أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الشبيحة ... والقاعدة ... ونظام الأسد ... أبو مجد الحمصي

قد ثبت للجميع أن إصرار الشعب السوري لا يزال أكبر بكثير من إجرام النظام وبطشه، وهو إصرار لا يفت في عضده تخاذل العرب والمجتمع الدولي. وحين يصرخ شبيحة النظام منددين بالمؤامرة الخارجية يضحك العقلاء ملء أفواههم، لأن الموقف الأمريكي والغربي لا يبيع السوريين غير الكلام، بينما يعلم الجميع أن السوريين يديرون معركتهم باللحم الحي والدم الزكي واثقين من أن الانتصار سيكون قدرهم طال الزمان أم قصر.
من أهم عناصر التشبيح العابر للحدود هو ذلك المتمثل في مطاردة واختراق أطر المعارضة خارج الحدود السورية، سواءً في تركيا أم لبنان أم سواهما من دول الجوار، الأمر الذي يجعل من غير اليسير الوثوق بأي من الذين يعلنون الخروج من الداخل السوري فرارا من بطش النظام بسبب حجم الاختراقات بين صفوفهم.
بل إن رسائل واضحة من طرف النظام يجري تسريبها تهدد وتتوعد الدول التي تسمح بنشاط للمعارضة السورية بأنها ستكون في مرمى الاستهداف إذا لم تكفَّ عن ذلك، فيما يعلم الجميع مدى قدرة النظام على ممارسة الاغتيالات والتفجيرات بحق المعارضين ومن يدعمونهم.
الساحات الأوروبية والدولية لا تبدو بعيدة عن هذا النشاط اليومي لشبيحة النظام، وكم من معارض في الخارج، أو شاب ينشط ضد النظام جرى تهديد أهله في الداخل، بل استهدافهم بهذا الشكل أو ذاك، ويتم ذلك من خلال التقارير التي يرسلها شبيحة النظام في الخارج عن سائر أشكال النشاطات المعارضة في العواصم الدولية والعالمية وأسماء المشاركين فيها.
هي معركة عابرة للحدود يديرها النظام، ومن ورائه إيران والمتحالفين معها؛ على أساس مذهبي مع الأسف الشديد، لاسيما أن الغالبية الساحقة من هؤلاء لا زالت تتحرك بروحية أن المعركة في سوريا هي المعركة المصيرية التي لا ينبغي التفكير في خسارتها .
ضحايا هذه التفجيرات هم كالعادة من الدراويش الباحثين عن رزقهم وهم في أغلبيتهم الساحقة من السنة بمن فيهم حرس المقرات اﻷمنية الذين هم من العناصر التي ليس لها أي دور أمني وأغلبهم مجندون ٳلزاميون. ٳذا أخذنا بعين الاعتبار طائفة الضحايا الغالبة فيصح الاعتبار أن القاعدة التي أرسلتهم ٳلى دار البقاء تعود “للطائفة الكريمة”. “قاعدة علوية يعني…”.
المقرات التي استهدفت هي مقرات أمنية للنظام ولكنها ليست حساسة ﻷهل السلطة ولا تمس أياً من أفراد العائلة المالكة اﻷسدية أو حاشيتهم ولا تهدد بشيء استقرار النظام ولا أمن جلاوزته، عدا المنحوسين منهم. اﻷكيد أن لا بشار ولا ماهر ولا رامي أو أياً من أمثالهم سينالهم أي أذى بفعل هذه الانفجارات.
من الذي فعلها ٳذاً ؟ أي “قاعدة” هي المسؤولة عن تفجيرات دمشق اﻷخيرة ؟
ٳذا استثنينا المعارضة السورية المتهالكة وغير المنظمة والجيش السوري الحر “المعتر” والذي يفتقد للتسليح والتنظيم يبقى هناك ثلاثة خيارات منطقية.
اﻷول هو أن تكون هناك فعلاً منظمة “قاعدة” أصلية قد وصلت ٳلى سوريا بعد طول انتظار وبفضل “تساهل” أجهزة أمن اﻷسد. حينها يجوز السؤال عن كفاءة أجهزة أمن لا تحمي البلد وعن أهداف هذه القاعدة وعن سبب استثنائها للمراكز العصبية الحقيقية للنظام وتجمعاته العسكرية وقطعان شبيحته و”تلهيها” بأهداف جانبية لا تقدم ولا تؤخر، عدا عن كلفتها المرتفعة بين المدنيين السنة وهم الحاضن المفترض لهذه القاعدة. هذا الاحتمال يبقى ممكناً ولو أنه مستبعد.
الاحتمال الثاني هو أن النظام السوري أو أطرافاً فيه قد قررت الذهاب في منطق “اﻷسد أو نحرق البلد” ٳلى غايته وأفلتت انتحاريين مهووسين سبق لها وأن جندتهم وأرسلتهم لسفك دماء السوريين العزل، من السنة خاصة ومن المسيحيين بشكل ثانوي. هذه الإستراتيجية تتفق مع أهداف النظام المعلنة في تصوير معاركه على أنها حرب على اﻹرهاب وتساعد في التفاف المواطنين حول النظام خوفاً من الفوضى والعرقنة، أو هكذا يظن المخططون لهذه التفجيرات.
ألم يهدد بشار اﻷسد بٳحراق دمشق حين التقى بتجارها ؟ صحيح أن هذه التفجيرات قد تنال من هيبة النظام ولكن هذه الهيبة قد فقدت الكثير منذ لعب أطفال الرستن الكرة “برأس” تمثال الرئيس الخالد حافظ اﻷسد.
الاحتمال الثالث هو أن للنظام اﻷسدي حسابات مفتوحة مع الكثيرين وأن فرصة تسديد بعض هذه الحسابات قد آن أوانها. فشرور نظام الشبيحة لم تترك بلداً مجاوراً ٳلا وطاليته، باستثناء “العدو” اﻹسرائيلي طبعاً. ربما وجد أعداء اﻷسد الفرصة سانحة لتسديد بعض الضربات للنظام .
كيف ؟ عن طريق تفجيرات قد تزعج النظام لكنها تبدو كما لو كانت في مصلحته وكما لو كان هو الفاعل !
هي ٳذا رسائل ٳلى اﻷسد أنه ليس الوحيد القادر على العبث بأمن الآخرين. رأس النظام، الذي يعرف تماماً من يفجر ماذا، أصبح يعرف أن هناك لاعبين جدد قد تسللوا ٳلى ساحته وأنهم قد أتوا ليبقوا.
نظام اﻷسد من جهته أتحفنا بنظرية عبقرية مؤداها أن القاعدة التي تهاجمه هي صناعة أمريكية صهيونية بامتياز! لا بد أن عظام الشيخ “أسامة بن لادن” تتقلب في قبره البحري.
مناسبة الحديث هي تفجيرات دمشق اﻷخيرة التي قامت بها “قاعدة” بنت عالم وناس انتظرت ٳعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب التصفيقي ونهاية عمليات الاقتراع. وباعتبار أنها “قاعدة” تفهم باﻷصول فهي قامت بتفجيراتها يوم الخميس لكي لا يتهمها أحد بالمزاودة على يوم الجمعة.




(99)    هل أعجبتك المقالة (93)

أحمد الشامي

2012-05-19

أكثر من نصف هذه المقالة عبارة عن نسخ ولصق من جزء من مقالة \"حديث القاعدة\" التي نشرتها لي بيروت اوبسرفر الخميس 17 أيار والتي أعدت نشرها في المندسة السورية. لمن يريد التأكد : http://the-syrian.com/archives/77643 رجاء ذكر المصدر حين الاقتباس وشكراً.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي