صباح الأربعاء 25/7/2012
قد لا تشكل عبارة غاندي "ليس من الحكمة أن تكون واثقا مما تظن، فحتى العقلاء يخطئون" أي معنى للشيخ البوطي، الذي بدا واثقا مما يظنه، كما لو انه مطلع على علم الغيب.
تقتضي الحكمة على المرء قبل أن يعطي حكما بقضية من القضايا ، أن يفكر بالمعطيات التي توفرها، والظروف التي تحيط بالقضية، حتى على مستوى الفتيا فإن الأحكام تختلف من مكان إلى آخر، ومن زمن إلى زمن آخر، وهذا ينفي أي وجود لليقين، إذا استثنينا اليقين الإلهي، فاليقين يأتي من مصدرين، مصدر إلهي كما هي حال الأنبياء والرسل، وهو اليقين بالمعرفة، والمصدر الثاني هو الجهل، وهو اليقين بالظن، أي بغير معرفة، ومن هذا المصدر خرجت كل مبررات العنف والكراهية على مر التاريخ، لكن مشكلة من يبني يقينه على جهل، انه يمر بمرحلتين لتأسيس معتقد يقيني لا يقبل الشك.
مرحلة بناء التصور الذهني عن قضية أو فكرة أو مبدأ أو فلسفة، أو أمة أو شعب أو قبيلة..الخ ، وهذه مرحلة تتسم بالنفاق النسبي، ففيها يدرك الشخص حقائق مغايرة للصورة الذهنية التي يراد بناءها، لكنه يلغيها ويتجاوزها، كما لو انه يقوم بغربلة فكرية لكل ما يمكن أن ينقض تصوراته، وهذه ممارسة تتسم بالنفاق بهدف إشباع رغبة ذاتية تتطلع إلى جني مكاسب مادية أو معنوية من هذا النفاق.
أما المرحلة الثانية هي في دخوله مرحلة اليقين بما ظنه حقا، بعد أن محا من ذاكرته ووجدانه جميع التناقضات التي تواجه بناء تصوراته الذهنية عن موضوعه، وفيها يتحول إلى منافق حقيقي، حيث يتوقف عن إدراك ما ينقض فكرته عن موضوعه، وبتعبير اندرية جيد تبدأ الشخصية بتصديق نفاقها كما لو أنه حقيقة مطلقة.
إذا تفحصنا خطبة البوطي ظهر يوم الجمعة 20 تموز 2012 نجده من النوع الأخير، الذي بدا يصدق أن نفاقه ليس سوى حقائق مسلمة، وهذا كما قلت مصدره الجهل، الذي غيب كافة المعطيات والظروف المحيطة بالموضوع، ودليل ذلك أنه قال في خطبته المشؤومة، انه يرى "التمسك بالحق والمحبة لمواجهة ما يخطط لنا أعداء الأمة مؤكدا اعتزاز أبناء سورية بجيشهم الباسل المناط به اليوم مهام جسام بمواجهة جميع التحديات الداخلية والخارجية لتبقى سورية رمز الشموخ والإباء ورسالة الحق المبين" فالرجل يعتقد عن حق أن بأن الجيش الذي يقتل يوميا عشرات السوريين هو جيش أبي يحمل رسالة الحق ، ويتوجه إلى هذا الجيش الذي يمارس القتل والتدمير والاغتصاب بحق مواطنين يشهدون أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله بقوله" إنكم تتحملون اليوم تبعة لا أظن أن في جيوش العالم بل في دول العالم من تحمل مثلها قبل اليوم ولقد عدت إلى التاريخ القصي القديم والحديث، فلم أعثر على جيش في دولة قد تحمل هذه التبعة إلى اليوم، وشاء الله عز وجل أن يتحملها جيشنا" مشيرا إلى أن "هذه التبعة تتمثل في حرب كونية فعلا تتجه إليه من أطراف العالم أجمع تستعمل فيه الأسلحة المادية والمعنوية"
إن من المدهش، إن رجلا يحفظ القرآن الكريم، وعاش بين مؤمنين، ويعرف دقائق وخفايا الأمور، يظن أن جيشا ممن يقتلون شعبه يوميا يتسم بالعدل، ويأمل منه أن" يبذل العبودية لله لتأتيه المعجزات والخوارق من السماء" وكأنه يصف جيشا من الصحابة وليس جيشا من الزعران الذين يشتمون الله علنا في كل مناسبة ويعتدون على الأعراض ويستبيحون دماء المسلمين، فأي رجل هذا، وأي علم يحمله، وهل هو جاد فيما يقول، هل يمكن لرجل يصلي بالناس في اكبر مساجد سوريا أن يقول للقتلة والمجرمين سفاكي الدماء "أنا أعتز بجباههم المرتفعة الشامخة التي لم تهن في يوم من الأيام لعدو، ولم تركن إلى لذة طعام أو شراب يخدع بها كما يخدع الآخرون، وأقول لهم إنكم إن ارتبطتم بالله جعلتم من ثغوركم محاريب ترتبطون فيها بالله عز وجل تستنزلون النصر منه بذل عبوديتكم لله عز وجل، يتجلى عليكم عندئذ بقاهريته"
عن أي جيش يتكلم البوطي، هل عصابات آل الأسد هم جيش من الصحابة، أم هم جيش من الملائكة، وكيف يمكن لرجل يقرأ القرآن، ويرى ويسمع ويعرف ما يقوم به هذا الجيش من جرائم، أن يظنه جيشا يحارب في سبيل الله، عن أي اله يتحدث البوطي ، هل هو الله الذي نعبده ، أم انه الإله بشار الأسد الذي يعبده الشبيحة ويصلون له.
إذا كان هو الله الذي نعبده، فلا يعدوني أي شك بأن الرجل فقد عقله، ولم يعد قادرا على الفهم والتقدير والحكم، وإن كان الله الذي يقصده هو بشار الأسد، فكيف يجرؤ على الاستشهاد بالقرآن الكريم الذي هو كتاب الله الحق
يقول البوطي مستشهدا بقوله تعالى في قرانه الكريم " "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" كما يستشهد في الآية الكريمة " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزيهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين" السؤال هو ، يقاتلون من؟ ومن هم المؤمنون الذي سيشفي الله صدورهم بذبح الأطفال واغتصاب النساء؟ ويضيف اللعين " أنا ضامن بأن الله عز وجل سيكرمنا جميعا بأعاجيب النصر ، وبخوار ق النصر والتأييد" هل سمعتم بضلال اكبر من هذا؟
لم اعد اشك بان البوطي فقد عقله، ولم يعد يميز الحق من الباطل، ولعل الله قد ختم على قلبه، ويريد أن يخزيه في الدنيا والآخرة ، ثم أليس لهذا الرجل من أقارب أو أصدقاء أو مريدين، يقولون له، أيها الرجل الضال ، أنت تضمن مجرمين وكأنهم أنبياء، فكيف تخاطب من يكفر بالله ويقول ربي بشار الأسد، وتعده واثقا بالنصر من عند الله ، ومن أنت حتى تزكي على الله، وكيف يمكنك أن تكون مسلما وأنت تدعو إلى سفك دماء مسلمين مسالمين، وتحرض على قتلهم، وتدعي أن من يقتلهم إنما يقتلهم بيد الله ، وكيف صار القتلة والشبيحة مؤمنين ليشفي الله صدورهم بقتل أطفال المسلمين واغتصاب نساءهم ، أي ضال هذا الرجل عديم الشرف والأخلاق.
حين كتبت مقالي " البوطي إذا بطبط"
http://www.syria2011.net/t22875-topic
اعترض البعض على إهانة ما سموه يومها الشيخ، وعذرهم أن غشاوة على عينيه سرعان ما تنقشع ويرى الحق بينا، وهاهو بعد سبعة عشر شهرا لا يقول لنا كما كان يقول من قبل أن المتظاهرين على خطأ وان النظام سيقوم بالإصلاح ، فهاهو ينطح برأسه صخرة صماء، حين يصف جيش عصابات آل الأسد، بأنه جيش من الملائكة، ينتظر إن تتنزل عليه الخوارق والمعجزات، ويبيح لهم قتلنا مستشهدا بالقرآن الكريم " اقتلوهم يعذبهم الله بأيديكم " وهذه الآية خاطب بها الله رسوله الكريم ، طالبا منه قتل المشركين ليشف صدور أصحابه المؤمنين، فالبوطي اللعين يرى جيش عصابة آل الأسد صفوة المؤمنين، ويرانا كفارا يتقرب بقتلنا إلى الله ، ألا لعنة الله عليك أيها الضال المضل، أتحل للمجرمين العصاة قتل المسلمين، وأنت أدرى بأنهم يسبون الله ورسوله وزوجاته أمهات المؤمنين، كم وصلتك من صور وأفلام ونداءات ورسائل لتقنعك بأنك على ضلال، لكن الله أبى إلا أن يعمي بصيرتك.
ومع ذلك هل نسال أنفسنا، ما إذا كان البوطي قد تشيع، وأنه يصدر في فتواه بجواز قتل المتظاهرين السوريين عن معتقد، لأنهم امن شك ان فتوى مثل هذه لا تصدر عن رجل يؤمن بالله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، علما بأن بعض المتطرفين الشيعة يجيز مثل هذه الفتوى، بل وأن بعضهم يعتبرها واجبا شرعيا وأنا لا ادعوا هنا إلى الفتنة، وإنما اصف حال البوطي الذي ينطبق عليه قوله تعالى في سورة الفرقان في سورة الفرقان " أرايت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا* أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا "
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية