هل علينا حقاً أن نخاف العرعور ؟

يُجمع كثيرون أن الشعب السوري يعاني عملياً (أي ميدانياً) من نظام فاجر ليس لديه محرّمات، ومعنوياً من معارضة فريدة من نوعها لا تمتلك خبرة العمل السياسي وأثبتت غير مرة سطحيتها وتغليب أقطابها لمصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية.
وتبرز ثنائية الخلاف في المعارضة بين الأطياف الإسلامية والعلمانية، وفي داخل المعارضة الإسلامية بين الإخوان والسلفيين، إضافة إلى صراع الشخصيات الذي وصل في بعض الأحيان إلى درجة التخوين المتبادل كما حصل مؤخراً بين المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين رياض الشقفة والمعارض والكاتب ميشيل كيلو.
ولذلك ليس غريباً أن نرى هذا الالتفاف الشعبي إلى حد كبير حول الجيش الحر في معظم المناطق مع يأس الشعب من بيانات ومؤتمرات لم تأت بجديد غير التنديد والشجب والبحث عن قرارات أممية، كما تحوّلت بعض الشخصيات إلى رموز أمثال الناشطين خالد أبو صلاح وعبد الباسط ساروت وغيرهم ممن يخاطرون بحياتهم في كل لحظة، فيما تتمتع شخصيات أخرى بتأييد من نوع خاص أمثال الشيخ عدنان العرعور الذي يراه كثيرون أحد عرّابي الثورة إن لم يكن "قائدها" كما يصفه البعض الآخر، وحول ذلك جدل كبير ومتشعّب.
فالشيخ عدنان العرعور كان فاعلاً بلا شك في استنهاض الهمم مطلع الثورة إلى غاية إعلان تشكيل المجلس الوطني، وقد ساهم خلال إطلالته التلفزيونية شبه اليومية في حملات "التكبير" في مختلف المدن السورية والتي كانت بمثابة ظاهرة في بلد يخشى فيها الناس من الذهاب إلى المساجد لأداء صلاة الفجر تحسباً من تقرير أمني، وبسببه خرج علينا أبواق النظام ووسائل إعلامه بصفة "العراعير" التي ألصقت بكل من يخرج للمظاهرات مطالباً بالحرية وقد أصبحت طرفة زادت من شعبية الشيخ الذي يعيش في المملكة العربية السعودية منذ نحو ثلاثة عقود.
هذه الشعبية الطاغية للعرعور شكّلت حالة قلق للنظام ولبعض المعارضين أيضاً، لكن بنظرة للواقع يمكن القول عنها أنها نتيجة طبيعية للواقع، فخطاب العرعور "شعبي" يتحدّث بلسان شريحة كبيرة من الناس ببساطتهم وصراحتهم، ويمكننا القول أنه أكثر من عرف أن يخاطب الشعب السوري أي "لعبها صح"..
ومن جهة أخرى نجد كلام الشيخ وخطابه نحو المعارضة حاداً وهجومياً بالمجمل، وهو الآخر وقع في فخ الكلام الشخصي خاصة حين يتعلّق الأمر بالمجلس الوطني والشخصيات غير الإسلامية فيه، وتحوّل معظم ظهوره للضرب بالآخرين وكشف أخطائهم، ما ساهم في حشد الناس ضد رئيس المجلس الوطني وأعضائه في مظاهرات كثيرة، وكان ذلك تطوّراً سلبياً أساء للعرعور قبل غيره.
ويتساءل كثيرون عن حجم تأثير الشيخ الحموي الأصل في الشارع فعلياً، خاصة مع ابتعاده منذ زمن عن التواصل مع المجتمع السوري بشكل مباشر، وحول ذلك نجد خلافاً في الرأي بين أطراف مختلفة في القناعات أصلاً، ولذلك فإن الحكم أولاً وأخيراً في ذلك الأمر للشارع سواء بالتعبير الشعبي في المظاهرات أو الإعلام أو الانتخابات، ومن هنا أجد أن الأصوات المحذّرة من العرعور أو غيره من الشخصيات المعارضة في الخارج أو الداخل أمر غير منطقي، لأن شعباً ثار على نظام كان يبدو "كالحقيقة المطلقة" بسبب سطوته الأمنية، لا يمكن أن يُخدع بأي نهج أو شخصية قادمة للعب دور ما في سورية الجديدة.
أخيراً، العرعور انتقد دخول أو "تسلل" برهان غليون عبر الحدود التركية السورية ولقائه الثوار متخفياً، ثم قلّده منذ أيام برفقة أبنائه، واللبيب من الإشارة يفهم...
أحمد عيد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية