في مساء 11 من شهر رمضان تمت عملية انشقاق فريدة من نوعها بالتنسيق مع الجيش الحر في ريف اللاذقية، ولكن خطأً ما قد حدث؟!، أٌنه قد تم الإعلان عن الانشقاق قبل إخراج المنشقين من المدينة، وباتت أجواء المحافظة على غير العادة (أصوات التكبير تعلو بعد صلاة التراويح من جميع الأحياء الثائرة، مظاهرات حاشدة في العديد من النقاط بعد صلاة التراويح، بالإضافة إلى أن الانتشار الأمني البسيط "على مداخل ومخارج الأحياء"، وانتشار كبير للقناصة على أسطح الأبنية، وإغلاق كل الطرق المؤدية إلى اللاذقية).
وما هي إلا ساعات قليلة حتى ضجت المحافظة بأسرها، ففي الساعة الثانية صباحاً حدث إطلاق رصاص كثيف في أحياء عدة، واستمرت "الإشتباكات" ثلاث ساعات كاملة، أسفرت عن استشهاد أربعة مدنيين وجرح عدد آخر بينهم امرأة وطفلة.
ونقلاً عن ناشطين أن سبب الإشتباكات كان عملية تغطية "عبقرية" لإنجاح انشقاق العقيد تركي قنيفدي معاون قائد الشرطة في محافظة اللاذقية ومجموعة من الضباط الآخرين.
كيف تمت العملية؟
يقول أحد أفراد الجيش الحر أن بعض الناشطين قد تسرعوا ونشروا خبر الانشقاق، مما حذا بالثائرين لتغيير خطة تأمين المنشقين من ملاقاتهم خارج المدينة إلى إنقاذهم من قلبها، وتمت عملية تنسيق سريعة مع المنشقين للانتقال السريع عبرالأحياء حتى وصول الدعم، وخلال زمن وجيز وصلت قوات من الجيش الحر من الريف المحرر ودخلت من خلال طرق سرية، مما أدى إلى مواجهات عنيفة مع جنود النظام وعناصر الشبيحة المتواجدين بشكل دائم، أدت العملية العسكرية هذه إلى إنقاذ المنشقين وإيقاع العديد من الخسائر في صفوف كتائب النظام.
معوقات عمليات الإنشقاق:
عهد الجيش الحر عن النظام عمليات انشقاق وهمية تهدف ليس فقط للوصول إلى معاقله وحسب، بل وخلق حالة من عدم الثقة لدى الأحرار بالمنشقين الجدد، يتحدث الثوار على الأرض عن سيارات عسكرية كانت تعبر إلى المناطق الثائرة تحمل شعارات الجيش الحر، وترفع علم الاستقلال، وفي بعض الحالات ترفع صور "عدنان العرعور"، تدخل هذه السيارات إلى قلب المدن الثائرة ليتحرك العناصر المتوغلون في الخفاء ويرتكبون أبشع المجازر.
مما عزا بالجيش الحر لأخذ كافة التدابير الممكنة، والإجراءات الاحترازية لمنع تكرار مثل هذه الأخطاء، فعمليات الانشقاق غير موثوق بها في أغلب الأحيان، وتعتبر من أخطر العمليات التي يقوم بها الجيش الحر في المحافظة بسبب القوة المخابراتية للقوات النظامية و بسبب طبيعة التوزع الديموغرافي للموالين للنظام والمعارضين له.
جرأة قسمت ظهر السلطة "اللاشرعية":
شهدت قضية الإنشقاقات انعطافاً جذرياً في المرحلة الأخيرة من عمر الثورة، هذا الانعطاف تمثل بالتحول من الإنشقاقات الفردية إلى الانشقاقات الجماعية، ومن انشقاقات المجندين والضباط إلى انشقاق الجنرالات، ومن الانشقاقات نحو الخارج إلى عودة المنشقين للداخل.
وإن القول بأن هذه الإنعطافات لازالت بعيدة عن الساحل السوري هو قول خاطئ، فلو استرجعنا تاريخ الانشقاقات العسكرية في سوريا، لوجدنا أن العديد من المنشقين في المراتب العليا في الجيش الحر يتنتمون إلى محافظة اللاذقية ومنهم العقيد مالك الكردي، صحيح أن الانشقاقات لازالت محدودة مقارنة بالمحافظات الأخرى، ولا تزال عملية التخويف التي يمارسها النظام على العسكر تجبرهم على البقاء لمدة أطول في صفوفه، مع ذلك كله تتم عمليات انشقاق يومية تقريباً في المحافظة وتتسم بالدقة الكبيرة، وبالتنسيق المخابراتي المذهل، حيث يتم العمل مع أكثر من 500 شخص متخصصين في دراسة وتحري أمور العسكر.
فللجرأة وقعها في نفوس ابطال الساحل، ولطالما كان لها وقع مؤلم، حيث يذكر أحد المدونين الذين قابلتهم أن أكثر من 300 عسكري قتلوا مباشرة خلال عمليات انشقاقهم منذ بداية الثورة، وأن أكثر من 600 عسكري أعتقلوا لمجرد الشك في أمرهم.
وأوجد الجيش الحر استراتيجية مذهلة لإنجاح عمليات الانشقاق وتتطلب عدة مراحل لإنجاحها وللتأكد من صحة الإنشقاق والثقة بالمنشقين:
1- الإتصال المسبق بالجنود أو الضباط الراغبين بالانشقاق والتنسيق معهم على موعد محدد للعملية.
2- أن يتم مراقبة الراغب بالانشقاق عن بعد لفترة من الزمن حتى يتم التأكد من صدقه وإخلاصه وولائه للثورة.
3- إخراج عائلات المنشقين من الضباط خارج الأراضي السورية ثم الاتفاق على الزمن والمكان المناسب للإنشقاق.
4- تأمين المنشقين "مع أكبر كمية عتاد ممكنة" إلى مناطق آمنة في الأراضي التركية أولاً ثم يتم توزيع المنشقين على كتائب الجيش الحر بحسب الإختصاص والرتبة ثانياً.
تهدف استراتيجية الجيش الحر المتعلقة بالانشقاقات ليس فقط للتخلص من الإنشقاقات العشوائية الفردية، لخطورتها على أرواح المنشقين، وصعوبة تبيان حقيقتها من زيفها، بل وللوصول إلى أفضل النتائج التي تحقق مكاسب أكبر للجيش الحر وخسائر أكبر في صفوف النظام، وبذلك يحقق الثوار نصراً آخر على النظام في كل مرة، فلا تعدو سيطرته على محافظة اللاذقية إلى سيطرة وهمية تتمثل في عناصر خائفين لن يلبثوا حتى يفروا أمام جيش الأحرار.
رعد اللاذقاني - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية