أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حلقة في مساجد سوريا

.
جلسوا متربعين في حلقة واحدة كبيرة، وتركوا فراغا فيها ليملأه شيخهم الذي يجيب على سؤال امرأة تسأله هل يجب ان تلبس الحجاب عند دخولها لغرفة الاولاد، ففيها دفن شهيدان ليسوا من المحارم؟ وهل يمكنها ان تجلس وحدها في هذه الغرفة؟ ام لا يجوز ان تجلس مع الشهداء الا كما في الغرفة الاخرى حيث دفن زوجها معهم؟
يتلاصق الصغار، يتهامسون، يتمتمون، احدهم يسمع للآخر الآيات المطلوبة منذ جمعة "حرب التحرير الشعبية"، وصغيرهم لا زال يفكر في سؤال خطر في باله عندما خرج هذه الجمعة في مظاهرة، وأحس بالدبابات تزلزل الأرض، وتقصف وتقتل بلا هوادة، سؤالٌ يقول: هل سيرسل الله طيرا أبابيل على الشبيحة؟ وهل ستتب يدا بشار كما تبت يدا ابي لهب؟
ينهي الشيخ حديثه مع المرأة، ويتقدم نحو حلقة الصغار، الذي انطلق منها اثنان يعدوان ليجلبا مصحف الشيخ وحامله الخشبي، يترضى عنهم الشيخ الممسك سبحته ذات المئة حبة، وبدشاشه البيضاء التي لا تزال تحمل دماء شهداء "نصر من الله وفتح قريب". ما أن يجلس الشيخ مكملا الحلقة حتى يوضع المصحف أمامه فوق حامله الخشبي، وتكتمل حلقة الصغار الذين فتحت مصاحفهم على "سورة البروج".
يبدأ الشيخ بالقرآءة، ويردد من خلفه الصغار:" والسماء ذات البروج ( 1 ) واليوم الموعود ( 2 ) وشاهد ومشهود ( 3 ) قتل أصحاب الأخدود ( 4 ) النار ذات الوقود ( 5 ) إذ هم عليها قعود ( 6 ) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (7) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (8) الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد(9) "
وقبل أن يتم الشيخ آخر آية، حتى سقط صاروخ، هدم السقف وقتل نصف الأطفال وجرح النصف الآخر، وثياب الشيخ أختلطت فيها دماؤه بدماء الشهداء بدماء الصغار.

رحم الله أهل سوريا الذين اختلطت دماؤهم بورق مصاحفها وفرش مساجدها وبتراب أرضها.


محمد محمود التميمي
(123)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي