أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الكورد و اللاءات المزدوجة .. مروان سليمان


إن الكورد لم يتوقفوا يوماُ عن المطالبة بحقوقهم القومية و سوف يستمرون في المطالبة بحقوقهم المشروعة و سوف تستمر المعارضة السورية أيضاً في المطالبة بحقوقها، و يجمعهم جميعاً شعار إسقاط النظام ، هذا النظام الذي أثبت فشله في إدارة الدولة و سوف يثبت خسارته للمعركة المصيرية إذا لم يحترم إرادة الشعب السوري، و سوف تخسر المعارضة نفسها إذا لم تحترم إرادة الشعب الكردي في سوريا.
إن الواقع الذي تحقق على يد هذا الشعب العظيم من خلال هذه التظاهرات السلمية يفرض على النظام الديكتاتوري المجرم أن يحترم إرادة الشعب المعطاء.
إن سر قوة هذا الشعب و إستمراره في تظاهره السلمي هو تمسكه بمطالبه العادلة و هذه المطالب لا تخص طائفة أو فئة معينة و إنما هي مطاليب لجميع فئات الشعب و طوائفه، و الإصرار على المتابعة و المثابرة لهذه الثورة هي من أجل أن تأخذ الأمور مجراها الصحيح و يعود العدل و المساواة و أن المعركة بالنسبة إلى الشعب السوري ككل هي معركة عزة و كرامة و إستعادة لسلطة أغتصبت منذ عشرات السنين من قبل طغمة لا تعرف معنىً للإنسانية و الإنسان، و المعركة بالنسبة للشعب الكردي في سوريا هي معركة مصيرية لرفع الغبن و الظلم و سلب للحقوق و صولاً إلى المراسيم الشوفينية المطبقة بحق الكرد قديماً و حديثاً، حتى الوصول إلى حق تقرير المصير لشعب فقد الثقة بالحكومات المتعاقبة وحتى اللاحقة من خلال تصريحات قادة المعارضة بخصوص الكرد ( غليون و عبد العظيم).
إن حجم الضرر الذي تلحقه هذه التصريحات المتناقضة على الثورة السورية لها أثر أكبر من وقع الإجرام الدموي و القتل و التدمير الذي يمارسه النظام السوري يومياً في أغلب المدن و البلدات السورية ، لما لهذه التصريحات من أثر سلبي و دور ميؤوس يخلقه في نفوس الجماهير المنتفضة عامة و لدى الشعب الكردي خاصة من هذه التصريحات اللامسؤولة، و التي تدخل ضمن نطاق المتناقضات في سياسة المعارضة بشكل خاص ( المجلس الوطني السوري- هيئة التنسيق الوطنية) ضد شريك أساسي في الوطن و جزء مهم من الشعب السوري و الثورة السورية المستمرة.
إن التصريحات الغوغائية لا تخدم الثورة السورية و لا تخدم الثوار على الأرض ، بل بالعكس تخدم أعداء الثورة المتمثلة بالنظام السوري، و تشق صفوف المعارضة السورية و تشرذمها أكثر مما هي متفرقة و لا تساهم إطلاقاً في خدمة شعار إسقاط النظام الديكتاتوري المجرم.
يبدو أن قادة المعارضة قد أصابهم الإنفصام في الشخصية و التي تعني الإضطراب النفسي و العقلي الشديد و التي في هذه الحالة تتفكك وظائف الشخصية و تنسحب من الواقع و تصبح الوظائف النفسية غير متناسقة مع إضطراب في التفكير و الإدراك و المشاعر و الإرادة ، و يبدو أن كرسي الرئاسة الذي يحلم به كلا الطرفين السابقين قد أدى إلى إصابتهما بمرض التوهمات و الإهلاسات و هي عبارة عن خيالات غريبة و مشاهد و صور لا تمت إلى الواقع بصلة.
أثبت الشعب السوري بأنه قادر على أن ينتفض في وجه سلطة مطلقة و عدوة للإنسانية ، أن ينتفض ضد الظلم، و يثور على الطغاة و يثبت شجاعته في أن يعلن للعالم أجمع أهدافه الحقيقية من هذه الثورة ، و ضحى بالغالي و النفيس من أجل التغيير الذي يبتغيه، و أصبحت المعارضة بفضل هذا الشعب الجبار واقعاً ملموساً في الداخل و الخارج و عنواناً تجمع جميع فئات الشعب السوري.
إن الثورة السورية أعادت الروح الوطنية و المشاعر و الإحساس بالمسؤولية و الإنطلاق من الذات للدفاع عن قضية شعب مقهور، و من الطبيعي أن النظام يحاول قتل أنبل و أشجع ثورة في التاريخ ، و لكن الأسوأ أن المعارضة تشارك في قتلها أيضاً من خلال التصريحات المتناقضة و اللامسؤولة و التشرذم الذي لا مبرر له إطلاقاً.
إن ما يحدث في سوريا هو إصطدام بين واقعين ، واقع النظام الذي يواجه الشعب و مطاليبه بالقمع و القتل و التدمير
و منطق الشعب المستمر و المتمسك بمطاليبه العادلة و حقوقه المشروعة، ولا يمكن مقارنة ما يحدث في سوريا من قتل
و مجازر و قمع من قبل النظام الأسدي المدعوم من القوى العالمية بقضية شعب يريد حقوقه المشروعة و متابعة مسيرته السلمية من أجل نيل هذه الحقوق، و هذا ينطبق على المعارضة العربية بخصوص قضية الشعب الكردي في سوريا التي هي قضية أرض و شعب.
إن مرض الإزدواجية مرض خطير يستشري بين المغرورين و يتوجب قبل معالجته بتره، و أن من لا يحترم إرادة شعب لا يستحق أن يحكمه .

12.05.2012

(90)    هل أعجبتك المقالة (93)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي