أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

آخر منجزات الحركة التصحيحية البعثية في سورية: اغتصاب الحرائر

المرأة هي نواة المجتمع و مركز عطائه، هي الأمّ المدرسة، و هي الزوجة التي تسكن إليها الروح، و هي الأخت الحنون، و الإبنة البارة، وهي الحبيبة و رفيقة الدرب و الكفاح. لم يبالغ نابليون بونابرت حين قال "وراء كلّ عظيم إمرأة"، ويشهد المؤرخون و علماء الاجتماع و المفكرون أنّ مكانة المرأة في مجتمع ما هي مقياس حضارة و معيار تقدم هذا المجتمع. و إنّ حدّ الفصل في إنصاف المرأة هو احترامها و تقديس أنوثتها و حماية شرفها، فالنساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلاّ كريم و ما أهانهن إلاّ لئيم.
و لعلّ أبرز إنجازات الحركة التصحيحية البعثية في سورية هو عمليات اغتصاب الحرائر الممنهجة . لقد أدرك الموالون للأسد، رغم انعدام الإدراك لديهم، أنّ أغلى ما يُحارب فيه الإنسان هو شرفه و عرضه، فتفننوا في اختطاف الحرائر و تعذيبهن و اغتصابهن بسادية و همجية تكاد لا توصف، فأثبتوا بذلك أنّهم من فصيلة لا تنتمي للبشر و لا حتى للبهائم و الحيوانات، و أشعلوا قلوبنا حقداً عليهم، و جعلونا من حيث لا نريد طلاب ثأر، و عبيد نزوة الانتقام. فكيف نرى و نسمع ما عانته الحرائر على يدّ العصابات المجرمة ثمّ ننسى و نسامح و نهادن؟ كيف تستطيع أن تنام جفوننا و ترتاح ضمائرنا و فينا فلذات أكبادنا تتقطر حزناً و كمداً و ألماً على ما رأينه من أهوال في سجون و معتقلات جنود الأسد و شبيحته؟
ذكر الكاتب هادي البحرة قصصاً روتها سيدة سورية زارت ملاجئ السوريين و أجرت مقابلات مع فتيات تعرضن لحوادث اغتصاب مروّعة، قصص يدمى لها القلب، تبدأ من اغتصاب الفتيات على مرأى أبائهن و أزواجهن و أولادهن، قبل اعتقالهن في بيوت تشرف عليها عاهرات العصابات الموالية للأسد، يعملن قوادات لجنوده، يقدمن الفتيات المخطوفات لهؤلاء الحثالة ليتمّ اغتصابهن و تعذيبهن بعد حقنهن بإبر في الركبة أو الفخذ، تشلّ حركة الجسم و تمنع المقاومة، ثمّ يتناوب على الضحية عشرات السفلة، يمارسن عليهن ساديتهم ووحشيتهم في غفلة عن الرقيب و في مباركة من أسيادهم، و في غطاء دولي صمت طويلاً حتى غاصت الركب في الوحل. إحدى الفتيات روت كيف تمّ كيّ عضوها التناسلي بالمكواة الحارة حتى غابت عن الوعي من شدّة الألم قبل بدء اغتصابها، و تمّ قذفها خارج المعتقل بعد 15 يوماً منهكة مريضة، وجدها أصحاب الضمائر فقاموا بتهريبها إلى الأردن ليتمّ علاجها من قروح و نزف و التهابات قد تسبب لها عاهة مستديمة، و روت أخرى كيف كانوا يستعملون القطط البرية و الجرذان في تعذيبهن، و كيف كانوا يدخلون الجرذان في أعضائهن التناسلية و يتعرضن للعضّ و التعذيب و التسممّ جراء هذه الوحشية المنقطعة النظير. و روت سيدة أخرى كيف كانوا يستعملون المنفاخ لنفخ أجسادهن لدرجة الانفجار، ثمّ يتناوبن على اغتصابهن، و قد حشرنا العشرات عاريات في غرف التعذيب، في البرد، و القرف، و القذارة، و لم تسلم حتى الفتيات ذات العشر أعوام من إجرامهم. إحداهن تعرفت على مكان اغتصابها في فرع فلسطين بفضل أحد الشرفاء الذي زوّدها أيضاً بأسماء بعض الجنود المغتصبين.
و نظراً لحساسية الموضوع، في مجتمع تسوده قيم الشرف و الحفاظ على العرض، فقد تفاوتت ردّات فعل الأهل حيال حوادث الاغتصاب، بعض الأباء و الأزواج و الأخوة سيّطر على بصائرهم القاصرة موضوع العار، فحاولوا قتل المغتصبات للتخلص من عارهن، و بعض الأزواج هجروا زوجاتهم و طلقوهم، إمّا خوفاً من العار أو قرفاً و اشمئزازا لما حلّ بزوجاتهم المظلومات، و بعض الأمهات كنّ من الحكمة بحيث هربن مع بناتهن المغتصبات و لجئن إلى الملاجئ في الأردن و لبنان و تركيا، و مازلن إلى اليوم يبكين بدل الدموع دماء على ما وصل بهن الحال، لا تسمع من شفاههن إلا الدعوات أن يا ربّ انتقم من الظالم و خذه أخذ عزيز مقتدر. بعض النساء مازلن تحت العلاج الجسدي و النفسي في مراكز رعاية خُصّصت لهن بإشراف سيّدات مؤهّلات يقمن بدور الأمّ الحاضنة و المرشدة الاجتماعية و الأخصائية النفسية، و رغم كلّ الجهود المبذولة، ما تزال الكارثة الإنسانية أكبر من أن تُستدرك و أفظع من أن تعالج في وقت يسير. و ما يزال عدد المغتصابات غير معروف على وجه الدقة، كما أنّه في تزايد باضطراد مع تزايد وتيرة القتل و الذبح و التنكيل و التعذيب الذي تمارسه طائفة بعينها ضد طائفة اتخذت طريق الثورة للقضاء على جذور الظلم في المجتمع السوري و لينل شرف الحرية من حكم الأنجاس. و أدت هذه الممارسات العفنة إلى مزيد من التباعد بين الطائفتين، و إلى مزيد من التأجيج لحرب أصبحت تقرع الأبواب منذرة بشلال من الدماء لن يبق و لن يرحم أحداً.
و ردّاً على بعض حالات الظلم التي تعرضت لها النساء المغتصبات من قبل ذويهم، يطلّ الشيخ عدنان العرور ليعلن أنّ من تعرّضت لانتهاك عرضها على يدّ شبيحة الأسد هي مجاهدة في سبيل الله، و ما اغتصابها سوى تاج شرف على رأسها، و إنّ موعدها الجنة، و حثّ الشباب على التسابق لخطبة هؤلاء الفتيات و نيل شرف الارتباط بهن، و حفظ كرامتهن و شرفهن. و شجّع الصامتات على الجراح على البوح و الإفصاح من أجل تثبيت و توثيق حالات الاغتصاب و محاكمة المجرمين الفاعلين، و فضح أساليبهم الدنيئة، الهمجية البربرية، حتى ينالوا العقاب الذي يستحقون. و ثمّة جمعيات متخصصة بتوثيق هذه الحالات و تقديم الدعم و الرعاية الصحية و النفسية اللازمة لهؤلاء المناضلات الشريفات، فالأولى أنْ لا نسكت على هذه الجرائم و أن نسعى لمحاسبة الفاعلين بكلّ ما أوتينا من قوة لتكون رادعاً لكلّ من تسوّل له نفسه مسّ الحرائر بسوء و هن سيّدات المجتمع الفاضلات و مربيات الجيل القادم في ظلّ سورية الحرة الكريمة.
من جهة أخرى، تتوالى الأسئلة المطروحة على طاولة الشرع؟ ما حكم الاجهاض لمن حملت من هؤلاء السفلة؟ يخبرنا الدكتور العريفي عن رسالة وصلته من إحدى حرائر الشام تقول فيها " إذا عجزتم عن حمايتنا من الاغتصاب، فأرسلوا لنا حبوب منع الحمل، لأنّ المجرمين يعيثون فينا فساداً" و قد طال صمت أئمة المسلمين و فقهائهم و علمائهم حيال هذا الموضوع، رغم أنّ الفتوى فيه لا تحتاج إلى طول تأمّل، مؤخراً فقط سمعنا أحد علماء المسلمين يفتي بجواز الإجهاض في حالة الحمل نتيجة الاغتصاب. أفلا يجدر بنا أن نسألهم " أيّ شرع ذاك الذي يمنع اجهاض الحمل نتيجة الاغتصاب؟ " أم أنّ بصائرهم عميت و عقولهم عجزت أن تستوعب مشاكل العصر و جرائم أبناء يأجوج و مأجوج؟ و وقفت فتواهم عند حدود جمع و قصر صلاة المسافر، و مبطلات الصيام و حدّ نصاب الزكاة؟ إنْ لم تكونوا أهلاً لفهم معطيات العصر و قياس أحكامها و البتّ فيها، فالأفضل أن تتركوا الفتوى لأهلها لأنّ الشرع الإسلامي شريعة حياة قبل أن يكون منهجاً لطقوس العبادة و أحكامها.
و السؤال الذي يؤرقنا هنا: هل يرضى أبناء الطائفة الموالية للأسد بهذه الجرائم؟ إن كان الجواب نعم، فقد وضعوا أنفسهم على قوائم نار الانتقام التي لن ترحمهم، و هم يعلمون حقّ العلم أنّ الثورة السورية ماضية رغم كلّ التضحيات و الآلام و أنّ النصر حليف المظلومين مهما طال الزمن، و ستدور الدوائر على رؤوسهم إن عاجلاً أم آجلاً، فمن ارتضى الذلّ لغيره، فقد أعطاه العذر أن يزجّه في طوفان الثأر القادم. ومن كان فيه ذرة من الشرف و الضمير و يستنكر ما يحدث، فعليه أن يعلنها صراحة، و ينأى بنفسه عن دعم و موالة الحثالة من المجرمين، و يحفظ لنفسه مكانة بين أبناء هذا الشعب السوري العظيم، و اعلموا أيّها الشرفاء، أنّ كلّ يوم يتأخر فيه انضمامكم إلى قافلة الثورة، يزيد عدد الضحايا، و تزيد الهوة التي تفصل بيننا و بينكم. و قدْ أعذر من أنذر.

د. سلوى الوفائي
(109)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي