أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

2007 .... وداعــــاً .. الياس جرجوس

ليس سهلا على مفردات العمر ، أن تحتفظ لنفسها بكامل مهابتها ، إن هي عرفت حرفها وحبر تواصلها ، بالصدأ الأعرج أو الأسود ، أو المزدخر على طريقة ذوي العقد المتأصلة ، والكبيرة ......

آخر الأحزان ودرج الياسمين كمثل عتبة ريح , أو جفن غيمة أو شهقة برق ، غص بها حلق العاصفة .... وهل يمكن لريح ان تهدأ وتسافر عبر جغرافيا هبوبها من غير عتبة ، تجعلها حد بداية ورجوع ؟!

أقف عاجزا ... خامل القوى ... أتأمل أردية الصباح الأخير من هذه السنة المشؤمة ... جلست في غرفتي ... اشرب فنجان القهوة - على غير العادة - وانفث دخان سيجارتي بكسل ... بينما كانت عصافير الحرية تزقزق في قفص السماء الذي اسميه الدنيا .... فوحده الحلم ... هو الذي يمكن ان تحلق فيه بحرية ... دون قيود او شروط ....

فجأة و إذ بصوت ما يناديني .... ليس غريب .... ينادي من جديد ... إنه قلمي الجديد... قلم الرصاص .....

قال القلم : لماذا تخليت عن ألوانك لتكتب بي , لماذا اخترتني انا بعد طول الغياب .

أجبته ... والحيرة تتوسط حروفي وقدتلعثم الكلام في فمي ... وكأن ماردا ربط لساني .... لا أعلم .

قال القلم : اين برتقال ايامك .... أين ذاك المزيج الخاص من الحب و الغيرة المحببة ؟

كان الجوابي بدون تردد ..... حين نخون آخر الأحزان أو أولها .... أصغرها أو أكبرها ، نعلن خسارتنا لحاجات انفسنا النفيسة ، الباهظة .... حين نقتل وردة الصمت و الحب كرما لغابة فرح صيفي أو شتوي ، لن ترجع إلى عافية اخضرارها غابات أمانينا ...... التي وددنا أن نسقيها سقيا مواظبا .

قال القلم : واليوم عن ماذا تبحث ... أتبحث عن فرح بديل ... من سيكتبك على صفحات الانتظار... و يخرجك من حنين اللحظات من يصافح بحنانه حسرتك المجبولة بطين المحبة .

أحفر نفسك .... هناك ... فوق صخور الطريق , ترقب خطى ضحكات الذين قرروا السير فوق درب السفر, أرشف جرعة أمل تحلم بهم عائدين .... غرد حلما منثورا فوق طريق سفرهم .... تساقط أفراحا يكويها الرحيل, ماذا تبقى منك ...قل لي بربك ... ماذا؟

وأنت الذي زرع الحروف فوق يديهم ,ماذا تبقى منك ... وفصل الرياح يقتلع جذورك , ماذا تبقى منك ... ؟ في زمن احترف فن الوداع, ووجه اناس لا يأتون إلا ليرحلوا ولا يلقون السلام إلا ليودعوك .... ماذا تبقى منك انت الذي ترك الحب يلتصق بشرفات أضلعك .

انت المصلوب تحت شمس الفرح المقيد بكل هؤلاء, أعد لنفسك شيئا منك ... تلاقي به الآخرين , فلغتك هرولت نحو الأفق , حيث رحيلهم وقلبك ... آه على هذا القلب الذي اتسع لحزن الكثيرين .... لا يريد أن يبكي عليهم حتى يمضوا سعداء فوق دروب السفرهم .... ؟

قلت له ... يا قلمي أنـا فـي قمـة حـالات يأسـي ... فـاغـرف مــن حيـاتـي مــا تـشـاء واتـــرك لـــي ساعة تأمل أكتب فيها ما أشاء أمـوت فيـهـا غـارقـا بشـوقـي ... حبي .... ألمي ... إلتزامي ... قضيتي ...حزني .... كي ابعث من جديد كـالأطـفــال أنـقـيــاء.


قال القلم : كتبت كثيرا, لكنك لم تلبث أن تتوقف .... وتراءت لك ابتسامة ساخرة , فألقيت بالورقة إلى النار لتأكلها كما يأكل اليأس بقايا الأماني ... في نفسي الكثير لكنني لا أجرؤ عن التحدث عنه , ولا أستطيع أن أستقر في اصابعك ساعة واحدة.
السير في الأيام و الفصول أقضيها في انتظار شيء لن يأتي, أو في انتظار لاشيء.... لقد بعدت الغاية فلم أعد آمل بك.

إنها ليست هنا ليست في كل ما أعيشه معك ليس في كل ما أخطه معك ,عرفت كل شيء, ولم أتمتع بشيء , وفهمت لماذا أن (( كل ما نسيطر عليه يصبح تافهاً )) إنني بين يديك اسير مع الظروف , تسيرني أنت كيفما تشاء ولا أر مبررا للتخلف عن سماعك, أو الاستجابة لك أحيانا أخرى إلا الشفقة, إنني أعاني ففي كل مرة أحاول أن أكتب فيها أجد نفسي خاليةً يابسا كالطاولة التي تحت يديك .... كفاك فقد تعبت من إملأتك ... تعبت منك ...أعيش أقسى حياة وأغربها... ويجب أن أحرر نفسي تحريراً كاملاً لأستطيع أن أمشي إلى الأمام دون أي التفاة إلى الوراء دون اي نظرة لأعرف ما حل بك من بعدي , أعرف أنها طريق شاقة لكنني يجب أن اقتحمها على الأقل لكنني مازلت معذبا وأعيش في الرتابة منذ أسابيع, أشعر بالكآبة وأنا متسمرة في الحياة المفروضة , أريد أن يبقى إحساسي بالزمان معدوماً , وليس أحبّ من التعب إليّ الآن لأنام , ما أقسى الصمت وأغناه ! أنا هنا على حافة الحياة , أتلمس ظلام الموت فلا يردني إلا ذلك الشوق الجارف للاحتراق ...أو لقتلك وانت الواقف هناك تثقل رأسك بالسجائر ... تكتب عن الحب ... عن الأمة ... عن التاريخ ... عن الحرية ... كفاك قد أخجلتني ... قد أمتني بسذاجتك ... اليوم ستتوقف أتعرف لماذا ....

أجبته بكلمة واحد .... كلا

قال القلم : لأنني سأقتلك ...سأشفي غليلي حتى أشعر بما يشبه الدوار , فانهض إلى حيث لا أدري , لا تحملني مشقة التعبير الآن فأنا مصمم على قتلك .... لأن شعورك بالجمال ميت .

قلت له : عن ماذا تبحث فيا إذا ؟!

قال القلم : أحلامنا المعاصرة زيادة عن الحاجة استغنت عن مجمل حياتها الأكيدة ، واستبدلت المتين في حياتها بالهش ، فغدونا من غير أحلام ذات فاعلية وبقاء ... وكم صعب علينا إننا من غير قامات أحلامنا و بالتالي سنبدأ مرة بعد مرة التخلي عن قاماتنا و وجودنا وسعادتنا لان الحزن مدانا الذي يتسع لكل هذه الأسماء النبيلة جدا : القامة .... الوجد .... السعادة .... الحب .... الوفاء ....... وغيرها وغيرها .... لذلك قررت ان اقتلك .

قلت له : لكنك لم تجبني .... !؟

قال القلم : يا ساكن العقل المدَّمر... ألا ترى ؟.. ألا تسمع؟ أم عميتَ... وأذنك صمَّاءُ ..... أموت أنا... والكلُّ حولي راقصٌ والكل أغراه البقاءُ ... أتذكر حينا تكلمت عن الفرح " قلتها مرة الحزن و الفرح الإثنان ملتصقان لا محالة فالأخير مثل رمال الصحراء تأتي الريح فتكنسه بعيدا وتبدده هباء ... و الأول يبقا كالجبال شامخا أبدا "

الناس تؤثث فقط تلك البيوت التي يسكنوها أو يعتقدون أنهم يفعلون ذلك ... وأنت ماذا اسست ؟؟

الم تعرف عن ماذا ابحث بعد ... يا صانع المطر ... تعلم صديقي وعلم أنه يجب ان تحب السماء كي تمطر ...

قلت له : وانا ما كرهت احدا قط .... فإلى ماذا تشير ؟!

قال القلم : جئت أبحث عن زمن لم يغادرك بعد, وعن وجه مازال يحمل أثر نظرتك.

اليوم عرفت لماذا تحب ان تكتب بي .... لأنك وفي كل مرة تكتب فيها بالرصاص ... تستطيع ان تمسح ما قد كتبت ... لكن اليوم سأخبرك ... اني صنعت من نواتي رصاصة .... هل تعلم لماذا .... من الغباء ان لا تعلم .... لأني سأقتلك بها .

- وجه رصاصه إلى قلبي ... وشارف ان يضغط على الزناد ...

قلت للقلم : توقف فهناك من في الداخل لا اريد ان يصاب احد بأذى

قال القلم : اعرف هذا ...فقد سمعتها تقول لك ..." انت القلب الذي يتسع لك حزن هؤلاء ولم يتسع قلب احد لحزنك ... انت الإنسان ... انت القضية التي تستحق المتابعة . " لذلك سأقتلك في قلبك في انسانيتك ... في قضاياك .

- ضغط على الزناد ... رأيته يزيح طلقته قليلا من قلبي ... دخلت رصاصته بدفئ لم أعهد في رصاصة من قبل ... شعرت ان الدنيا جامدة والأصوات العصافير تعلوا و السماء قد أمطرت ...

- ها انا قد قتلتك ... بعد ان تعبت من تضحيتك ... وانت تسقيني تارة دموعك وتارة عرق يديك وكثير من الايام دماء روحك ... سادفن نفسي معك اليوم .... تحت التراب ... لنزهر من جديد .... ونكتب من جديد ... وتذكر ان الحب و الموت متشابهان ....

فماذا يا مطري سوف تقول ....

قلمي .... في يديك اليوم استودع روحي .

- اليوم قتلته بيدي ... كفنته ... وذهبت معه إلى الترب ... وأنا اعلم انه سيكسر قيوده من وينفس الرماد ليحلق من جديد كطير الفينيق ... ليس في الحلم و حسب ... بل في قفص هذه الدنيا كما يحب ان يقول .


وسأتذكرك وأنت تقول جملة الشيخ الأكبر " ما من قوة في العالم تجبرني على حب ما لا احب او كره ما لا أكره ما دام هناك تبغ و ثقاب و شوارع "


(127)    هل أعجبتك المقالة (119)

رودينه رحال

2008-01-04

اليوم ... وعلى غير عادتي ... سأخرج القلم من وراء الستار لأكتب لك ... كيف لا وانا قابعة في غرفة احد المنازل الدافئة ... دفء قلبك ... تبعتك كثيرا ... وأخذت من جوارحي و أعماقي الشيء الكثير... لذلك اليوم سأكتب لك ... من وحي ما تركه ذال القلم في نفسي .. روحي ... قلبي ... خارج المدارات ترتاح النفس آمنة مطمئنة, علَ السفر في فضاءات اللانهاية , هو الأمل المرتقب , حيث في تقاطع الدروب , تأتلف محارات الأعماق النازفة في غضاضة الرؤية المتهالكة بين السراب . أجمع وجوه الأحياء و الأموات, أرسمها بريشة مغمسة بألوان قوس قزح , أوطرها بإطارات الطيبة و النقاء , وشروق الأيام النضرة المعافاة , فأجد طمأنينة النفوس مرتاحة في أعطاف الوجود . أدور حول مساحات الكرة الأرضية , فأرى صور الخالق , تضرب مداها في الأرض وفي رحاب السماوات السبع , تؤشر للخلق بصحوة المبادئ و الشرائع ويقظة القيم وانسدال الغيوم تحت سقف المجرات متهادية تراقب التائهين المتكالبين على مراح الحياة يعيثون في دروبها فسادا وهم لا يدروا ماذا يفعلون . مالي أراك حزينا, تنسج من آهاتك عباءة الأيام القادمة لن تروي ذكرياتك المؤلمة وقتا يموت عطشا للحياة , ويتقهقر أمام حسرة الروح لا تهدر دموعك لسفر روح غالية قررت السقوط في مستنقع الخداع , وهؤلاء الذين يغتالون أفراحي بأشواكهم.... ليسو إلا سفينة يحملها سفر الأيام إلى الموت. لماذا تهرب من أعماقك .... منِ منْ ذبحوا الجمال في ذاتك, و أنت الذي ما أرادت للهروب أن يفتش أنفاسك. قف قليلا ....... هناك من ينتظرك عائدا بملء نجاحاتك و أفراحك , و أشواقك لنبحر معا , فوق شواطئ الحلم ونغني لأحلام سافرت عبر متاهات كثيرة.... أخذت منا الشيء الكثير ولوحت لنا من بعيد لتعلن السفر عبر دروب رسمتها القلوب الحبيبة و تلذذت بالانكسارات روحي فداء حلم يسرق لحظة لقاء معك فوق درب السفرك. مضيء هو الصباح , نقي وجه الياسمين , وسلطة العفو رائعة, قف قليلا قدمها من الأعماق , بسمة تعبق بالحياة متسامحة مع القلوب التي أزهرت ألما في العيون , فحملت برمادها المنطفئ وهسيس أحرفها أنشودة الشعور بالحياة , قدم لسيوفهم الورد , عندها تستحق الحياة وجودك , عندها تكون الياس الإنسان ... القضية التي لم يغيبه درب السفر ..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي