طلاس ولا يقولوا ناتو يا خديحة... مؤيد اسكيف*

لافتة يرفعها أهالي مدينة حاس و موقعة باسم مدينتهم تقول :
أيها القافزون من مركب النظام الغارق أهلا بكم في صفوف الثورة و ليس في قياداتها..
و في مقال سابق كتبتُ : ليس للثورة بواباً يحدد من يدخلها و لكن لها شعب حصيف و ذكي يحدد من يمثلها .. أو يستحق تمثيلها ..
شغل العميد المنشق عن رأس النظام مناف طلاس الرأي العام السوري و شكل حالة جدلية ما بين الترحيب بانشقاقه أو محاسبته أو تأييد تزعمه فترة انتقالية.
تفاعل السوريون مع الحدث, و هذا يعبر بوضوح عن إيجابيتهم و حيويتهم و قد كانت أغلب وجهات النظر تتمحور في تفكيك العلاقة ما بين الأخلاقي و السياسي.
مع الخبر الأول "لهروب" طلاس من سوريا توسم السوريون خيراً به, و بما سيحدثه هذا الانشقاق لكن صمته أدى إلى انتكاسة في التعاطي معه , و أدت الطريقة التي أعلن فيها عن ترشيحه لقيادة المرحلة القادمة من موسكو بتصريح ملغوم غير واضح إلى ردة فعل ضاعفها خطابه الذي لم يتعمد بالثورة و قد فاقمت قناة العربية باحتفائيتها المبالغة بشخص طلاس لتؤدي إلى ردة فعل عكسية وصلت ذروتها مع ترويج صوراً له و هو يؤدي العمرة و من ثم تناوله إفطار الصيام في استنبول.
ينظر السوريون إلى عبد الرزاق طلاس كبطل بينما كانت إطلالة مناف طلاس أشبه بالنجومية الهوليودية .. و لدى شعب مدمى يحتاج لمنقذ من براثن النظام القاتل لا يبدو ابناً مدللاً ساهم أبوه في تدعيم سلطة الأسد طيلة عقود قادراً على تحقيق هذا الهدف بحسب كثر.
في جميع الأحوال فإن واقع الضباط العسكريين و انشقاقهم تختلف عن ظروف المسؤولين المدنيين و شخصية مثل مناف طلاس بالتأكيد كان لها ظروفها الخاصة و هناك ضباط كثر مع الثورة قلبا و قالبا و يقومون بتقديم خدمات لها من مواقعهم و هم لا يمتلكون القدرة على الانشقاق , لكن بالتأكيد لا يستوي الذي انشقوا في بداية الثورة مع الذين تأخروا في ذلك.
من جهة أخرى يبدو أن مناف طلاس يشكل ما يمكن الإطلاق عليه نقطة إجماع دولي " روسي – غربي – عربي " لقيادة مرحلة انتقالية , شخصية لها علاقاتها مع المؤسسة العسكرية و من الممكن أن تشكل توافقاً لدى جنرالات الجيش السوري الرسمي لاسيما بعد " التخلص " من عدد من ركائز نظام الأسد المنافسين , ومن هنا فإن طلاس الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من النظام و الذي لم توجه له أي تهمة حقيقية " بالخوض " في دماء السوريين لديه القدرة على لملمة بقايا المؤسسة العسكرية خشية أن تتحول بالفعل إلى ميليشيات مسلحة يصعب السيطرة عليها في الفترة اللاحقة.
من الناحية السياسية و بالمقارنة مع الوضع الميداني فإن السوريون أحوج مايكون لتوقف القتل و إذا كان مناف طلاس بديلاً يمهد للتخلص من الأسد و الحفاظ على ما تبقى من مواطنين و ممتلكات و مؤسسات وطنية فإن سوريون كثر سوف يوافقون على ذلك ولو مبدئياً.
أعتقد أن الذي طالب بتدخل دولي للتخلص من الأسد سوف يكون عليه أكثر سهولة أن يقود طلاس مرحلة انتقالية و هذا لا يعني أن يكون رئيساً لسوريا و بالتأكيد لن يكون أبدياً و بالطبع فإن هذا الأمر لن يحميه من المسائلة في سوريا الجديدة التي يكون فيها القانون سيداً أو فإن الميدان و ساحات الحرية بهواً فسيحاً للعدالة.
أعتقد بأن إيقاف القتل و انتهاء مأساة السوريين لو كان بالاتفاق على شخصية مناف طلاس فأهلا به .. لكنه بالتأكيد لن يمثل الثورة ولن يقدر على قيادتها .. و ثورة السوريين لن تنتهي برحيل الأسد .. بل هي سيرورة مستمرة حتى تحقيق كامل المطالب و البدء ببناء سوريا الجديدة .. سوريا التي نحلم .. و التي لا يورث فيها الأب ابنه منصبا في الحكم ولا الدولة و لا مؤسسة الجيش .. ولا البلدية ..
مناف طلاس و إن تصدر واجهة رسمية في سلطة المرحلة الانتقالية فهذا لا يعني أنه يقود الثورة , و إذا ما حدث و ادعى ذلك .. فأهالي حاس و عموم الأرض السورية له بالمرصاد..
صحفي و ناشط سوري*
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية