نعم: لماذا الإصرار الجنوني للنظام الأسدي على استمرار تسلطه على الحكم في سورية رغم إرادة ورغبة ومصالح أكثرية الشعب السوري؟ ولدرجة جنوحه المرفوض دوليا وعربيا ووطنيا وأخلاقيا ومسؤولية دستورية إلى:
زج البلاد بصراع وتقتيل دموي يومي مستخدما لذلك جميع القوات المسلحة الرسمية وهي الجيش والأمن العسكري – إضافة لمجرمي الشبيحة - واستخدام جميع السلاح الثقيل بما فيه المدفعية والدبابات والصواريخ ضد المدن السورية وشعبها!
اللجوء لتقتيل ذات أبناء الشعب السوري – وليس مجرد مُقاتلي الثورة فحسب- وتطوير الأمر إلى حرب حقيقية بين النظام والشعب، وهو ما اعترف به الخائن الأسد بنفسه أخيرا!
نتساءل: هل كلّ ذلك الإصرار الجنوني والتقتيل الإجرامي المتوحش هو لمجرد استمرار بقاء النظام ورئيسه الأسد في الحكم؟ وهذه حقيقة قائمة لا يُنكرها إلا غبي جاهل؟ أما أن هناك أسباب أبعد من ذلك تفرض على النظام سياساته؟
يقودنا هذا إلى التساؤل: أما كان المفروض- ككل دولة حديثة - قيام النظام بحل دستوري قانوني وطني مخلص للوطن والشعب، يتجسد بأحد الحلّين التاليين لمعالجة الأزمة ألا وهما:
• الإستقالة – مثلما فعلت قيادات تونس ومصر واليمن - ودعوة الشعب لانتخابات رآسية جديدة، وهو مافعلته اليونان أيضا قبل فترة وجيزة، وعشرات الدول الأخرى خلال السنوات والعقود الأخيرة!
• القيام باستفتاء شعبي أمين تحت إشراف عربي ودولي لبيان رغبة الشعب في بقاء النظام أو تغييره والتزام نتائجه، في حال قناعة النظام حاليا بأنه حقّا يُمثل الشعب ومصالحه؟
لم يتوجه النظام للقيام بأي من الحلّين الشرعيين السلميين المذكورين، وإنما بدأ بإعلان حرب مكشوفة، ومنذ اليوم الأول لحوادث درعا قبل خمسة عشر شهرا، بالضرب والتقتيل وبقوة مفرطة على كل معارض سياسي أو شعبي، وذلك بإطلاق النار والقتل المتقصد، والقيام بحملات اعتقالات وتعذيب واسعة النطاق حتى الموت، في كل مدينة – تظاهرت – للمطالبة بالإصلاح الذي تطور إلى المطالبة بإسقاط النظام؟
ما تفسير ذلك؟ وما هي الدوافع التي جعلت النظام يختار الحرب مع الشعب وتقتيله، بدلا من اللجوء للإحتكام إلى قرار الشعب، والأخذ به؟ وخاصة أنه يزعم – وأزلامه الخونة- أنه نظام شرعي يُمثل مصالح سوريا وشعبها؟
في قناعتي المطلقة والتي تؤيدها وقائع تاريخية ثابتة يعلمها العالم جميعا، هو أن النظام السوري الأسدي لا يُمثل لا الشعب ولا الوطن السوري قطعيا وعلى الإطلاق! وإنما هو مجرد نظام عميل إسرائيلي! تحكم إسرائيل من خلاله الدولة السورية وشعبها وسياساتها وتطورها ومستقبلها.....
وإن ما قام به النظام الأسدي من تقتيل واعتقالات وتعذيب هو نتيجة أوامر إسرائيل إلى عميلها بشار الأسد، وذلك حفاظا على استمرار سلطتها على سورية، وبقاء عميلها للقيام بتنفيذ أهداف إسرائيل المعروفة والتي تصب جميعا، جميعا في مصالح إسرائيل ووجودها وشعبها، وليس لسورية وشعبها ومصالحها على الإطلاق!
لنراجع نقطتين تتعلقان بالموضوع:
أولاً: البراهين التي تُثبت أن نظامي الأسد الأب والإبن هما نظام واحد عميل لإسرائيل، عمالة كاملة ومُطلقة، وذلك منذ عام 1967 وحتى اليوم:
1) قيام الخائن "وزير الدفاع" حافظ الأسد بتسليم الجولان في عام 1967، وذلك من خلال إعلانه رسميا سقوط الجولان بيد إسرائيل قبل دخول أي جندي إسرائيلي واحد إطلاقاً للأرض السورية بيومين كاملين! هذا امرٌ ثابت وحقيقي 100% في جميع المراجع الدولية الرسمية والإعلامية الموثوقة!
2) إعادة تسليم الجولان في عام 1973، رغم تمام تحريره 100% - وحتى بحيرة طبريا - من قبل حملة الجيش السوري في حرب تشرين التنسيقية مع أنور السادات، والتي كانت بقيادة العميد عمر الأبرش! وبعد تمام التحرير 100% قام "الرئيس!!" حافظ الأسد بالطلب من العميد الأبرش التراجع بالجيش إلى حدود الإحتلال قبل التحرير، ولمّا رفض الأبرش ذلك قام أحد أعوان حافظ الأسد، بقتله وعاد بالجيش السوري إلى حدود الإحتلال الحالية، تاركا مدينة القنيطرة التي هدمتها إسرائيل تهديما كاملا 100% وذلك لغرضين:
a. غرض عدم إعمارها وسكناها من جديد على حدود الجولان، مما يُشكل خطرا على سكان عشرات المستعمرات التي أنشأتها إسرائيل في الجولان وأسكنت مواطنيها مكان العرب السوريين فيها!
b. بغرض الزعم بأن حافظ الأسد قد حرر القنيطرة: كذبا وتهريجا وتواطئا مع إسرائيل!!
ثانيا: قيام النظام الأسدي في سورية، بتوقيف جميع مشاريع التنمية الوطنية في سوريا، وهو الأمر الوحيد حتميا الذي يُمكّن من تطوير البلاد إقتصاديا ومعيشيا وتشغيلا للأجيال الجديدة وهو الأمر الذي يزيد ويُؤكد قوة الدولة السورية،! أما توقيف التنمية الوطنية فهو أمرٌ لا يفعله إلاّ نظام خائن لوطنه وشعبه ومصالحه!
وقد تسبب هذا الأمر بتراجع إنمائي شامل، شمل الصناعة والزراعة والسياحة والمرافق العامة والتشغيل، وجميع الخدمات للشعب، مما أوصل إلى سلبيات عديدة معروفة ومتوقعة يتجسد أهمها فيما يلي:
1. خلق بطالة هائلة تتجاوز نسبتها حتى الآن 65% من العمالة السورية – كانت في عام 2008 بنسبة 48% من القدرة السورية العاملة حسب تقرير الأمم المتحدة السنوي- وذلك إضافة إلى ملايين السوريين الذين اضطروا لمغادرة البلاد منذ عهد الأسد الأب، ثم تضاعفت نسبتهم على عهد بشار الأسد- وذلك للعمل في أنحاء العالم، مثل دول الخليج وكندا وأمريكا وأستراليا، وبعض دول أوربا! وهذه حالة استمرت دون توقف بل وتفاقمت وما زالت تتفاقم من يوم إلى يوم، وهي في رأيي السبب الأخطر المُسبب للثورة السورية الحالية!
2. تراجع الإنتاج الوطني الزراعي: أصبحت تستورد سورية حتى القمح بعد أن كانت تصدره طيلة العقود والقرون السابقة!
3. تراجع الإنتاج الوطني الصناعي نتيجة إفلاس وتوقف أكثر من 2500 مصنع سوري قائم في سورية قبل عهد الخائن بشار الأسد! وتوقف بناء مشاريع صناعية بالمطلق للقطاعين العام والخاص معا!
4. تزايد الإستيراد وبالتالي ضعف قوة الليرة السورية، مما خلق غلاء هائلا متصاعدا، لم، ولا تقدر أكثرية الشعب الساحقة على تحمّله!
5. القيام بحل تخريبي مجنون لمعالجة عدم كفاية موجودات الخزينة السوري نتيجة الإنفاق واسع النطاق على عقود شبه وهمية لمشاريع فساد هائلة للأقرباء وشركاهم من جهة، والذي كان في القيام بطبع مئات مليارات الليرات من الليرة السورية بدون غطاء ذهبي قانوني، والذي كان السبب الثاني المباشر في تخفيض قيمة الليرة السورية، وبالتالي خلق الغلاء الفاحش المتصاعد الذي يئن الشعب السوري منه ومن تزايده شهرا بعد شهر!
نتيجة: إن النظام الأسدي في سورية على عهد الخائن حفظ الأسد، وابنه الخائن بشار الأسد ما هما إلا نظام واحد عميل لإسرائيل عمالة كاملة ومُطلقة! وهذا هو السبب الحقيقي، لجمود الموقف الأمريكي عند مُطالبات "التنحي" السخيفة التهريجية، دون اللجوء إلى أي إجراء عملي، بل والتمادي لمنع تركيا من فرض حقوقها على النظام السوري عميل إسرائيل الأول!
يؤيد هذه النتيجة موقف الإدارة الأمريكية التي منحت سلطتها في منطقة الشرق الأوسط لإسرائيل وجماعات اليهود الأمريكيين، وهم الذي يفضلون مصلحة إسرائيل حتى على مصلحة بلادهم أمريكا ذاتها، وحيث وافقهم الرئيس الضعيف الذليل "أوباما" على ذلك طمعا بأصواتهم في الإنتخابات التي ستجري بعد بضعة شهور! وحيث انه لم يحقق لبلاده أيّ شيء مما كان ينادي ووعد به، بل، وتسبب في سقوط منزلتها الدولية إلى أن تكون وراء روسيا بعد ان كانت تفرض على روسيا ما كانت تريده!
نتائج ولاء الأسد لإسرائيل:
هل يستطيع – أو يريد - بشار الأسد وعصابته القيام بإصلاحات حقيقية تُتيح معالجة الأزمات الفظيعة التي خلقها مع نظامه الخائن ضد الشعب؟
لا بالتأكيد! لماذا؟ لأن بشار الأسد ليس رئيسا حقيقيا لسوريا وإنما هو يرأس نظام عميل لإسرائيل بالتأكيد المُؤكد 100%، أي أنه مجرد عميل وخادم مُطيع لإسرائيل! وإن من مصلحة إسرائيل الإستراتيجية – خاصة بعد نجاح ثورة مصر، واستلام الأخوان المسلمين للسلطة فيها، وهم من أعدى أعداء إسرائيل في المنطقة – أن لا يجري أي إصلاح في سورية يُمكن أن يُعيد السلطة للشعب، ومن ينتخبه الشعب كما حصل في مصر – والذين سيكونون بالضرورة من أعداء إسرائيل، وضد احتلالها للجولان فضلا عن فلسطين – كائن ما كان انتماؤهم السياسي- ! وإنما يجب وجوبا مصيريا لإسرائيل بقاء سوريا ضمن منطقة سلطتها وتسلطها ونفوذها القائم حتى الآن!
ولما كان بشار الأسد مُجرّد عميل وعبد لإسرائيل، فلا يستطيع مخالفة تعليماتها وأوامرها، لإجراء أي إصلاح حقيقي، رغم أن الإصلاح الحقيقي الذي يُؤمن معالجة جميع الأزمات التي يُعانيها الشعب السوري، فضلا عن تحرير الجولان، هو ليس بالشيئ غير الممكن، بل هو ضمن الممكن جدا والمُتاح لأي سلطة مخلصة وشريفة! والتحرير خاصة هو مؤيد بعشرات قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة، ولا تجرؤ دولة في العالم على إنكاره ومعارضته!
أيضا، من الممكن جدا، أن تختار إسرائيل – في القريب العاجل أو المتأخر- شخصا آخر من عملائها قادر على تسلم السلطة في سوريا، وذلك بسبب احتراق عميلها بشار الأسد سوريا وعربيا ودوليا كلية 100%، وذلك بغرض إيقاف الثورة السورية قبل تسجيلها انتصارها النهائي! وفي هذه الحالة ستوحي لأحد عملائها – وهم لا بدَّ كُثر في سورية ولبنان خاصة وبرعاية النظام الأسدي، بل وفي كثير من الدول العربية - بقتل بشارالأسد، والزعم بأن الثورة والجيش الحر هم من اغتاله، ومن ثم قيام العميل السري المحتمل باستلام السلطة مكان الأسد!
وهذا ما يعرفه تمام المعرفة بشار الأسد شخصيا وجميع عصابته! ولكن يبقى تنفيذ العملية منوطا بظروف وإطر التوازنات الإقليمية - العربية والتركية والإيرانية والدولية - القائمة حاليا! وحين تجد إسرائيل أن الحل المذكور هو الأنسب لها ولمصالحها، وأن التناقضات المحتملة الناتجة عنه هو ضمن مصالحها وظروفها وعلاقاتها الدولية، فستقدم عليه فورا، فتقوم بقتل بشار الأسد، ومن ثم قيام جهة عسكرية – مثل حافظ الأسد – بإعلان حركة تصحيحية جديدة، واستلام الحكم بما يضمن بقاء إسرائيل في الجولان، مع القيام ببعض الإصلاحات المخادعة للشعب السوري! وأنا شخصيا انتظر يوميا في نشرة الأخبار اليومية خبرا كهذا، فمصالح إسرائيل تجعله قريب الحدوث جدا!
وهذا طبعا، إذا لم تسبق الثورة السورية وجيشها الحرّ إسرائيل، فتقوم به قبل قيام إسرائيل به، وهو هدف الثورة والجيش الحر الإستراتيجي الأساس!
ما هو واجب الشعب العربي السوري بعد مراجعة الحقائق المذكورة، وذلك لضمان استرجاع حريته من الإحتلال الإسرائيلي القائم حاليا بقيادة الخائن بشار الأسد وعصابته، والإنطلاق بالتالي إلى:
مباشرة مسيرة التنمية الوطنية واسعة النطاق التي تتيح معالجة الأزمات التي خلقها خلقا بشار الأسد وعصابته امتثالا لتعليمات سيدته إسرائيل، وأهمها القيام بمشاريع تنموية واسعة النطاق في القطاع العام، وتوفير الإطمئنان والثقة للرساميل الوطنية في سورية وفي المهجر على العودة والقيام بحصتها من المشاريع المذكورة، وذلك لعودة سورية لوضعها الإنمائي التقليدي طيلة آلاف السنين الماضية ومعالجة أزمة البطالة الخانقة خاصة وغيرها، مما تسبب به الإحتلال الإسرائيلي الأسدي لسورية طيلة العهد الحالي!
تحرير الجولان، والتنسيق مع القيادة المصرية الجديدة، وقوى الثورة الفلسطينية المختلفة، للعمل على الهدف الإستراتيجي العربي المعاكس لخط آل الأسد، ألا وهو تحرير فلسطين، ولو على مراحل متتالية، إن لم ينجح الحل في ضربة واحدة! ولقد احتلت إسرائيل الجولان طيلة 45 سنة، فمن حق سوريا احتلال أجزاء من إسرائيل لمدّة مُساوية!
إن من واجب، بل، من حق الشعب السوري الأساس الإستمرار في ثورته لإسقاط النظام الأسدي الخائن، بل العمل على مُضاعفتها وجعلها شاملة في جميع المحافظات والمدن السورية في وقت واحد، منعا لقوات الأسد من استفراد بعضها! وهذا ما يُتيح سرعة سقوط الأسد ونظامه من جهة، وقبل أن تقوم إسرائيل بذلك ولحسابها من جهة ثانية!
كما وأن من وسائل نجاح ثورة الشعب السوري هو قيام الجيش الحر، وبعض الشباب المؤمن المناضل الحر بعمليات إغتيال واسعة النطاق لرموز النظام، وذلك بهدف إضعاف معنوباته وصولا لدرجة تفضيل رموزه الهرب من البلاد لمصلحة المحافظة على أرواحهم، وإلى حيث أودعوا آلاف ملايين الدولارات في البنوك الأجنبية مما نهبوه بعقود الفساد من خزينة الدولة طيلة عهود الظلام والفساد الأسدية!
لماذا الإصرار الجنوني التقتيلي للنظام الأسدي على استمرار تسلطه على سورية؟
المهندس سعد الله جبري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية