من المتعارف عليه في علم السياسة والتسييس أن يكون الطموح الشخصي هو الحافز الأول عند العاملين في السياسة والمفترض أن الأمر غير ذلك عند العاملين في حقل المعرفة والثقافة وحكاية الأفندي السوري ـ برهان غليون ـ مجرَّد استثناء وخرق صارخ لهذه القاعدة..! ثم إنه لا بد من التأكيد على مسألة أنه لا عيب في أن يكون الطموح الشخصي محركاً أساس غير أن ذلك يبقى صالحاً في الظروف الطبيعية أما عند الأزمات الوطنية الكبرى فإن الأخلاق السياسية تكون هي المعيار والناظم في العمل السياسي برمته..!؟
والآن، وبعد أن اتضحت بكل جلاء مناورات الشيوعي المنشق ـ قدري جميل ـ والذي استثمر بذكاء أزمة وطنية رأى فيها فرصة ثمينة لن تتكرر..! وأنه سارع ليلعب دور المعارض الوطني الشريف التي أصبحت السلطة السورية تبحث عنه في كل زاوية فهو أعلن عن تشكيل جبهة التغيير والتحرير بالتحالف مع المنشق الآخر عن الحزب السوري القومي الاجتماعي.. ثم ولكي تكون هذه الجبهة مقنعة للرأي العام باعتبار أنه لم يسبق له ولحليفه الآخر أن تشرفا بمعرفة الزنازين ولو ليوم واحد فقد عمل على استقطاب معارضين ممن أمضوا سنين عديدة في السجون.. وبالفعل نجح في استقطاب المعارض البعثي ـ عادل نعيسة ـ الذي سبق وأن سجن لأكثر من عشرين سنة..! بعدها، وبعد مسارعة السلطة لتبني واحتضان جبهة التغيير والتحرير على أساس أنها تمثل دور المعارضة الوطنية الشريفة..! وبعد أن ظلت فكرة حكومة الوحدة الوطنية لا غير الشغل الشاغل لهذه الجبهة حتى صارت جملة ( حكومة وحدة وطنية ) ترد مثل البسملة في كل تصريح وبيان وحديث على أنها المخرج السحري والسلمي والآمن ومدري شو كمان حتى صار بعض السوريين يسمونها: جبهة التغيير والتوزير بما يعني أنها الممر الآمن والسلمي نحو التوزير، والتكريم، والتبجيل، فقد التحق بها بعض السجناء السابقين من حزب العمل الشيوعي ومعارضين آخرين سبق وأن أعلنوا عن ترؤسهم للجان افتراضية سموها لجان العمل الشعبي للتغيير السلمي وكل ذلك على أساس يعني إعلان تحالف جديد اسمه ائتلاف التغيير السلمي يعني جماعة تعرف كيف تخرج البلد من أزمتها المستعصية كما تخرج الشعرة من العجين..!؟
ثم عندما جاءت انتخابات مجلس الشعب وتبين للجبهة أن القيادة القطرية التي لم تخرج بدرس واحد بالرغم من الدروس البليغة التي قدمتها الأزمة الوطنية الدامية لم تف بوعودها السخية..! أعلنت قيادة الجبهة بطلان الانتخابات وطالبت بحل المجلس وهددت بعدم المشاركة بأعماله وقد شكَّل هذا الإعلان الحرنبائي مناورة ضاغطة في الزمن الصعب ما لبثت أن أثمرت عن تجدد الوعد الصادق بإلحاقهم بالحكومة الجديدة.. وعلى اثر هذا الوعد المتجدد سارع الرفاق إلى حضور جلسة القسم بعد أن ابتلعوا ألسنتهم وهاهو الشيوعي العتيد ـ قدري جميل ـ يقسم على المصحف بأنه سيحترم الدستور المعدَّل الذي ارتأته القيادة القطرية.. وأنه سيناضل لتوحيد الأمة العربية كما يراها فكر الحزب القائد لكن بالتأكيد بعد الانتهاء من توحيد أحياء حمص وغيرها..! وهكذا فقد تبين للصغير قبل الكبير بعد انتخابات الإدارة المحلية وبعد انتخابات مجلس الشعب أن حزب البعث لا يزال قائداً للدولة والمجتمع وللمعارضة الشريفة الأمر الذي دفع عدداً غير معلوم من السوريين للقول: إن عملية مسح المادة الثامنة من الدستور مجرَّد فبركة تكتيكية في زمن صارت فيه الفبركة فناً رائجاً في كل مكان وعلى كل صعيد...!؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية