أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عصفور في الجنة او ثائر في الدنيا... محمد محمود التميمي

كان يجلس في ركن الغرفة، شعاع من الشمس يداعب قرص خده الايمن ليتركه محمراً كرغيف الخبز الشامي الخارج لتوه من الفرن. كان صغير الحجم نحيل الجسد حتى ان اسم جده الذي يحمله يبدو فضفاضا عليه. يشاكس طفلة في مثل عمر برائته او تزيد قليلاً، تقبض في يدها على لعبة فقدت احدى ساقيها في القصف الاخير.
أخته الصغرى التي تعلمت لتوها المشي، تتسلق الحائط وتخطو بخطوات بطيئة تتسارع بعض الشيء لتنتهي بإلقاء جسدها الصغير عليه مطلقة العنان لضحكاتها رغم ما أصابها من ألم جراء هذا الارتطام.
بعض الكبار يتكلمون بكلام يصعب على عقله الطفولي الإحاطة به أو إدراكه، لكنه ميز بعض الكلمات التي ألفها منذ عام ونيف: سورية، حرية، جيش حر. ويخفي ابتسامته بكفه الصغيرة وهو يسمع أباه ومن معه من الرجال يتكلمون عن البطة والزرافة وباقي حيوانات الغابة بجدية لم يألفها حين كان يسمع منه القصص.
يحل الظلام، فتنار بعض شمعات في زوايا الغرفة، بنظر للوجوه يتأملها جيداً، فمنذ سنة وبضع شهور، وهو يخاف ان يستيقظ على أحدها وقد غاب أو غُيِّبت ملامحه. يراقب الوجوه جيداً يحفظ جميع الملامح والتجاعيد وشعاع الحرية الذي تلمع به العيون.
جفناه الصغيران ينزلان ببطئ ليغفو هذا الصغير على منظر أمه وهي تحتضن الصغيرة النائمة، يغفو على فخذ ابيه ويحلم بغدٍ أقل بشاعة وظلماً وفيه قليلٌ من حرية وبعض كرامة.
صوت ضجيج وصراخ وأسلحة وصياح، أيقظت الصغير فزعاً من نومه. أباه ليس بقربه! أخته الصغيرة لم تعد بحضن أمه التي لا تحرك ساكنا رغم هذه الضجة! جاءه شبيح بصورة انسان، قبض على رأس الصغير من ناصيته، نظر الصغير لعيني الشبيح ولم يخف، وخاف الشبيح الذي استل سكينه و...

رحم الله أطفال الحولة
لعن الله بشار وشبيحته
رزقنا الله شجاعة أهل الشام كي ننصرهم

(106)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي