لماذا نقصف.. السر في "المناطق الآمنة"

من لم يلحظ تصعيد النظام السوري العسكري في الآونة الاخيرة و تمدد رقعة القصف على امتداد جميع المناطق الثائرة لا يمتلك بصراً ولا بصيرة 

منذ فترة و القصف العنيف يزداد على عدة مدن سورية و بشكل متصاعد بقذائف الهاون و راجمات الصواريخ و الطائرات العمودية فمن ريف دمشق إلى ريف حلب و اللاذقية , إلى حمص المنكوبة و و دون استثناء دير الزور و درعا مدينة و ريفاً بالتأكيد و اللتين تشهدان أيضاً قصفاً هو الأعنف منذ اندلاع الثورة 
تكثر التأويلات و التحليلات حول أسباب التصعيد العنيف لكن أهمها من وجهة نظري كسوري في الداخل أتعرض للقصف كل يوم تقريباً في درعا مجموعة تداعيات لا يمكن الذهاب بإحداها بمعزل عن الأخرى 

في الكثير من المدن السورية الثائرة تنمو ظاهرة المناطق الآمنة شبه المحررة أو المحررة بالكامل حسب تسمية الثائرين , و هي مناطق تحتوي أفراداً للجيش السوري الحر ما يجعلها مراكزاً رئيسية للتظاهر و ملاذاً آمناً للكثير من الناشطين و المطلوبين لأجهزة أمن النظام , و مكاناً لتواجد المشافي الميدانية و علاج المصابين و الجرحى , و مراكز الثقل لإعلام الثورة الذي يوثق باستمرار انتهاكات النظام و جرائمه .
و تسمية مناطق محررة هذه جاءت من عدم قدرة قوات النظام العسكرية و الأمنية من دخول هذه المناطق و تفتيشها و تنفيذ ممارساتها من اعتقالات و مداهمات فيها , و مرد ذلك أسباب واضحة و أسباب غير مدركة لكل من هو خارج سوريا 

بداية إن من وجهة نظر عسكرية فإن النظام أصبح ملزماً بالتقليل قدر الإمكان من خسائره العسكرية و خاصة خسائر الأفراد حيث أن ما يعلن من أعداد المنشقين عن هيكل النظام العسكري يوازي تقريباً عدم المعلن من الانشقاقات و مرد ذلك خوف المنشقين عن جيش النظام من الملاحقة و الانتقام و الذي يمتد عادة في حالة إعلان الانشقاق إلى الأهالي و الممتلكات , و حالة التململ الكبيرة بين صفوف الجيش السوري و التي يعود سببها للاحتفاظ بالعسكريين ممن أتموا الخدمة الإلزامية لفترات تزيد أحياناً على الثمانية أشهر بسبب النقص الحاد في التحاق السوريين بخدمة العلم الإلزامية لأنهم إما من أبناء المدن الثائرة و حاملي الفكر الرافض لممارسات الجيش السوري تجاه شعبه و التي تشكل المساحة الأكبر من التراب السوري أو من المتخوفين على مصيرهم إذا التحقوا بالخدمة الإلزامية 


تضرر الأهالي نتيجة القصف و محاولة النظام إظهار أن سبب القصف هو وجود أفراد الجيش الحر في هذه المناطق متناسياً أنه بدا في القتل قبل تشكيل أي نواة لمقاومة مسلحة و استمر لأشهر في فعله حتى برز ما يسمى بالجيش السوري الحر نتيجة لانشقاق عناصر عن جيش النظام لانهم رفضوا أساساً ممارسات النظام , ما يفقد الجيش الحر لحاضنه الشعبي و يضعه بين خيارين صعبين الانسحاب الذي لا يتماشى مع مضمونه الأخلاقي أو المواجهة و التي قد تجلب تصعيداً أكبر لا يقف عند استخدام الصواريخ و الطائرات 

تركيز القصف من الخارج هذه المناطق ما يدفع الأهالي المدنيين إلى النزوح كما في حالة حمص و دير الزور حديثآ و التي سجل نزوح ما لا يقل عن مئة و خمسين ألفاً من سكانها نحو الأرياف و المدن الأهدأ كالرقة و الحسكة ما يجعل الحرب حرب سلاح في وجه سلاح مع التنويه إلى الفارق الكبير في نوعية التسلح بين الطرفين 

إضعاف هذه المدن الثائرة إعلامياً و السيطرة على حراكها ما يعطي طابعاً ريفياً للثورة و خاصة أن النخب المثقفة تقطن المدن و تؤثر في الحراك بشكل كبير في محاولة لإثبات رواية للنظام مفادها أنه لا يواجه ثورة بل يواجه مغرراً بهم و مأجورين 


و بالطبع فإن النظام مهتم بالرأي العالمي فإن تعليق عمل بعثة المراقبين الأمميين يمنحه حرية التحرك دون إدانة لممارساته بالدليل القاطع و هي فرصة انتهزها النظام في محاولة منه للإجهاز على معاقل الثورة جيشاً ( الجيش الحر ) و متظاهرين مدنيين بعيداً عن نتائج لعمل البعثة قد تحرج الضمير العالمي و تدفعه لاتخاذ مواقف و تصريحات و ربما أفعال على الأرض 

أخيراً إنه لمن المؤلم بمكان أن يتحول قتل عشرات السوريين كل يوم على يد قوات النظام إلى عادي . و كأنه رقم أصبحنا نتوقعه مسبقاً و لا يخدش ضمير العالم , لكن أكثر ما قد يؤلم أن يتحول قصف مناطق تضم آلاف المدنيين من أطفال و نساء و شيوخ إلى اعتياد لا يؤثر في الضمير العالمي و لا يدفعه إلى التحرك لنجدة شعب يقصف بشكل عشوائي بأقسى الأسلحة و أكثرها فتكاً كل يوم .

عدي سالم - اتحاد اعلاميي درعا
(111)    هل أعجبتك المقالة (102)

rasha

2012-07-09

الله يحمي الجيش الحر والثوار والنصر قريب بإذن الله.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي