مجزرة دوما |
|
|
من يزرع الدم يحصد العاصفة... مؤيد اسكيف*

صباح المجزرة الجديدة .. صباح المجزرة التي لم ترتكتب بعد .. صباح المجزرة التي سنبكي عليها .. و نتأمل تنفسنا لنتأكد إذا ما كنا على قيد الصباح .. صباحكم أنتم .. يا من تجهلوا اسم المجزرة التي ستعنون موتكم .. صباح أسمائكم التي اطلعنا عليها..
صباح المجازر التي لم تعد عاجلة على شاشات الأخبار ..
هاهي اليد تضرب بما أوتيت من حديد و حماة الديار و الجامع الوطني لا يتلكأوا بالقيام بالمهمة .. في يوم واحد عشرات المجازر في الحصن و ريف إدلب و الهامة و دير الزور و دوما و ريف حلب .. ومن يهرب من حمص تكون مجزرته الخاصة به في منطقة أخرى..
أتأمل ملياً العقلية التي دعت " الرعاع " لمناداة جيش النظام للضرب بيد من حديد , و أسئلة كثيرة تعصف في حالة ذهول لمحاولة سبر معالم ذلك الببغاء المأخوذ بعبارات صفراء على شاشة بليدة تقوم بدور تحريضي على أبناء الشعب .. فيتردد صدى أسئلة الوطن و الإنسان و الأخلاق على جنح الريح .. و لا إجابات ..
نريد الحسم من الجيش .. يقول أحدهم .. بينما تطالب الأخرى بالضرب بيد من حديد فتردد زميلتها .. منذ اربعون عاما و نحن بأمان , فليذهب الجيش ليقتلهم و يعيد لنا الأمان ..
هكذا إذا ؟ الأسد أو نحرق البلد ؟
طيب يا ستي ها أنتم تحرقون البلد و بيد من حديد .. فسلموا على الأسد ..
يصعب بالفعل تفسير مايحدث في سوريا .. حيث ابن الوطن يدعو بالموت على أخيه .. في الوطن .. كما يفترض .. و الأنكى من هذا كله و المفجع أن من يموت " ضحية دعواتهم " سوف يجلب لهم الحرية و المساواة في الحقوق و الواجبات و أمام القانون .. بل يريد أن يبني وطنا لكل السوريين .. سوف تسقي دمائه زهرة الحرية .. بينما هم يستمرون في الرقص على جثة ابن الوطن .. و يستمرون بمناداة يد الحديد التي اعتادوا تقبيلها ..
الموت حكاية سوريّة .. ليس استناداً إلى رواية قابيل و هابيل التي تمسرحت على الأرض السورية كما تقول " القصة " بل لأنه أتى نتيجة ليد " عمياء " من حديد .. ضربت الأجساد الغضة و كررت الضرب .. ثم كررت الضرب .. في متتالية لما تنتهي بعد .. و هنا يمكن أن نتخيل آلاف الحكايا .. و الصور .. و يمكن أيضا أن نسمع آلاف الصرخات .. و نداءات الاستغاثة .. و ابن الوطن يصرّ بكل صفاقة .. على أن نضرب بيد من حديد ..
منذ بداية الثورة اعتمد النظام على الضرب بيد من حديد .. بل إن ما أشعل الثورة هي قبضته الحديدية طيلة عقود و طريقة تعامله مع أطفال حوران ..
و لأن نظام الأسد يفتقر للحلول السياسية و يعجز عن إدارة الأزمة بطرق دبلوماسية فلم يكن أمامه من منفذ إلأ الهروب إلى الأمام من خلال تصعيد مستمر باستخدام هذه القبضة .. معتمدا في ذلك على الترويع و الاستمرار في الترويع .. و لأنه يفتقر للحدود الدنيا من الأخلاق لا يتوانى عن الكذب و محاولة تقديم نفسه كضحية ..
المجازر الجماعية و المتتالية و المكثفة هي إحدى درجات التصعيد الحالية خاصة بعدما اشتعلت ضواحي مدينة دمشق و صارت كتلة من لهب في حلقه فترفضه و تتظاهر ضده و تحولت لتصير الحاضن الاجتماعي و الأهلي لأفراد الجيش الحر , فأراد النظام معاقبة السكان على مواقفهم و في الوقت نفسه جعلهم عبرة للمدينة التي تعتبر أحد أهم الحصون الأخيرة له ..
أخطأ النظام من البداية في تقدير قاعدة تاريخية مهمة فالشعوب لا تقهر.. و من يزرع الدم لن يحصد إلا العاصفة .. و إصرار هذا الشعب على نيل الحرية و التخلص من النظام رغم كل ما يتعرض له من طعنات لا يتيح لنا فرصة النكوص أو التراجع أو التشاؤم ..
إن النصر قريب .. و سوريا بدها حرية .. و سوف تنالها ..
*صحفي و ناشط سوري
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية