استهداف وتفجير مبنى الإخبارية السورية فجر اليوم، ليس خبراً ساراً بالنسبة لي، رغم أننا نعلم كم غطى هذا الإعلام جرائم تفجير البيوت واستهداف العائلات بالقصف المدفعي والصاروخي...
لكن خارج هذا البعد الإنساني فإنني لا أنظر إلى استهداف مبنى الإخبارية إلا كما أنظر لاستهداف فرع أمن... الإعلاميون فيه، لا يعينون إلا بموافقة أمنية، ولا يهتمون إلا بالرضا الأمني، ولا يخافون إلا من الغضب الأمني... والإعلاميون فيها يقبلون على شرفهم المهني والإنساني، أن يصوروا اعترافات معتقل، أجبر على الوقوف لأيام، وحرم من النوم لأيام، وعذب وهدد في عرضه وأبنائه، كي يظهر على شاشتهم ويعترف أنه إرهابي... والإعلاميون في هذه (الاستخباراتية) هم شركاء في قتل الشعب السوري، كانوا يخرجون في سيارات الأمن، ويديرون عدسات كاميراتهم للتظاهرات التي تقمع والرصاص الذي يطلق، ثم يصورون شوارع خالية تقول أن الحياة طبيعية... وهم في النهاية ليسوا أغلى على النظام من خيرة جنوده الذي ضحى بهم من أجل أن يبقى... لكنهم يتحملون مسؤولية أكبر، لأنهم أكثر قدرة على رؤية الحقيقة ومع ذلك تواطئوا لإخفائها وقلبها.
ولعل حديث ما يسمى (وزير الإعلام) السيد عمران الزعبي الزعبي من أن " هناك وسائل إعلام عربية لم تبث خبرا حتى هذه اللحظة عن وقوع هذه المجزرة رغم أننا أعلنا في التلفزيون السوري وفي القنوات السورية منذ فجر اليوم وأن أحدا لم يكلف نفسه من تلك القنوات عناء حتى أن يبث خبرا أو أن يتحدث عن استشهاد إعلاميين وصحفيين وفنيين" على حد قوله، يؤكد هذه الوقاحة في المتاجرة بدمائهم، فهم بالنسبة له خبراً مثيراً يجب أن تنقله كل المحطات، ويجب أن يدعم موقف النظام... مع أن هذا المنافق لم يحتج على عدم بث التلفزيون السوري لصور مجزرة الحولة والقبير إلا بعد أن بثتها المحطات "المغرضة" وأدانها العالم.
الآن ثمة الكثير من العاملين في أروقة مؤسسات إعلام النظام سيشعرون بالخوف على حياتهم، وثمة آخرين سيتباكون وينهارون ويتحدثون عن الإرهابيين والوهابيين وكلاب حمد، وعن ذكرياتهم مع زملائهم الإعلاميين، مع أنهم كانوا يريدون الضرب بيد من حديد لإسكات هذا الشعب الثائر، ويقولون (أن السيف أصدق إنباء من الكتب) لكن أحداً من هؤلاء لن يقف وقفة صدق مع ضميره ليتحدث عن نظام قاتل ومجرم يقصف المدن ويحرق البيوت، ولا عن معتقلين يذوقون أبشع أنواع التعذيب في سجون نظام همجي لا يحترم إنسانية أحد، ولعل هؤلاء الإعلاميين لم يدينوا يوماً شعار (الأسد أو نحرق البلد) الذي كان يكتب على دبابات الجيش وعلى جدران المدن المدمرة، ولم ينتقدوا نهب الشبيحة لممتلكات الناس، ولم يكونوا مستعدين لتفهم - بالحق لا بالبلطجة- أن سورية ليست ملكاً لبيت الأسد، ولا توجد رئاسة إلى الأبد في أي عرف سياسي اليوم... أغلب الظن سيمارسون نفاقهم ويندبون على جثث زملائهم، لا حزنا عليهم، بل كي يؤنسوا خوفهم، ويبرروا عماهم وموت ضميرهم وهم يعينون النظام على قتل شعبهم.
محمد منصور - صفحته على الفيس بوك
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية