أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نداء روما ام نداء موسكو؟... الياس س الياس


كم هي مذهلة هذه الثورة السورية في كشف عور النخب السياسية العربية، نخب عاشت بطريقة مزمنة على تصور كان سائدا في الساحة الفلسطينية بسياسة وثقافة " الم نقل لكم"، فبعض هؤلاء يسوق كلاما مائعا حين كان يجب ان يكون حاسما... وحاسما حين كانت البرغماتية واجبة...

ان اي نقاش لا يحمل في طياته ما كان قد اعلن عنه سابقا من ذات النخب بشعارات فضائية واخبارية ( يبدو لي وبكل قسوة انها كانت لزوم عدة الشغل ليس الا) عن ضرورة " اسقاط النظام بكل اشكاله ورموزه" قد اسقطت ليس سهوا...
ان ١١ مكونا كما جاء في البيان الختامي اسقط من حساباتهم كثير من النقاط التي خرجت من احلها الثورة السورية وقدمت كل هذه التضحيات... لا ليس من اجل استبدال حقبة " اسدية" بطلاسية ولا حتى عرعورية... لكن المدهش ان هؤلاء يصدرون بيانا وقد يشتم منه الواحد رائحة متلازمة ستوكهولم... وبالنظر للتاريخ النضالي الطويل الذي يملكه فكريا وعمليا العديد من رموز هذا البيان فانك لتحار من ركاكة المطالب التي كانت في شهر نيسان ٢٠١١ ترفع في درعا وغيرها بدون عناء السفر الى روما... اما وقد اتضحت الثورة بمطالبها فشخصيا استغرب هذه المتلازمة التي تحرق الملتزمون بها وتحولهم الى منظرين بدون نظريات... ولا بابا للتخوين ولا انفعالية في الرد على مثل هذا البيان الصادر من روما مساء امس... فكل ما نقوله هو انه لا يليق بنضالات الاخوة والرفاق ولا بتضحيات الثورة السورية ان يسقط اهم مطلب من مطالب الثورة السورية والتمني بعد ذلك ان اصطفافا ما سيحدث في المجتمع السوري لينسجم مع هذا النداء... فمن هو الذي لا يريد لالة الطحن العسكري ان تتوقف؟ ومن هو الذي لا يرغب بانفجار طائفي؟ ومن هو الذي استدعى التدخل الخارجي؟... لقد تعلمنا من اصحاب الفكر السياسي من تلك النخب بان " الطغاة يجلبون الغزاة" وبالرغم من كل ذلك وقفت الثورة السورية تطالب بحق طبيعي وبسيط متوفر منذ ٢٠٠٥ في الشرعة الدولية في حق الشعوب بطلب حمايتها... ان التدخل الفج للروس واضح... التدخل حتى عبر مؤتمرات صحفية للملا لافروف شبه اليومية واللعب على تقسيم وشرذمة المجتمع السوري الى اثنيات وقوميات يسترعي من اصحاب الفكر ولو مرة واحدة ان يقولوا للرفاق السابقين ان توقفوا لانكم تعمقون كارثة في مجتمعنا.. بل مجتمعاتنا... والتدخل الايراني الوقح الى حد تحقير الشعب السوري والنظرة الاستعلائية على العرب ومد النظام بسبل القتل ودعم مذابحه كان يستدعي ان يتوقف عندها هؤلاء جميعا بدل كيل الاتهام مواربة لثورة شعبهم ولاطراف تختلف عنهم ايديولوجيا في تهويل كبير لمسائل قد لا يقولونها لكنها تتطاير في هواء الاستديوهات والجلسات المغلقة والتي تم اكتشافها "حديثا" في سوريا.... اي ان تحكم على الناس من الهيئة الخارجية... فقضية " اصحاب اللحى" تردد ولاسفي بشكل سطحي استشراقي كما يردد كالببغاء اعلام النظام ومتحدث باسم خارجيته...
فهذا سخف ولا معنى له في قراءة اتهامية وسطحية للحية السوريين، وهؤلاء منهم علماء نفس واجتماع وسياسة يعرفون كيف ان باسل الاسد كان يطلق لحيته... وكانت الموضة في نظام الاستبداد ان تشاع مثل هذه الامور... فالانشغال بلحية عبد الرزاق طلاس شيء مذهل حقا.. لكنني لا استغرب ان يختلط الحابل بالنابل ليصبح صبحي الحديدي متهما بالسلفية وكذلك السقال... طبعا اعتذر عن الزج بهذه الاسماء... لكنها فقط مدخل للدلالة على حالة انفصام عند النخب التي راحت تنشغل بالقشور اكثر ولب الموضوع هو ان الشعب السوري يعيش اليوم حالة من تفشي فاشية سلطة حاكمة يريد البعض لها ان تصير كرواية الفلول في مصر والقبيلة المؤيدة لصالح في اليمن... او يهددونك بما صار في ليبيا، وهي تهديدات شارك فيها حتى صحافيين واعلاميين عرب قبل ان يكتشفوا ان الليبيين لديهم ايضا خياراتهم التي مارسوها بحرية... ام يعتقد هؤلاء ان الشعوب لطيها ذاكرة قصيرة؟

ختاما، لعلي شخصيا حين اقرا مادة لميشيل كيلو عن القضية الفلسطينية في غمرة الثورة السورية افكر في حقي ايضا في ان اقول رآيا عن الثورة سورية ونخبها... فهؤلاء خيبوا ظننا حين راحوا يركزون على القشور وعلى طريقة حوار مع النظام والان يسمونه تفاوض يشمل الجميع دون كلمة واحدة عن اهداف الثورة باسقاط النظام... بما يعبر عن عودة الى مربع خطابي اول تجاوزته الثورة وامتداها الشامل في المجتمع السوري... وهي بداية لم تكن موفقة لتك النخب كقول صريح في ايام الثورة الاولى عن عرض السلاح !! ثم السؤال الاستهجاني المستنكف عن تسمية الثورة بثورة لانها خرجت من المساجد... وبعض هؤلاء معجب بثورة الخميني من الحوزات... ومعجب بفكر محمد حسين فضل الله ( المفكر الاسلامي اللبناني الذي غادر الدنيا قبل عامين ونيف) الذي كان يتحدث في مساجد بيروت... وهذا الاستنكاف عن لعب الدور اعتبره شخصيا وبكل تواضع حالة فشل يتحملها هؤلاء الذين لم يستطيعوا ان يؤثروا في المجتمع وهم يريدون له اولا ان يصير علمانيا وليبراليا وربما شيوعيا وبعد ذلك يخرج بثورة... والوصفة هذه لا يمكن تطبيقها لا من لاهاي ولا لندن ولا باريس.. ولا شعرا ولا نثرا ولا حتى بالتغني بسنوات الاعتقال... والله من وراء القصد...

الياس س الياس
(104)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي