دكتوراه في الإعلام - فرنسا
عندما تنطلق أعواد الكبريت، أقصد صواريخ بسيطة الصنع، من غزة باتجاه الكيان الصهيوني، يسارع مجلس الأمن، لعقد اجتماع طارئ يدين فيه تلك الهجمات ويعرب عن تضامنه الكامل مع المحتل. في تيمور الشرقية، قام مجلس الأمن ليس فقط بإدانة إندونيسيا ولكن بفصل الإقليم ومنحه استقلالاً كاملاً. حتى إن مجلس الأمن لا ينتظر يوماً واحداً لإدانة السودان، أو إدانة تفجيرات دمشق وحلب، بينما يتفرج على مجازر الأسد، ويحلو له، على ما يبدو، متابعتها.
في قرية الحولة بريف حمص، قام جيش النظام الغادر باستهداف أبنيتها ومساجدها بالدبابات والمدفعية طوال النهار والليل، حتى إذا فرغ من ذلك أدخل عصابات الشبيحة الشبيهة تماماً بعصابات الهاغانا الصهيونية إلى القرية المسالمة، التي لا سلاح فيها ولا إرهاب.دخل الشبيحة على النيام من النساء والأطفال، وعملوا فيهم تذبيحأً وتقتيلاً، فارتقى من أهل البلدة ستة ومائة شهيد بينهم خمسون طفلاً.
قيد القتلة أيدي الأطفال وراء ظهورهم ثم بدأ القتل للتسلية والمتعة، وما إن انبلج النهار حتى بدأ اكتشاف الجثث واكتشاف المجرزة الرهيبة.
ينظر العالم اليوم إلى خمسين طفلاً قتلوا مقيدي الأيدي، ومع ذلك صمت ولم يدع حتى إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن.وزيادة في الوقاحة السياسية وانعدام الأخلاق والضمير الدولي. أعلن المبعوث العربي والأممي كوفي عنان أنه سيتوجه إلى دمشق يوم الأربعاء المقبل. ويوم الأربعاء، هو موعد استماع مجلس الأمن لتقرير الرجل حول سورية، بما يعنيه ذلك أن مجلس الأمن قد قرر تأجيل الاستماع لإحاطة عنان، وبما يعني منح فرصة جديدة لبشار الأسد للإمعان في القتل والتدمير.
الرئيس الأمريكي أوباما، يرى كغيره من قادة الغرب، أن خطة عنان هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة في سورية، وهم يعلمون أن هذه الخطة قد ولدت ميتة. إذ يفرض البند الأول منها، توقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين، ويعلم أوباما وغيره، أن العنف ازداد مع قدوم المراقبين، وأن نظام بشار لم يطلق سراح أحد ممن اعتقلهم ظلماً، ناهيك عن آلافٍ تم اعتقالهم تحت أعين المراقبين أنفسهم. فليفسر لنا العالم المتحضر كيف يعول حتى اليوم على خطة عنان،
بان كيمون، يحذر من تسليح المعارضة السورية، وكذلك هيلا ري كلينتون والجنرال مود أيضاً، وغني عن القول والكيان الصهيوني أيضاً. لكن أحداً من هؤلاء لم ير الباخرة الروسية التي وصلت اليوم إلى ميناء طرطوس وفرغت حمولتها من الأسلحة الفتاكة، وتلك مساهمة روسية في قتل الشعب السوري، فهم يعلمون أن الأسد لا يحارب أحداً بل يقتل شعبه.

كيف وصلت تلك السفينة المحملة بالأسلحة إلى سورية في ظل عقوبات أوروبية وأمريكية على نظام الأسد؟ ألا يكفي هذا المثال ليظهر حجم التآمر على الشعب السوري ومحاوله قتله وإنهاكه، لتبقى سورية ضعيفة للأبد، ولكي يبقى الأسد حاكماً عليها وحامياً للكيان الصهيوني.
التعويل على المجتمع الدولي ليس من أركان الثورة السورية، إنما نحاول هنا فضحه لا غير، السوريون بدأوا مظاهراتهم في درعا، وهم لا يفكرون أصلا بالحصول على مساعدة بان كي مون و لا أوباما ولا غيره. ثاروا لأن الحراك الثوري كان قد أصبح ضرورة لا بد منها.
عندما يقوم المجرمون بقتل خمسين طفلاً مقيدي الأيدي، فيجب أن يقتلوا، ليس من نواقض السلمية، أن يقوم الجيش الحر ويقوم السوريون كلهم بالتسلح، والهجوم على القاتل وإبادته بالكلية. على كل سوري حر أن يدافع عن نفسه بما تملكه يداه ولو كان سكين المطبخ أو شفرة الحلاقة. فالدفاع عن النفس حق مقرر في كل الأديان والأعراف والقوانين.
يجب أن نعلم اليوم أن بشار الأسد أصبح في مرحلة الإفلاس، ولم يعد يعي ما يفعله، فزيادة القتل والإجرام، دليل على قرب نهاية هذا النظام الطائفي البغيض.
بقي أن نقول طوبى وغار للشعب السوري البطل الذي لا يقاتل النظام فحسب بل يقاتل المنظومة العالمية اللا أخلاقية والقوانين الدولية الوضيعة، وحوبى وعار على هذا النظام الذي يستمرأ قتل شعبه، وعلى هذا المجتمع الدولي الذي يستمرأ الصمت من أجل مصالحه.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية