نموذج عن التخريب الوطني الأسدي: مشروع دمّر مثلا!...المهندس سعد الله جبري

قمت بتاريخ 20/ 5/2012، بالتعليق على خبر نشره موقع "زمان الوصل " في ذات التاريخ، عنوانه " تقرير مفصل.. كل المعلومات المتاحة عن اغتيال "خلية الأزمة "، وكان تعليقي بعنوان : إذا صحَّ الخبر....
وقد فوجئت بشخص سمّى نفسه " مهندس بيعرفك مليح مليح مل " مُعلّقا على تعليقي:
نحس الله ....
سعدالله جبري... ياحرامي مشروع دمر وأحد أول من أسس للفساد والنهب في سورية... استحي على شيبتك واحكي كلمة طيبة أو ....
Syria
فوجئت وحزنت أن يخرج عن مواطن عربي سوري، مثل ذلك الكلام، وتفكرت بأنه إما أن يكون من عملاء النظام، فقوله يتناسب مع أخلاقية وطبيعة النظام الأسدي الشديد الفساد والتخريب بل والخيانة الوطنية العُظمى، والذي أُعارضة علنا بشدة! أو هو شاب صغير السن جاهل لا يعلم حقائق الأمور، فقررت أن أكتب المقال التالي، ليس توضيحا وردّا لاتهام كاذب لي بسوء الأمانة فحسب، ولكن لأبين للشعب السوري، عقلية الفساد والتزوير التي تردّ بها السلطة الأسدية وعملائها على رجال المعارضة والحقائق عامّة، باتهامات مزوّرة لا أساس لها!
أقول للسيد "مهندس بيعرفك مليح مليح مل... "
أولا: أنت تُشكك في أمانتي يا عميل نظام الفساد واللصوصية من أعلاه "أقصد حافظ وبشار الأسد " إلى أدنى كلب من الموالين امثالك!
أقول لك ما يعرفه جميع المسؤولين ورجال الأمن السوري – خاصة- عنّي، وما هو محفوظ في وثائقهم منذ سبعينات القرن الماضي وحتى الآن أكيداً، عن عملي وأمانتي المُطلقة في بناء مشروع: عجزت حكومتك وقياداتها الأسدية وأذنابهم، عن تكرار مثيله طيلة الأربعين سنة الماضية، رغم تفاقم أزمة السكن، إلى الدرجة التي يعرفها ويُعانيها أكثرية الشباب السوري منذ أكثر من ثلاثين سنة وحتى اليوم!
في عام 1978، وعندما اقتربت حاجة مشروع ضاحية دمّر، لمواد الإكمالات لإكساء البيوت التي انتهى بناء هيكلها، تمهيدا لتسليمها لأصحابها، تقدم رجل لبناني قدِم لمكتبي في دمّر، وقال بصريح العبارة أنه شريك لرفعت الأسد! وقال أنه مُكلف بأن يقدم أفضل عروض لمواد الإكمالات. فأجبته أن الإدارة تقبل منه ومن جميع العارضين، عروض أسعار متوافقة مع النوعيات المطلوبة! ومن يقدم أفضل سعر لمواد مطابقة للمواصفات المطلوبة، فسيقبل عرضه دون حاجة إلى وساطة، وغيرها!
عاد "اللبناني " بعد شهر تقريبا (لم أعد أذكر أسمه بعد 34 مرور سنة) وقدّم عرضه، مُبديا رأيه بتهديد مُقنّع، أن الحكمة تقضي بتفهم العلاقات السياسية "وأننا نحن اللبنانيين لم نتفهم ذلك في حينه، ولذلك نحن نعاني الحرب اللبنانية، وندفع ثمنها الآن "آنئذٍ "، وأن الكثيرين منا خسروا أعمالهم وانقلبوا إلى الفقر والحرمان.... "
قامت لجنة العروض في المشروع بدراسة عرض رفعت اللبناني، ومقارنته مع الأسعار العالمية التي وصلت للإدارة حينئذ، فتبيّن أن أسعار "رفعت وشريكه " تزيد عن 400% عن أغلى أسعار معروضة وموجودة لدينا!
عاد اللبناني، فأبلغته رفض عرضه لارتفاع الأسعار 400% عن ما هو لدينا فعلا، ليقول بوقاحة، ولكن ذليلة، بأن العرض يشمل وضع نسبة 5% من القيمة الإجمالية في بنك سويسري بإسمك "إسمي " شخصيا!!
وهنا ، وجهت له إهانة شديدة، مختتما بأن أخلاقياتي والشعب السوري تختلف عن إخلاقياتك، وأن شريكك لا يهمني، بل تهمني مصلحة المشروع والعمل بأمانة!
عندها اقترب اللبناني منّي، وتساءل هل هناك آلة تسجيل، وتجرأ وفتح درج مكتبي، فلم يرَ شيئا، فانصرف خائبا خاسرا!
مع بدايات عام 1979 تم إنجاز جميع مباني ومساكن الجزيرتين الثالثة فالثانية، وكانت الجزيرة الخامسة على أهبة التسليم خلال شهر أو شهرين!
ثانيا: في أواخر عام 1979 جرت إنتخابات حزبية للقيادة القطرية، فنجح بها رفعت الأسد وأنصاره بالأكثرية، وأصبح رفعت مسؤولا رئيسيا – أكثر من قبل- في جميع الشؤون! ففرض "صبيّه " عبد الرؤوف الكسم، رئيسا للحكومة! وكان القرار الأول إطلاقا للكسم، هو تشكيل "لجنة تحقيق " للتحقيق في أوضاع، وعقود، وتقدم العمل في مشروع دمر، وإحالة من تجده مُرتكبا ومقصرا إلى القضاء! كانت اللجنة برآسة موظف في وزارة الإسكان أسمه "جورج بشور ".
قدمت اللجنة بعد يومين، وطلبت تخصيص غرفة لها في الإدارة، ومن ثم قامت بالدوام الكامل طيلة ثلاثة أشهر متوالية، فاطلعت على جميع عقود المشروع، وإنتاجية مصانعه ومبيعاتها، وتقدّم سير المشروع، وطلبت مني تقريرا عن اسباب تأخر المشروع نسبيا، وأسباب ارتفاع التكلفة، فقدمته إليهم متضمنا التالي:
1. إن الدولة هي البائع الوحيد لمادة الإسمنت، وقد أعلمتُ الحكومة وانتروميتال رسميا عدة مرات أن حاجة المشروع اليومية هي حوالي 220 طن من الإسمنت، ولكن " انتروميتال " لا تُسلمنا إلا 140 طن يوميا كحدٍّ أقصى! وهذا سبب التأخير، وتشهد وثائق المشروع انه لا يتبقى ذرة أسمنت في "سيلوهات " المشروع في أي بوم عمل!
2. كان سعر الإسمنت في وقت إعلان المشروع هو 80 ليرة للطن الواحد! وقد رفعت الحكومة سعر الإسمنت عدة مرات حتى وصل سعر الطن على أيام الحكومة " الكسمية " إلى 400 ليرة، وهذا هو سبب الإرتفاع الجزئي في تكلفة بيوت المشروع!
ثالثا: بعد ثلاثة أشهر، أنهت اللجنة عملها، وغابت عن المشروع، ولم تقدم لنا صورة من تقريرها، ولم يقم أحد بإحالتي إلى القضاء... فذهبت إلى مكتب السيد جورج بشور في وزارة الإسكان، وسألته عن الموضوع، فأجاب بأنه تم إنجاز تقرير اللجنة، وتم رفعه إلى السيد "عبد الرؤوف الكسم " رئيس الحكومة منذ ايام، للإطلاع!
طلبت منه نسخة من التقرير، فأجابني بأن هناك تعليمات مُشددة بعدم تزويدك بأي نسخة من التقرير! جادلته بأدب، ودعوته لتحمل مسؤولياته الأخلاقية ومقتضيات الشرف والرجولة والشعور الوطني. ففتح درج مكتبه وسلمني نسخة من التقرير موقعة من جميع أعضاء اللجنة!
ثالثا: مضمون التقرير
كان التقرير من صفحتين، وقد تضمن التالي:
1. ثناء على جميع العقود وأسعارها بالتناسب بأسعار مثيلاتها في الدولة، وعلى تقدم العمل ونوعيته، وعلى مستوى إدارة مشروع كبير جدا يُشكل تجربة وطنية هي الأولى من نوعها في سورية!
2. لوم للحكومة على تقصيرها بتأمين تمويل المصرف العقاري بشكل كاف يتماشى مع سير العمل،
3. تحميل الحكومة مسؤولية ارتفاع التكاليف، لقيامها برفعها أسعار المواد الأولية المحصور بيعها بمؤسسات حكومية، وأهمها الإسمنت بالذات الذي يُشكل العامل الأكبر في التكلفة، والذي ارتفع سعره بنسبة 400% عن عام 1976، ولكن إدارة المشروع اضطرت لرفع التكلفة إلى20% فقط، وترى اللجنة أنه نسبة معقولة جدا! قياسا لارتفعات الأسعار الحكومية!
4. حسمت اللجنة المسألة المقصودة وهي الحديث عن وجود تلاعب أو فساد في المشروع يقتضي الإحالة للقضاء بقولها: أن جميع العقود وإجراءاتها صحيحة، وأن أسعار جميع موادها أدنى – بكثير- من أسعار جميع العقود الحكومية لمثيلاتها من المواد.
رغم استلام الحكومة ورئيسها "الكسم " التقرير المذكور، فقد أصدر أوامره بمنع أنتروميتال من بيع أي مواطن أو جهة خاصة أو عامة لمادة الإسمنت، وحصرُ تسليماتها إلى مشاريع "القصور الجمهورية " حصراً! وكان الواضح أن المقصود هو حرمان مشروع دمر خاصة من الإسمنت!
وبالرغم من ذلك، فقد أدرك مدير عام انتروميتال حقيقة المؤامرة الرفعتية الكسمية، فأخذ يُسلمنا كميات محدودة لا تزيد عن مئة طن يوميا، واشترط على تكون بعد منتصف الليل، وكان يجري استهلاك الكميات المحدودة جميعا خلال الساعات الأولى من اليوم التالي!
بعد فشل رفعت الأسد وصبيّه الخائن عبد الرؤوف الكسم – من عائلة دمشقية يهودية الأصل – من توجيه أي تشكيك أو إدانه لشخصي، قام "الكسم " بتوجيه كتاب رسمي من رآسة الوزراء لإدارة المشروع بوجوب إقالتي من إدارة المشروع، وبدون إبداء الأسباب!
رفض مجلس الإدارة بأكثريته الطلب الحكومي، كون المشروع تعاونيا، أي قطاع خاص، وان ليس للحكومة السلطة عليه إلا بمراقبته ماليا وتعاقديا، وأية احتمالات لسوء الأمانة، وأو العجز عن تنفيذ التزاماته تجاه أعضائه!
طلب السيد "المرحوم " وليد حمدون نائب رئيس الحكومة هاتفيا من مجلس الإدارة وأثناء انعقاده في جلسته الأسبوعية – يوم الأربعاء - في الساعة التاسعة ليلا من شهر آب عام 1980، الحضور إلى مكتب الإجتماعات في مبنى الحكومة، لإبلاغهم ومناقشتهم قرار الحكومة!
حضر الإجتماع جميع اعضاء مجلس الإدارة، ونائب رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ووزير الإسكان – وكان صبيّا تافها لعبد الرؤوف الكسم " فكرّر السيد حمدون طلبه مني بتقديم إستقالتي، ولما سألته ما هي الأسباب! أجاب 1) تأخير المشروع عن الإنجاز، 2) رفع تكاليفه 20% عما كان قد أعلنت عنه في عام 1976!
فتساءلته علنا:
أولا: هل هناك من يبيع الإسمنت خاصة وجميع المواد المحصورة بانتروميتال، للمشروع ولجميع شركات وأفراد القطاعين العام والخاص، إلا الحكومة؟ فوافق بأن الحكومة هي المصدر الوحيد للأسمنت في البلاد! فقلت كيف تريد أن ينتهي المشروع في وقته وحاجة المشروع اليومية من الإسمنت هي 220 طن، بينما لا تسلمنا انتروميتال إلا 120 طن أو أقلّ يوميا "مُؤخرا "؟
ثانيا: هل تستطيع إدارة المشروع ان تفرض على الحكومة سعر الأسمنت؟ وأن تٌلزمها بأسعار عام 1976؟
ثالثا: كيف لإدارة المشروع أن تعرف أن السلطات السورية ستقوم برفع سعر الإسمنت – مثلا واحدا من عشرات المواد – تكرارا، حتى وصلت نسبة ارتفاع سعره إلى 400% عن سعره عند الإعلان عن المشروع؟
فأجاب جادّا: كان يجب أن تعرف ذلك!! فأجبته أتساءلك: قبل شهور رفع الرئيس "حافظ الأسد " الرواتب لجميع الموظفين والعمال بنسبة 25%! وفي ذات الليلة، قام السيد "عبد القادر قدورة " نائب رئيس الحكومة للشؤون الإقتصادية، بإعلان – على شاشة التلفزيون / صوت وصورة – بأن مرسوم الرئيس، لن يستتبعه أية زيادات في أسعار أيٍّ من المواد! ولكن وبعد أقلّ من 24 ساعة قام وزير التموين آنئذٍ بإعلان قرار يرفع أسعار كل شيء تبيعه الدولة للمواطنين والشركات العامة والخاصة، بنسبة تراوحت بين 200% إلى400%! وتابعت: فكيف تُريدني أن أعلم وأنا مواطن عادي غير مسؤول في الحكومة، قبل أربع سنوات أن الحكومة سترفع الأسعار، بينما نائب رئيس الحكومة للشؤون الإقتصادية لا يعرف قبل 24 ساعة أن الحكومة ذاتها سترفع الأسعار بالنسب المذكورة؟
ولم يُحر السيد حمدون جوابا، ولكنه قالك أمامك أحد خيارين: إما الإستقالة، أو توجيه تهمة محاولة قلب نظام الحكم لك! صُعقتُ من إجابة "حمدون " نائب رئيس الحكومة! وقلت له في هذه الحالة فقط أقبل مضطرا، وغصبا عني أن اقدم استقالتي!
وفي اليوم التالي قمت بزيادرة حمدون في مكتبه، وسألته، برجاء بيان كيف لي أن أعمل لقلب نظام الحكم، وأنا مجرد مهندس معماري، وليس لي أي تنظيمات مسلحة أو عسكرية؟ فضحك عاليا قائلا: بنّدبّرها لك: إما أنك مُوجه من بعث العراق، أو أنك من الإخوان المسلمين !! وأقسم بالله العظيم على صحة الجواب!!
وقدمت استقالتي! ويشهد الله تعالى بأني لم أتقاضى رشوة في حياتي، لا في مشروع دمر، ولا قبله، ولا بعده! ويشهد الله، أني كنت أصرف راتبي كاملا قبل نهاية الشهر، وأنه لم يكن لدي أي حساب في أي بنك سواء في سوريا أوخارجها، ولله على أقول شهيد!
أصبحت بدون أي دخل إطلاقا، وكانت زوجتي تعمل مهندسة في مشروع دمر، فتم إقالتها من قبل الإدارة الجديدة، وهكذا انقطع كل دخل يُتيح لي القدرة على استمرار الحياة! بل وتوقفت قدرتي عن سداد أقساط البنك العقاري الإلزامية، وحيثُ كنت قد اقترضت منه ما مكنني لبناء بيت صغير لي في المزة، وذلك قبل مشروع دمّر بخمس سنوات!
ملاحظة صغيرة عن معاناة من جهل واحد أو أكثر من ممثلي حميعة المعلمين السكنية التي شاركت في المشروع، وأسمه أحمد عبيد، والذي كان يُعارض في كل شيء عن جهل هندسي كامل وقصر نظر إداري، ولكنه لم يتجاوز ولا مرّة واحدة لتوجيه تهمة سوء الأمانة!
شكّلت بعد استقالتي في تشرين الثاني مع عدد من المهندسين مؤسسة تعاونية للعمل الهندسي – في سوريا وخارجها – وصدر تأسيسها في الجريدة الرسمية بنهاية عام 1980! وبعد أقلّ من الشهرين، أصدر رئيس الحكومة "الكسم " قرارا بإلغاء التعاونية الهندسية المذكورة! فراجعت – وزملائي - محاميين من كبار محامي دمشق – كلاهما كان نقيبا للمحامين، ووزيرا على عهد البعث- فأجابا بأن الإلغاء غير قانوني، باعتباره لا يستند إلى أي مخالفة او قرار قضائي، وأن الشخصية الإعتبادرية كالشخصية الإنسانية، يُمكن محاسبتها وعقوبتها عند وجود المُسبب، ولكن لا يُمكن إعادتها إلى بطن أمها!! وتعهدا بإلغاء قرار رئيس الحكومة في جلسة واحدة في محكمة مجلس الدولة!
في الجلسة الأولى تقدم محامي الحكومة بطلب التأجيل ليتمكن من مراجعة وثائق الدعوى، فوافق القاضي ".... العجلاني " – نسيت أسمه الأول- وأجلَّ الجلسة لغاية نيسان من ذات العام!
في الجلسة الثانية، قام رئيس مجلس الدولة بإصدار حكمه بردّ الدعوى لعلّة عدم الإختصاص، وذُهل المحامون والحضور جميعا، فمجلس الدولة هو المحكمة الدستورية الوحيدة التي تنظر في خلافات المواطنين مع الدولة! وتقدم محاميي من القاضي يسألانه السبب في قراره، فأجاب بالحرف الواحد: " اتصل بي عبد الرؤوف الكسم مساء البارحة هاتفيا إلى بيتي، وقال لي بالحرف الواحد: إذا أصدرت حكمك لصالح سعد الله جبري، فستُنقل إلى الحسكة في اليوم التالي!! " وأردف " تعلمون أن سني قاربت الستين، وانه لا قدرة صحية واجتماعية لي على الإنتقال إلى الحسكة، وما كان أمامي أن أحكم إلا برد الدعوى، تهربا من الحكم لسعد الله جبري!ّ وهذا هو وضعي!
تراسلت مع قريب لي يعمل في السعودية، فأمّن لي عقد عمل في شركة سعودية خاصة للمقاولات، وبراتب شهري قدره 20,000 ريال إضافة إلى 5,000 ريال بدل سكن شهري – أي ثماني أضعاف راتبي في مشروع دمّر - !! غادرت البلاد في نهاية أيار 1981 مقسما بالله أن لا أعود إليها إلاّ بعد سقوط النظام الأسدي الظالم المتسلط على سورية!
وما زلت أنتظر!
أما بالنسبة للمشروع فلقد تباطأ أولا، ثم توقف كلّية بعد شهرين من استقالتي، وحيث قام عبد الرؤوف الكسم بالطلب من مؤسسة الإسكان العسكري إكمال المشروع، فرفض مديرها العام خليل بهلول! فطلب من مؤسسة الإنشاءات العسكرية، العمل على استكمال المشروع، فقام المقدم المهندس محمود الكردي بمباشرة العمل بعقد إجتماعات مع أعضاء مجلس الإدارة، وكان منهم السيد مندوب جمعية المعلّمين السيد "أحمد عبيد " المذكور واختلفا، ويبدو أن أحمد عبيد قد طرح ذات أفكاره وتصوراته السخيفة عن كيفية إدارة المشروع، ثم تطاول على المقدم المهندس محمود الكردي الذي أجابه بصفعة على وجهه صارخا فيه: يخرب بيتك، كيف كان سعد الله جبري يتحملك؟؟
وبعد ذلك توقفت مؤسسة الإنشاءات العسكرية عن العمل لأسباب لا أعرفها! وتوقف المشروع عن العمل لمدة عشر سنوات، وقد ضجّ الساكنون في المشروع في الجزيرتين الثانية والثالثة بعد أشهر من توقف المشروع، فأرسل عبد الرؤوف الكسم، نائبه عبد القادر قدورة، فاجتمع بهم في صالة السينما في المشروع، وقام باتهامي بالفساد مبررا بذلك إجباري على الإستقالة، فقامة ضجة شديد جماعية بالإعتراض على الكلام المذكور، ثم قامت إحدى أعضاء نقابة الفنانين صارخة في القدورة: بل أنتم اللصوص، وإن سعد الله جبري أشرف منكم جميعا، وساد الهرج الجماعي، فانسحب عبد القادر قدورة هاربا من الباب الخلفي!
تم استؤنف العمل في المشروع وانتهى مع بدايات عقد التسعينات! وهكذا تأخر المشروع عشر سنوات فارتفعت تكاليفه بنتيجة ارتفاعات جديدة متوالية في أسعار المواد والعمالة، ودفع رواتب عمالة لم يتم إقالتها عن العمل طيلة فترة التوقف! بينما كان المشروع على أبواب الإنتهاء الشامل النهائي في نهاية عام 1981!
وهكذا كان الحكم الأسدي على أيام حافظ الأسد، وخليفته بشار الأسد في جميع مشاريع البلاد، بالتخريب الذي لا يُمكن إلاّ أن يكون مقصودا، بقصد تخريب جميع أنشطة البلاد الإقتصادية والإنمائية والسكنية والأخلاقية، ولكي تبقى سوريا بلدا ضعيفا مُتخلّفا، تُرافق شعبه جميع أنواع الأزمات، فيهرب مواطنوه ومثقفوه إلى الخارج، فيفيدون مضطرين بخبراتهم وجهدهم دولا وشعوب أخرى بدل خدمة وطنهم سورية الحبيبة!
وهذه إحدى خيانات آل الأسد، التي منعت تطور البلاد، ونشرت فيها الفساد والتخلف والتراجع، وتسلط شخصيات من الذكور أشباه الرجال ليكونوا رؤوساء وقيادات ووزراء، عملهم وجهدهم الوحيد هو لتدمير سورية، والتسبب بالشقاء والفقروالبطالة لأبناء شعبها! وهذا هو واقع حال أكثرية الشعب العربي السوري الذي أوصلوه له منذ بدايات العهود الأسدية! والذي تفاقم، ولا زال يتفاقم يوما بعد يوم، حتى وصلت سورية وشعبها إلى ما هي عليه من عناء ومعناة وفقر وحرمان مؤلم، دفع أكثرية الشعب الساحقة للثورة لإزالة الحكم الأسدي، المعادي – وأذنابه – لأكثرية الشعب الساحقة!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية