لم يعد مهماً بالنسبة للمواطن السوري العادي الذي تسمّر طوال ليلة أمس الأحد 20-5-2012 أمام شاشات التلفاز والكمبيوتر ليتابع الأخبار ويتحسس حقيقة ما يجري في عاصمة الأمويين التي استحال ليلها إلى حفلة لإطلاق "الألعاب النارية"، فلا تمضي ساعة دون سماع أصوات انفجارات ضخمة وإطلاق رصاص كثيف من عيار ثقيل، وكأن القيامة قد قامت!
ليلة الأحد التي أعلن صبيحة اليوم التالي الجيش الحر عبر العقيد الحبوس، رئيس المجلس العسكري المعارض في دمشق، أسماء أعضاء في "خلية إدارة الأزمة" يفترض أنهم تعرضوا للاغتيال، ومن بينهم وزيرا الدفاع والداخلية ونائب رئيس هيئة الأركان آصف شوكت ورئيس مكتب الأمن القومي ونائب فاروق الشرع وهو "مدير ما يسمى خلية إدارة الأزمة".
ليأتي النفي الرسمي من خلال مسارعة التلفزيون الرسمي لمقابلة كل من وزير الداخلية الشعار ومساعد نائب رئيس الجمهورية العماد حسن توركماني، في ظاهرة الأولى من نوعها منذ بداية الأزمة.
الهيئة العامة للثورة السورية، وفي بيان لها وصل "إيلاف" نسخة منه، أكدت أن إطلاق نار كثيفاً ودوي انفجارات سمع الليلة الماضية في أحياء عديدة من دمشق، بينها المزة وكفر سوسة والميدان والشعلان وشارع بغداد.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن إمدادات عسكرية هامة توجهت إلى منطقة كفر سوسة، مضيفاً أن انفجارات قوية سمعت في ميدان العباسيين.
كما تحدث الناشطون عن اشتباكات عنيفة جرت فجر الأحد بين الجيش الحر والجيش النظامي بمنطقة جسر الليوان قرب منطقة كفر سوسة, وأكدوا أن قوات النظام أقامت حواجز عسكرية أمنية بمناطق مهمة من العاصمة.
اشتباكات منطقة كفر سوسة وجسر الليوان يكاد سكان دمشق سمعوها بأجمعهم لحجم الانفجارات وأصوات الرصاص الذي حرمهم النوم لساعات طويلة، وكل الجميع يتهامس أن شيئاً ما قد حدث الليلة، وكان حدس السوريين في مكانه، إذ كان الإعلام الرسمي السوري مرتبكاً، وسارع منذ الصباح لنفي نبأ مقتل وزير الدفاع ومساعد نائب الرئيس، دون أن يتمكن من نفي مقتل بقية أعضاء الأزمة.
يتهكم السوريون من غباء إعلامهم الرسمي، فمسارعة التلفزيون السوري لنفي نبأ بثته ما يسمى "بقنوات الفتنة" أي الجزيرة والعربية، لم يتطرق إلى تكذيب وجود ما يسمى "خلية إدارة الأزمة"، كما أنه بدا غريباً ومرتبكاً ومثيراً للشكوك لحجم الإصرار على النفي وإنكار الواقعة، حيث لم تتوقف هواتف المواطنين السوريين النقالة، ومنها هاتفي الشخصي، عن تلقي عشرات الرسائل الخاصة (لا الإعلانية) من وكالة الأنباء السورية سانا لنفي لخبر طوال اليوم، وكأن رسائل الوكالة الإخبارية قد جن جنونها فجأة.
ورغم محاولة البعض اللجوء إلى الانترنت لمعرفة حقيقية ما جرى والتأكد من نبأ مقتل هذا الكم الكبير والخطير من مسؤولي الدولة في ضربة واحدة، إلا أن حجب السلطات السورية لموقعي العربية نت والجزيرة نت الإخباريين قد حال دون ذلك، ولم يتبق أمامهم سوى شاشات التلفاز والتسمر أمامها في ظل حالة من الهدوء النسبي والمخيف الذي سيطر على شوارع دمشق هذا الصباح.
وبعد خروج كل من المسؤولين السوريين على شاشة التلفزيون الرسمي السوري ليعلن ما وصفه "تكذيب" نبأ مقتلهما، انتاب عدد من السوريين حالة من اليأس والإحباط سرعان ما تبددت مع سريان شائعتين قويتين الأولى تتحدث عن مصرع آصف شوكت صهر الرئيس السوري في عملية الليلة السابقة.
والأخرى تتحدث عم مقتل ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، من قبل أحد المجندين الذين أفرغ ما يقرب من 30 رصاصة في جسده، الأمر الذي برر به السوريون موضوع إغلاق الطرق المؤدية على مشفى الشامي، أحد المشافي الهامة في العاصمة، ومن ثم رحيل طائرة عسكرية بشكل مفاجئ من مطار المزة.
ارتباك وفلتان أمني وتصاعد من وتيرة العمليات العسكرية داخل العاصمة، تنذر باقتراب ما يقول عنه أنصار المعارضة والثورة، من أن ساعة الصفر قد دقت وحانت، أو على الأقل.. كانت الليلة الماضية تمريناً واختباراً صغيراً لها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية