أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تعليق عمل المراقبين دعوة جديدة للقتل

أعتقد جازماً، أن تعليق عمل المراقبين في دمشق، ما هو إلا مهلة جديدة لنظام بشار الأسد حتى يمعن في السوريين تقتيلاً وتذبيحاً. وأكثر ما يدل على ذلك، أن السيد روبرت مود أعلن عن تعليق مهام بعثته، في الوقت الذي يجتمع فيه الموالون من شبيحة وأمن وفرقة رابعة، في محيط حمص، ينوون الهجوم عليها وإعمال السكين في أعناق أطفالها في القريب العاجل، إعادة "للمجد" الذي حققوه في بابا عمرو وذلك عندما ظن بشار أنه انتصر على شعبه في عاصمة الثورة. ناهيك عن الهجوم الحيواني البربري على ريف دمشق عامة وعلى دوما والغوطتين خاصة. إذ ترتكب هناك فظائع بحق السوريين، ومجازر لم يرتكبها شارون وأسلافه في فلسطين.
لماذا يقوم روبرت مود الآن بتعليق عمل فرقتة، لماذا لم يفعل ذلك عندما تم الاعتداء على المراقبين في الحفة، وإدلب وفي درعا أيضاً؟. هذا ما يوضح أن الرجل فعل فعلته، لكي لا يكون مضطراً لتسجيل شهادته على إجرام الأسد. فما يحدث من مذابح هذه الأيام في سورية، وما سيحدث في الأيام المقبلة لن يشهد عليه روبرت مود، على مبدأ الآية الكريمة " ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون". ويدلل على ذلك تصريحات مود وتصرفاته، ويكفي أن نذكّر القارئ الكريم، أن الرجل لا يرعوي أن يحمل النظام والمعارضة مسؤولية العنف في سورية. فهو والحالة هذه، يجعل دفاع الجيش الحر عن سلمية الثورة عنفاً. ويساوي بين البندقية المدافعة والطائرات العمودية والدبابات الروسية المهاجمة. أما عن تصرفاته، فللقارئ أن يقرأ ما كتبه الناشطون في الداخل وما قالوه، عن اتصالاتهم المتكررة بالمراقبين كي يحضروا إلى المدن المنكوبة، وردود هؤلاء بالرفض، بل والطلب من النشطاء عدم التظاهر والعودة إلى البيوت. وقد ذكر الناشط صالح الحموي، أن المراقبين قالوا لهم: ادخلوا البيوت كي لا يقتلكم جيش النظام. ليس فحسب،فقد بلغت المسألة حداً مريباً، إذ قال المراقبون لنشطاء حمص لن يتوقف القصف على أحيائكم حتى تسلموا المنضمين إلى الجيش الحر مع أسلحتهم، وليس أدل من ذلك على أن المراقبين يتبنون وجهة نظر بشار الأسد. حتى ناصر القدوة الذي منعه بشار من القدوم إلى سورية أعلن أن إيقاف مهمة المراقبين جاء من باب الخوف على حياتهم. أ فلم يكن إذاً على ناصر القدوة أن يعلن عن تعليق عملهم عندما تعرضت بعض سياراتهم للاعتداء من قبل شبيحة الأسد كما حدث في الحفة. وباختصار، فيبدو لي أن المراقبين، أو بالأحرى من كان وراء تعيينهم يعمل لمصلحة بشار الأسد، ويطمع أن يقضي الجيش الأسدي على الثورة والثوار قبل اجتماع مجلس الأمن حول سورية في الشهر القادم. ولو حدث ذلك، وهو لن يحدث، فستعود العلاقات الأسدية الأوروبية إلى سابق عهدها ولاضير عند الغرب أن يفرش السجاد الأحمر لبشار الأسد، وتطلق إحدى وعشرين قذيفة احتفالاً بقدومه.
أمس وأمام مجلس الأمن لم يساو مود بين الضحية والجلاد فحسب، بل كاد أن يحمل المعارضة والثورة مسؤولية تعليق مهمته، إذ قال: اتخذت القرار استنادا الى المخاطر على الأرض واستنادا إلى أن هذه المخاطر تجعل من الصعب تنفيذ المهام الموكلة للفريق، وقال إن بعثة المراقبة لن تستأنف عملياتها إلا اذا حدث تراجع ملموس لمستوى العنف، وعبر كل من الحكومة والمعارضة عن التزامهما بسلامة المراقبين وضمان حرية حركتهم. وأضاف: "عبّرَتْ الحكومة عن هذا بوضوح شديد خلال الأيام القليلة الماضية لكني لم أر بياناً مماثلاً بهذا الوضوح من المعارضة بعد.
يرى الأعمى بلا شك في هذا التصريح، أن الرجل يدعم الأسد، وهذا يفسر أيضاً حضوره "الصاروخي" إلى موقع تفجيرات القزاز وتمنعه أياماً قبل زيارة حمص وحماة ودرعا وغيرها. وعلينا بالفعل ألا نبالغ في لوم الرجل، بل في لوم من وضعه ومن يسيره من نظام عالمي بغيض غادر.
الولايات المتحدة في تعقيبها على تعليق عمل البعثة، قالت نحن أمام لحظة حرجة. لا أدري بأي لغة أستطيع ان أصف السياسة الأمريكية عديمة الأخلاق أوالحس الإنساني، فماذا تعني عبارة نحن أمام لحظة حرجة، هل يعني أن وجه أمريكا بدا محمراً بعد كل هذا القتل في سورية، أو أن الخارجية الأمريكية خجلة وتشعر بالحرج. أم أنها لا تعني شيئاً وهو تصريح بلا تصريح، لا ذوق فيه ولا معنى.
الخارجية الفرنسية أبدت خشيتها من حدوث عملية اقتحام لحمص، أو حدوث عملية كبيرة هناك. ونحن نسأل خارجية فرنسا ما الذي يحدث في حمص الآن، هل هي ألعاب نارية مثلاً، أ ليس هذا اقتحام وتقتيل للأطفال والنساء، وتمثيل بالجثث وإهانة للأحياء والشهداء.
من الواضح أن العالم غير مستعد أبداً للتدخل في سورية عسكرياً، على الأقل في هذه المرحلة بانتظار القضاء على الشعب السوري وإنهاك سورية وتدميرها، بما يخدم الكيان الصهيوني، ومن الواضح أيضاً أن مود موظف عند القوى الكبرى التي تريد لهذه المذابح أن تستمر. وبالتالي فليس من حل إلا أن يستمر أحرار سورية بالتظاهر والتصعيد، حتى يسقط النظام. وما ذلك الأمر ببعيد، إذ يخسر الأسد السيطرة كل يوم على مواقع جديدة لمصلحة الجيش الحر. يجب أن يتيقظ الشعب السوري لمؤامرة كبرى تستهدف بلاده، أقل خطرها تقسيم سورية إلى دولتين إحداها علوية، تكون يد إيران وإسرائيل في الوقت نفسه لضرب أي مقاومة للكيان الصهيوني. إن التصعيد المنشود سيؤدي إلى سقوط الأسد قريباً وسيؤدي إلى عرقلة المشروع الصهيوني والإيراني في بلاد الشام. وما النصر إلا صبر ساعة.

* دكتوراه في الإعلام. فرنسا 

د عوض السليمان* - زمان الوصل
(109)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي