أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد ومشروع الفتنة ... د. مهند مبيضين


لم يكف بشار الأسد عن تكرار ذات الكلمات، كأنه قادم من زمن آخر، الرجل يظن أنه أصلح البلد، وان ما حصل في الحولة كان من فعل وحوش، لكنه نسي أن يقول بأنه هو الذي أرسلها، وقبل ذلك دربها لتكون أكثر من مجرد شبيحة او جنود، وأكثر من آكلي لحوم بشر، هكذا الاستبداد ينشئ قطعانا حوله تهيم به وتموت لأجله.

الأسد لم يبرع في شيء إلا في توزيع الابتسامات الغبية عقب كل فقرة في خطاباته، وهو في خطابه الأخير يحاول أن يتقمص دور الرئيس الحزين على مآل شعبه، ومع ذلك يظل للأسف نخبة ملتحقة به تدعو له بالبقاء والديمومة كي لا تنهار سوريا وتذهب في مهب الريح.

لا يعرف الأسد أن عكس المستحيل هو الممكن. وأن الاستبداد طريقه مسدود، ينتهي بشكل مباغت، أو يصل بالمجتمع إلى طريق مسدود؛ والاستبداد الذي رعاه الأسد يخنق الإرادة، وينتج اليأس والقنوط ويفقد القوى الحية تأثيرها.

في المقابل الممكن هو طريق السياسة، والسياسة هي نقيض الاستبداد. أدى الاستبداد إلى المستحيل، فيما تؤدي السياسة إلى إمكانيات كثيرة وانفتاح ممكن وبالسياسة فقط تصل الشعوب لمبتغاها، وفي سوريا التي اعتادت التبدل لا بد للحكمة ألا تغادر ناصحي الرئيس بأنه إلى زوال طال الأمد أم قصر.

بالسياسة يعود الفرد إلى المجال العام، يخرج من القفص الذي حشره فيه الاستبداد. واستبداد الأسد كان مشروعا مؤسسا على قواعد راسخة، وبدعم ايراني يزداد كل يوم، فسقوط الأسد هو نهاية حلم الفرس التاريخي بالوصول للمتوسط العظيم، ونهاية الأسد سقوط لمشروع الثورة الإسلامية خارج بلادها

سقوط الأسد سقوط سيكون وخيما، على من يحب بقاءه ومن يريده مثالا للحاكم العادل، هناك من يرى في البطش الأسدي عدلا جميلا يستحق ان يكون هاديا، وهناك من يريد ان يجعل من نهج الأسد نبراسا في القمع، لكن الأسد لا يعي ان الشعب عرف طريقه.

دمشق التي حوصرت واحترقت عشرات المرات، لن يخيفها جيش الأسد، سياتي الثوار من الريف، ومن البوادي وحوران التي يحملون منها سنابل حب لياسمين دمشق، والأسد الذي يعتقد أن سمة المستبد لا تليق به، لا يعي أنها صفة التمكين له فهو وارثها ويعيش عليها.

أدخل الاستبداد والبطش سوريا طريقا مسدودا. وضع كل واحد من الشعب أمام استحالة أو استحالات؛ والحولة ومجزرتها كانت إعلان اللاعودة عن الثورة، هي النهاية التي لم يكن الأسد يريد أن ينتهي بها فسواء كانت العملية من أمره أو أمر أعوانه أو محبين له، فقد وضع في الزاوية الحرجة، ومن سخريات الزمن أن الرجل ما زال يتحدث عن المؤامرة ومشروع الفتنة.

للأسد أجيال تخدمه، لكن لسوريا أجيال تعيشها حبا وروحا ووطنا، للأسد أعوان وشيخ معمم في جنوب لبنان وآخر في طهران، يباركون القتل ويرفضونه فقط على اتباعهم، وهو مطيع لهم، للأسد هيبة بين أقرانه لكنها أمام الأحرار لا تساوي شيئا. للأسد خيال كبير لكنه سيء الإخراج.

ابو مجد الحر
(117)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي