أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الديمقراطيه كرائحة الشواء ... سامي الاجرب


في النظر المتمعن للديمقراطية الاردنيه
هي تماماً كرائحة الشواء , شواء اللحوم على أرصفة الطرقات , وكلاهما الشواء و الديمقراطيه وجهان لعملةٍ واحدةٍ , و أيضاً يؤديان للهذيان , ففي زمنٍ ما , على سقف السيل من عمان , هناك إناس تعيش على هامش الأيام و الزمان , و كان إنسان فقير معدم الحال , بائس من بؤساء الأحياء , أكل منهُ الفقر و شرب حتى الإرتواء , و الجسد بات كيان بلا كيان , هزيل تتلاعب بهِ الأهواء و الهواء , كورقةٍ في مهب الرياح , كان يسير يوماً في أزقة المحلات , من باعة الباله ملابس و أحذيه و خردوات و مطاعم الطبقات الشعبيه , وهناك في أحدى الأزقة بائع كرشات و فوارغ و رؤوس و مقادم لكن تمام التمام , وفي البعيد على الناصية كانون شواء , أخينا كان سائر في الأرجاء يتأبط تحت أباطهِ رغيف خبز صدقة من فران .
و إشتم رائحة دخان الشواء , من حيث لا يدري أخذتهُ الأقدام لحيث مصدر الدخان , أكان قد إشتم من رائحة الدخان أنها دعوة عامة لكل إنسان , وقف أخينا ينظر للحوم الشواء وهي على جمر النار , تتقلب ذات اليمين و ذات اليسار , تفوح منها رائحة الشواء الشهي اللذيذ , وفي النفس حسرةٍ و حرقةٍ و غصه على سيخ لحم من هذا الشواء , سال منهُ اللعاب كطفلاً يمتص حبة راس العبد , و العيون يا تلك العيون منه تحدج لأسياخ الشواء بغرامٍ و هيام , و فيما هو سارح في نعيم الأحلام يناظر اللحوم و الشواء , نسي نفسه , و إذ بهِ يأكل الرغيف على رائحة الشواء , و كأنه من غير أن يدري طبق نظرية , الريحه ولا العدم .
هنا :- تنبه لهُ صاحبة بسطة الشواء
فقال :- يا أنت لقد أكلت رغيفك على رائحة الشواء , فإدفع ثمن الشواء ,
رد البائس :- بعد أن إستفاق من خدر رائحة الشواء , لا بأس يا سيدي , وكان سريع البديهة و المبادرة ,
و أخرج :- أخرج من جيبهِ ( تعريفه ) قطعه نقديه معدنيه قديمه من الزمن السعيد , كان لها عزها و جاه و سلطان في الأسواق , و قام في إلقاءها على الأرض ,
و قال لصاحب الشواء , سيدي هل سمعت صوت رنين التعريفه ؟!
أجاب الجزار , نعم , و ماذا يعني هذا ؟!
قال البائس الغلبان :- هذا الصوت هو يا سيدي ثمن الشواء , و إنصرف البائس و الحلم يراودهُ في الشواء .
وهذه هي الديمقراطيه الأردنيه , بالتمام و الكمال , لا زيادة و لا نقصان , وهي مفصلةٍ كتفصيل لأصحاب النفوذ و المال , ويأكل من خيرات الديمقراطيه مَنْ ملك الدولار و الدينار , و من ملك الدرهم ليسوا على قائمة الكائنات ,
هذه هي الديمقراطية الأردنيه , رائحتها أزكمة أنوفنا , حتى أصبحنا مصابين بداء إنفلونزا رائحة شواء الديمقراطية , حيث تأملت الطبقات الدنيا من أولئك ممن يأكلون الرغيف على رائحة الشواء , أن يدخل الأردن نادي الدول الديمقراطية الحقه , وراحت الفقراء و البؤساء و المحيدون في البلاد , تنادي و أخيراً أصبح لنا مكان ليس تحت الشمس , بل في محيط بائع الشواء لنشتري سيخ لحمة الشواء ونحن نجلس على كرسي نناقش أوجاع الفقراء .
ولم تعد رائحة الشواء الديمقراطي تزكم الأنوف و تهز النفوس في البلاد و بين العباد , إذ جاء مجلس الأعيان يضع الحروف على الكلمات , و أغلق بسطة الشواء , و اليوم لم تعد رائحة الشواء تفوح في الأرجاء و الأجواء , و بهذا الإجراء من الأعيان لم تعد الدعوة عامة لإنشاء الأحزاب , و تم تعميم بطاقة دعوة آخرى و قد كتب عليها ملاحظة بين قوسين , كما يكتب في حفلات الأغنياء , يرجى عدم جلب الأطفال و الكلاب , لكنهم كتبوا غير هذا ( يمنع حضور أبناء الشعب الفقراء ) و نوم سعيد , و أحلام الشواء إنتهت ,
نعم أحلام سعيده , فالأحزاب للطبقات الرأسماليه و النفوذ و للشعب الأحلام .
وكل شواء ديمقراطي و أنتم بخير .

(112)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي