إن لملمة شتات اليسار الثوري و التحرري السوري لا يعني توحيده سياسيا و تنظيميا و لا حتى إيديولوجيا تحت قيادة مركزية جديدة , إننا بحاجة أكثر لشبكة لامركزية تنظيميا ستضمن بقاء هذا اليسار و صموده أمام قمع النظام الذي يمارس اليوم ضد كل الشعب السوري من جهة و ستضمن أيضا لمنظماته و أفراده في كل منطقة حرية كبيرة لتقرير أشكال مشاركتهم في الثورة مع درجة عالية من التنسيق بين نضالاتهم و رؤاهم عن الثورة .. هذا التجمع اليساري العريض أيضا لا يحتاج إلى هوية فكرية إيديولوجية متكاملة تماما عن أشياء كمرحلة الانتقال إلى الاشتراكية مثلا و غيرها , الخلاف اليوم ضمن اليسار السوري مع القيادات "اليسارية" الانتهازية العميلة للديكتاتورية هو خلاف سياسي و ليس إيديولوجي , كل يساري مشارك في الثورة الشعبية السورية من منطلق وعيه كيساري بمصالح الجماهير السورية و رغبته بالدفاع عنها ضد الديكتاتورية العدو الأول و الأخطر للشعب السوري هو جزء من هذا التجمع اليساري العريض .. يجب العمل على بلورة رؤية ثورية تنطلق أساسا من مصالح الجماهير السورية و من مسار الثورة نفسه , هناك اليوم من يستمر ببيع أوهام التدخل الدولي و يخترع مع كل تصريح أو مؤتمر أو ما شابه ما يعزز به هذه الأوهام , و هناك من يستمر بالحديث عن حوار محتمل أو ما زال ممكنا مع قوى لم تتلطخ أيديها بالدماء من النظام , ليس فقط أن هذا سياسيا تجاوزته الثورة بل إن هذه الأوهام لا تساعد إلا في خلق إحباطات جديدة تصب في صالح الديكتاتورية أساسا مع كل مجزرة رغم أوهام بعض قوى ما تسمى بالمعارضة في أن استمرار الحديث عن هذه الأوهام يلعب لصالحها و ربما هو أسلوبها الوحيد لمحاولة كسب الجماهير .. هناك أيضا صعود التطييف الصريح و هناك أيضا العسكرة و ضرورة الحفاظ على تناسب مقبول و مفيد للثورة بين اشكال الاحتجاج السلمي و المسلح و دور اليسار في كليهما إضافة إلى مناقشة أشكال سيطرة الجماهير الممكنة على المجموعات المسلحة , اليسار الثوري يفترض أن يقدم أجوبة صريحة لا تبيع الوهم و في نفس الوقت تنطلق من دراسة ثورية لموازين القوى الحالي و كيف يمكن تغييره لصالح الثورة و وسائل و احتمالات هذا .. عند البعض أوهام عن أدوار ذاتية خاصة , هذا طبيعي و مزعج و أحيانا لا جدوى من محاولة تغييره , الحقيقة أن بعض أشكال اليسار قد توجد و تستمر في أية ظروف ضمن إطار موافقة الطبقة الحاكمة اليوم و غدا في أي وقت دون أن تلعب دورا حاسما , و ربما دون أن تلعب أي دور أصلا , في معارك الجماهير ضد أعدائها , هذا قد يرضي البعض , لكن غالبية اليساريين السوريين الذين انخرطوا باشكال مختلفة في ثورة الجماهير السورية ضد الديكتاتورية لا يبحثون عن دور كهذا , و هؤلاء هم من يهمهم و يمكنهم تنسيق رؤاهم و نضالاتهم في إطار هذه الثورة و ما بعدها
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية