أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كتاب قيم للقائد حافظ... محمد حسن السوري

الباب يقرع بدون موعد ، نظرت زوجتي من ثقب الباب ،كان هناك عنصران غريبان ،أحدهما يحمل محفظة (سمسونايت) والآخر محفظة صغيرة كالجزدان.
أسرعت إلي شاحبة وتنذر بالشؤم كالبوم : أسرع إليهم يبدو أنهم من المخابرات.
: يا الله ! ما هذا الصباح؟.
لقد تعودنا على أن من يأتي بدون موعد ويحمل المحفظة ، فهو إنما جاء ليملأ محفظته، ، متطفلون غرباء كالسرطان، يرهبونك تحت مسميات متعددة: أمن، تموين، بلدية صحة زبالة ...
هم رجال دولة الممانعة ،نعرفهم من منظرهم الكريه،أو لهجتهم المليئة بالشتائم والكفر، فهم ينتشرون في الأحياء كضباط احتلال ولكن والله لا يفيدون الوطن بقشة ، بل بالعكس يعيقون الأعمال، ويعرقلون السير ويزعجون من هب ودب، يجمعون الرشاوى، يملؤون محفظتهم ويعودون ،الخلاصة( خير ما فيهم ودخانهم يعمي العيون) ..
قمت وفتحت لهم : أهلا ، خير إن شاء الله؟.
العنصر الأول : طبعا خير، عندنا كتاب قيم من خطابات سيادة الرئيس حافظ الأسد ، وشراؤه ضروري للمثقفين أمثالك .
العنصر الثاني :خاصة إذا كانوا في الخليج ،فهو مهم لرفع اسم الوطن هناك.
ارتبكت، وفكرت في جواب لا يورطني..
سبق كلامي أحدهم: نحن لجنة لنشر الوعي الوطني، ومعنا تصريح من المسؤولين لتوزيع هذا الكتاب القيم .
ورأينا سيارتك الخليجية فدلونا عليك، وناولني كتابا قميئا وهو يقول : ثمنه فقط 1500ل س يذهب ريعه لطباعة خطب وصور القائد ، وإذا دفعت أكثر فمن خاطرك.
(همست في نفسي: أين مكائد الشيطان من تفنن هؤلاء في اللصوصية ، ألا يدرون أني أغيب سنوات،بعمل مضن، وأجر محدود، هاربا من ظلم حكومتي إلى ظلم الجشعين في الغربة، لأشتري سيارة متهالكة من مخلفاتهم ، أحضر للوطن لأعوض عما عانيت، فأواجه بمثل هذه الوجوه الكالحة، والذئاب المتربصة تريد تحويل تعب الناس إلى صور حافظ الكريهة وإلى جيوب المتطفلين اللصوص)
أصررت على موقف، وأجبتهم : لا يوجد عندي مبلغ فائض فكل شي مخطط له، وليس هذا الكتاب القيم مدرجا بالخطة هذا العام، ثم أضفت: وعندي كتب للقائد مشابهة .
صرخت زوجتي تناديني من الداخل، فقد كانت تسترق السمع: محمد ، تعال.
تركتهم كالمستنكرين لوقاحة خائن الوطن، وأتيت لها ، قابلتني بزعيق تكتمه بصعوبة ولكن يعبر عن انفعالها، أفهمه ولا يصل لسمعهم : أعطهم ما يريدون ،أعطهم فقد يكيدوا لك بما لا تحمد عقباه،حاولت مجادلتها فردت متوسلة : أعطهم ،أعطهم واصرفهم ، اشتر سلامتك ،أتريد أن يبلغوا عنك ويستجوبوك ويهينوك، أيعجبك لو وضعوا اسمك على الحدود ومنعوك من السفر ، سينقطع رزقنا ونموت جوعا ، وبدت مرعوبة وكأن كارثة محدقة بنا.
كانت وجهة نظرها صائبة، لقد كنت مثلها مرعوبا وقلقا فالوضع لا يطمئن ، ولكن كنت أكابر وأتظاهر بالرجولة والعناد.
ناولتهم النقود، وشكرتهم على وطنيتهم، فانصرفوا لصيد آخر.
عندما ذهب الكابوس ، قلت لولدي متنهدا : ارم الكتاب في الحاوية . فصرخت زوجتي كأن أفعى لسعتها: وإذا شاهده عمال القمامة،أليسوا جميعا عملاء للمخابرات كما تعرف ، بالتحقيق سيعرفون مصدره ونذهب بمصيبة.


(129)    هل أعجبتك المقالة (127)

2012-06-16

تضرب شو إنك كديش.


محمد حسن السوري

2012-06-16

هذه حادثة حقيقية حدثت أواخر عهد .... مع الكثيرين وقد سقط من المقال السطرالأخير وهو: ولكن غدا في الرحلة لا يوجد حمام، فإذا فعلها الأولاد يمسحون بأوراقه، يكفينا لعدة رحلات إنه مفيد وقيم.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي