة المحترمون في زمان الوصل بتاريخ 15/8/2012 كنتم قد نشرتم مادة " كتاب وصحفيون وناشطون: الكرد .. سوريون و لهم كل الحقوق " مشكورين وقد وددت إبداء بعض الملاحظات و الرد على بعض الاخوة المساهمين .

بقيت الواقعة الكردية بدلالاتها ومعطياتها السياسية والقومية ومفاهيمها الاجتماعية والثقافية والتاريخية كإحدى أهم الأمم القومية التي شغلت العلماء والساسة والمؤرخين، فانبثقت الكثير من الفرضيات والنظريات والآراء حول أصل ونشوء هذه الأمة. منها ما تقاربت وتطابقت ومنها ما تخالفت واختلفت لكنها بالنتيجة مثلت جميعها المفهوم الاجتماعي والأخلاقي والحضاري لمجموعة بشرية تمتعت بميزات واحدة وتركيبة اجتماعية ونفسية واحدة، وتعددت مواقعها الجغرافية لتفصل بينها خطوط هندسية مصنوعة. وقد بقيت قضية هذه المجموعة البشرية من أكثر القضايا تشعباً وتعقيداً بسبب السياسات التي مورست بحقها من قبل الأنظمة التي نالت من تقسيم وطنهم حصة لها عبر اضطهادها وقمعها وممارسة سياسة التعتيم على حقيقة هذه المجموعة التي تشكل الأمة الكردية.
إلا أنه وبعد الأحداث المتلاحقة في العالم وما رافقها من المستجدات والتغييرات في المنظومة الفكرية للعالم وتأسيس مفاهيم سياسية واقتصادية جديدة وتبني الأمم المتحدة موضوع حقوق الإنسان وإشاعة الديمقراطية التي أصبحت مقياساً لتقدم المجتمعات وتطورها تم الإفراج نسبياً عن قضية هذه الأمة وخفت وطأة الغبن والتعتيم على الأقل ثقافياً وبدأ يلوح في الأفق بوادر الإفراج عن الثقافة الكردية المسجونة منذ عقود في معظم الدول التي تتواجد فيها الأكراد باستثناء سورية التي تحوي أكثر من مليوني كردي موزعين في معظم المحافظات السورية .
القضية الكوردية في سوريا ليست في الانتماء الجغرافي
لكن أخذت هذه القضية الوطنية السورية و بعد انفجار الثورة السورية في 15/ 3/ 2011 مداً أفقياً بعد مساهمة الاكراد بقوة في الحراك الثوري و رغم هذا المد لم تستطع معظم الاوساط السياسية و الثقافية و الدينية العربية السورية على استيعاب الحالة الكردية كجزء من الحالة الوطنية العامة و على أنها حالة تمثل المفهوم الاجتماعي والأخلاقي والحضاري لمجموعة بشرية تمتعت بميزات واحدة وتركيبة اجتماعية ونفسية واحدة ، وما زالت غائبة تماماً و غير واضحة المعالم على خارطة اهتماماتها الأمر الذي يشكل حالة من الإحباط والانكسار في الأوساط الكردية السورية. خاصة وأن أوضاع إخوانهم في الدول المجاورة بدأت تتحسن، ووضعهم (الكرد السوريين) ما زال على حاله بالرغم واقعية حلمهم القومي والوطني وبالرغم من أن المعطيات السياسية لخطابهم القومي تؤكد أنهم جزء لا يتجزأ من التكوين الثقافي والتاريخي والجغرافي لسورية وأنهم أصبحوا كتلة بشرية مهمة في النسيج الاجتماعي السوري ... إذاً فالقضية ليست في الانتماء الجغرافي " السوري " الذي تحدث عنه الاخوة المساهمين بالكتابة في هذه القضية , بل هي قضية شعب كردي يعيش في بقعة أو بقع من الجغرافية السورية يملك من الخصائص العرقية و القومية ما تؤكد اختلافه عن الاخوة العرب في سوريا و علينا قبول هذه الواقعة و ما أدى إلى تفاقم هذه الإشكالية هي قضية خلط من قبل الأوساط السياسة العربية السلطوية بين الانتماء الكوردي لسوريا كجغرافية و بين واقع سياسي قومي عربي يحاول الاستعلاء عليه لا بل و تذويبه في البوتقة العربية من جهة و في انتمائه الاجتماعي " القومي " و إحساسه و ممارسته لهذا الانتماء الكوردي الفطري و التي لا تعني العداء لأحد و إذا اعتمدنا هذا المبدأ القانوني و الاخلاقي و الوطني في التعامل مع هذه الواقعة و بكل جرأة و وضوح نكون قد أكملنا تعديل المعادلة الوطنية الناقصة و تكافئها .
إن ممارسة الكوردي لكورديته لا تعني العداء لأحد و على الاخوة العرب السوريين أن يدركوا هذا الامر سيما و أن التاريخ المشترك العربي الكوردي عامة و الكوردي السوري – العربي خاصة مليء بالتجارب التاريخية التي من شأنها تعيد الثقة بينهما و بالنظر و التدقيق إلى التجارب التاريخية و إلى ما يحدث اليوم من مزج الدم الكوردي بالعربي عبر ما يقوم النظام السوري من قتل و تخريب للمدن و القرى السورية دون تفريق في الانتماء الاجتماعي , و مساهمات الحركة السياسية الكوردية و الشباب الكوردي و بشكل ملحوظ في الحراك السياسي يساعدنا جميعاً في تخطي أزمة الثقة التي صنعها النظام السوري و الاعتراف بوجود الشعب الكوردي السوري غير العربي و التفريق بين الانتماء الجغرافي في الوقت الذي أؤكد أنه لا يمكن لأي كردي أن يقايض حلب بجميع مدن العالم .
• رئيس المركز الكوردي للدراسات المعاصرة - الدنمارك

ابراهيم ابراهيم*
(95)    هل أعجبتك المقالة (101)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي