
ذكرياتي في الفن: صورة ميادة وأيقونة أصالة!... محمد منصور

لم أستغرب حين تابعت اللقاء التلفزيوني مع ميادة حناوي على التلفزيون الذي اشتهر ببرنامج النكات الجنسية البذيئة تلفزيون الجنرال عون... ولم أستغرب طريقتها المسفة في الحديث عن السيدة أصالة، وحتى تناول والدها المرحوم مصطفى نصري بالتجريح... مع أن بليغ حمدي لحن لمصطفى نصري قبل أن يكون هناك شيء اسمه ميادة حناوي على خارطة الفن... بل عادت بي الذاكرة إلى ما يقارب من العقدين من الزمن، حين كنت في مقتبل حياتي الصحفية، وزرت السيدة ميادة في بيتها في الجسر الأبيض بدمشق بهدف إجراء حوار معها.... يومها طلبت بشكل مفاجئ الاطلاع على الأسئلة، وعندما وصلت إلى سؤال: (لماذا قررتِ التعاون مع الملحن صلاح الشرنوبي بعدما اشتهر مع السيدة وردة في ألبوم بتونس بيك) امتعق وجهها وتغير لونها، ثم أخبرتني انها غير مستعدة للحوار الآن، وأنها ستحدد لي موعداً لاحقاً.
بعد أيام اتصلت بي صديقة مشتركة مقربة من ميادة كانت هي من أخذت لي موعدا معها وراحت تقرعني: (انت ما بتقدر ما تعمل مشاكل شو عامل مع الست ميادة اتصلت فيني وغسلتني تغسيل) سألتها: ماذا قالت لك... فأجابتني: (قالتي اشو خيو كني صلاح الشرنوبي اتطوب باسم وردة... باعتيلي رفيقك يهزلي بدني) وعندما استسخفت طريقة التفكير أخبرتني الصديق إياها أن وردة تحارب ميادة في القاهرة ولا تريد لها أن تغني كي لا "تطفيها" !
لم أجر الحوار معها بعد ذلك... وانقطعت ذكرها بالنسبة لي إلا مما كانت يتردد من شكواها الدائمة لزملاء إعلاميين أنهم لم يعودوا يعرضوا أغانيها في التلفزيون كما تستحق... ثم بعد سنوات حدثت المشكلة بين ميادة والسيدة أصالة بسبب لقاء تلفزيوني في الأم بي سي، واتصلت بالسيدة أصالة أستفسر منها فأخبرتني أنها اتصلت بالسيدة ميادة لتوضح لها موقفها وتعتذر إن كان هناك ما يتوجب الاعتذار، موضحة أن هناك شيئا حدث في مونتاج بروموشن اللقاء، فانهالت عليها بالشتائم والألفاظ النابية قبل أن تعطي السماعة لشقيقتها فاتن وتكمل المهمة عنها.
حين كانت تحدثني السيدة أصالة عن الشتائم، تذكرت حديث صديق لي كان من الموسيقيين البارزين، وهو عازف تشيلو... عمل مراراً مع ميادة حناوي وسواها... كان يحدثني دائماً عن الشتائم التي كانت تنهال بها على الفرقة الموسيقية والألفاظ النابية التي كانت توجهها لرئيس الفرقة أمين خياط... وشخصياً أخجل من كتابتها! 

حين أستعيد صورة السيدة أصالة بالمقابل... أتذكر حين استضفتها في مجلة التلفزيون أثناء انتفاضة الأقصى بعد دخول شارون الحرم القدسي وكانت قد قدمت أغنية (أولى القبلتين) حضرت أصالة بكل حماس، ولم تشترط أي شرط حول مدة اللقاء أو موقعه في البرنامج أو نوعية الأسئلة... وحين أعطيتها مقالا كنت قد كتبته عن أبيها الراحل مصطفى نصري... قابلتني بالشكر والامتنان.... وحين قابلها أثناء دخولها التلفزيون صديق ملحن كان يحدثني مراراً عن قلة وفائها... هرعت لتسلم عليه قائلة: (كيفك يا أبي).
لا أنكر أن ميادة حناوي مطربة كبيرة بمعايير الفن، لكن الفن الجيد لا يصنع إنساناً عظيماً بالضرورة... ولن أدعي أنني توقعت أن يكون موقف أصالة داعماً لثورة الكرامة منذ البداية... فالقاعدة الأساسية لدى الفنانين هي الحرص على المصلحة الشخصية والتواطؤ مع أصحاب القوة والجاه، والاستثناء هو المواقف الشجاعة... لكنني كنت سعيداً جداً بموقفها النبيل، الذي أعادني مراراً لصورة حضورها الإنساني الجميل في اللقاءات القليلة جدا التي جمعتني بها في مقتبل حياتي الصحفية. وشخصياً لا أجد فيما قالت ميادة من كلام مسيء عن ذكرى فنان رحل، تشعر ابنته بالجرح العميق لتناوله بطريقة وقحة... فالإناء بما فيه ينضح... أما وصف ميادة لفضل شاكر بأنه شوكة وسط باقة ورود مطربي لبنان... فهو وصف دقيق تماماً... لأن كلمة الحق اليوم لا بد أن تكون شوكة في حلوق الفنانين المتملقين والمناصرين للطغاة والمدافعين عن قتلة شعوبهم!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية